ثقل الحقيبة المدرسية مشكلة مزمنة.. ومطالب بتعميم «الأيباد»
تحقيقات
29 نوفمبر 2015 , 02:25ص
ولي الدين حسن
اشتكى أولياء أمور من ثِقل الحقيبة المدرسية خصوصا لطلبة المرحلة الابتدائية، وقالوا إن تعدد أنواع الكتب الدراسية لكل مادة حتى وصل الأمر إلى 3 كتب للمادة الواحدة، واشتراط حمل هذه الكتب في الحقيبة جعلها ثقيلة جدا وقد تؤدي لأمراض مختلفة على ظهور صغار الطلبة، فضلا عن تعرضهم لأضرار نفسية وصحية مختلفة.
وطالب أولياء أمور استطلعت «العرب» آراءهم بتعميم فكرة الكتاب الإلكتروني «الأيباد» على جميع المدارس، وتفعيل التدريس من خلاله والاستغناء عن حمل الكتاب المدرسي، الأمر الذي سيسهم بشكل مباشر وإيجابي في الحد من تلك المشاكل.
كما أشاد عدد من التربويين بالتغيرات الإيجابية التي طرأت على الطلبة نتيجة استخدامهم التعليم الإلكتروني إلى جانب الكتاب المدرسي في بعض المدارس، وقالوا إن أولياء الأمور لهم دور مهم في إنجاح تجربة التعليم الإلكتروني وحثوا على التواصل بين المعلمين وأولياء الأمور والطلبة لتشجيعهم على الاستخدام الإيجابي للتعليم الإلكتروني، وتسهيل متابعة أولياء الأمور لتقدم أبنائهم في المواد الدراسية وتقويم وضع أبنائهم وتشجيعهم على المزيد من العلم والمعرفة.
واقترح عدد من أولياء أمور عددا من الحلول والمقترحات تسهم برأيهم في الحد من الأضرار الصحية والنفسية على الطلبة جراء حمل الحقيبة المدرسية الثقيلة كل يوم، ما يسبب لهم آلام الظهر ومشاكل في العمود الفقري والرقبة «الجنف» والعزوف عن الذهاب للمدارس والاستذكار، منها تعميم حقيبة صحية طبية لجميع الطلاب في كافة مراحل الدراسة، أضف إلى ذلك تخصيص مكان لكل طالب في المدارس يستطيع من خلاله تخزين الكتب الدراسية المدرسية، كما يمكن توزيع الكتب الدراسية الإضافية من قِبل المدرسة كل يوم ومن ثَمَّ يعاد استرجاعها.
وأعرب بعض الطلبة عن سعادتهم البالغة بتطبيق الكتاب الإلكتروني في المدارس الثانوية، مشيدين بسهولة الاستذكار عن طريق تخزين كافة المواد الدراسية، فضلاً عن سهولة حمله في كافة المناطق وإقبال جميع الطلاب واستمتاعهم بجميع برامجه وتطبيقاته، منتقدين الاستخدام السلبي لبعض الطلاب عن طريق البحث عن برامج غير تعليمية مثل الألعاب والفيديوهات، معتبرين أنه أداة تعليمية وليس جهازا للتسلية والألعاب والتصفح السلبي.
فيما انتقد بعض أولياء الأمور الاستخدام السلبي للكتاب الإلكتروني، منوهين بأن البعض يتجه لدراسة أشياء بعيدة عن المقرر الدراسي، فضلاً عن محاولة الدخول على برامج الألعاب والفيديوهات والترفيهيات ومواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بزيادة التحكم الإلكتروني بإغلاق كافة المواقع غير التعليمية، علما أن جميع تلك الأجهزة محاطة بأرقام سرية تمنع كافة المواقع السلبية.
توعية ومتابعة
في البداية قال الأستاذ حازم الصاوي، النائب الأكاديمي بمدرسة عمر بن عبدالعزيز الثانوية المستقلة للبنين: بالنسبة لشكوى أولياء الأمور والطلاب لزيادة أعباء الحقيبة الدراسية فهناك مواصفات قد تم تحديدها من المجلس الأعلى للتعليم تنص على عدم تحميل كافة الكتب الدراسية إلا للضرورة القصوى فقط، فضلاً عن تحديد واجب دراسي واحد لكل مادة في الأسبوع لتخفيف الأعباء على كافة الطلاب بمختلف مراحلهم الدراسية.
وأشار الصاوي إلى أن الكتاب الإلكتروني له العديد من الفوائد واصفاً إياه بثقافة العصر الحديث؛ حيث يجذب الطلاب إلى الإبداع والابتكار، فضلا عن زيادة الرغبة في الاستذكار وعدم الملل؛ إذ يجد الطالب أمامه المتعة التي يلقاها في جميع الأجهزة الإلكترونية المعتاد عليها من كمبيوتر وهاتف نقال وأجهزة الأيباد، مؤكداً على أن الإيجابيات الناجمة عن تلك التجربة الجديدة أكثر من السلبيات بكثير.
وبسؤاله عن شكاوى بعض أولياء الأمور من الاستخدام السلبي للطلاب أوضح الصاوي أن جميع المدارس تقوم بتوعية الطلاب على الاستخدام الأمثل للكتاب الإلكتروني من خلال الندوات والمحاضرات التي تتم داخل الفصل والمدرسة بحضور عدد من أولياء الأمور الذين تتم دعوتهم في كافة الفعاليات بجميع المدارس على حدة، أضف إلى ذلك فإن المدارس تقوم بتعليم أولياء الأمور على الاستخدام الإيجابي البناء لتلك الأجهزة عن طريق الأرقام السرية التي يتم إعطاؤها للطلاب وأولياء الأمور لسهولة التواصل بينهم حتى يتسنى لهم متابعة المواد الدراسية لأبنائهم عن بعد.
وأوضح الصاوي أن المدارس التي لم يعمم عليها الكتاب الإلكتروني تقوم بتقديم الأسطوانات التعليمية والفيديوهات لتشجيع الطلاب على الاستذكار، فضلاً عن تقديم محتوى علمي كبير وشامل بسهولة ويسر، مؤكداً على أن التعليم الإلكتروني يوفر محتوى علميا شاملا ومتعددا في كافة التخصصات بشكل مضغوط دون اللجوء إلى الكتب المدرسية التي تعد إرهاقا على الطلاب في حملها من المنزل للمدرسة كل يوم.
إيجابيات كثيرة
ومن جهته قال ياسر البلوشي، المشرف التربوي بمدرسة أحمد بن حنبل الثانوية المستقلة للبنين: إن تعميم الكتاب الإلكتروني في كافة المدارس لمجهود كبير قامت به القيادة الحكيمة من أجل دعم التعليم في مختلف مراحله التعليمية، فضلاً عن الارتقاء بمستوى الطلاب وهو ما يؤكد حرص الدولة على الاهتمام بكافة النواحي التعليمية وتقديم الدعم المادي والمعنوي للمتفوقين كونها رسالة بناءة تقوم في إثرها حضارات الأمم والأجيال القادمة.
وأضاف البلوشي: أن الكتاب الإلكتروني تم تعميمه بصفة أولية على المدارس الثانوية كمرحلة أولى ثم يتم تطبيقه على المدارس الإعدادية والابتدائية كمرحلة أخيرة، مشيراً إلى أن المجلس الأعلى للتعليم يقوم في تلك الفترة بقياس مدى التغيرات الناجمة سواء على الطلاب أو المدرسين وأولياء الأمور وفق مؤشرات وإحصاءات دقيقة، وهو نظام جيد يعطينا نحن كتربويين ومشرفين القدرة على حث الطلاب للاستخدام الإيجابي للطلاب من خلال التوجيهات والندوات التي تقوم بها كافة المدارس.
ويرى البلوشي أن الفترة الماضية لاقت إقبالاً من الطلاب على الكتاب الإلكتروني ولكن البعض يستخدمها بشكل سلبي ويعتبرها أداة للتسلية كما هو في الهاتف الجوال وللاب توب، حاثاً أولياء الأمور على ضرورة متابعة المواد التعليمية التي يقوم أبناؤهم بدراستها كل يوم من خلال الرقم السري الذي قام المجلس الأعلى للتعليم بتخصيصه لكل جهاز حتى يتسنى لأولياء الأمور متابعة كافة المناهج التي يدرسها أبناؤهم بسهولة ويسر.
وقال البلوشي: إن شكاوى أولياء الأمور والطلاب من الحقيبة المدرسية وثقل وزنها أعتقد أنها اختفت وبتطبيق الكتاب الإلكتروني على جميع المراحل التعليمية ستنتهي تلك المشاكل؛ إذ حدد المجلس الأعلى للتعليم شروطا معينة تقتضي عدم حمل الكتاب المدرسي والاكتفاء بتطبيق التكنولوجيا في كافة المناهج الدراسية، فضلا عن عدم الاعتماد الكلي على الاستذكار والحفظ ولكن حث الطلاب على البحث العلمي لتوسع مداركهم وتنويع تخصصاتهم فيما بعد.
وحث البلوشي أولياء الأمور على متابعة أبنائهم في مختلف مراحلهم الدراسية، فضلاً عن توجيههم إلى دراسة التخصصات العلمية النادرة تأكيدا على توجهات القيادة الحكيمة، منوهاً بأن المدرسة لا تستطيع بمفردها تعليم الطالب دون رعاية ودعم ومتابعة الأسرة في المنزل، ومن خلال التشجيع والدعم المادي والمعنوي ومتابعة أصدقائهم ومشاكلهم.
مشاكل صحية
ومن جهته قال صالح العساف، تربوي سابق وأحد أولياء الأمور: إن أحد مسببات آلام الظهر لدى الطلبة هو حمل الحقيبة المدرسية بأوزان ثقيلة، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الأطفال يذهب للمدرسة بواسطة سيارات الباص، ولو تخيلنا أن طالباً ينتظر الباص ثم يقوم بحمل الحقيبة على ظهره حتى وصوله للفصل، خصوصا أن هناك طلاباً فصولهم في الدور الثاني، فكيف نتخيل وصول هذا الطالب وهو يحمل ما مقداره 15 كيلو.
وأضاف العساف في بعض الحالات: أرى الكثير من الطلاب يشتكون من حمل الحقائب خصوصا أول أسبوع أو أسبوعين من بدء الدراسة، ما يضرنا إلى التوجه لمختصي العلاج الطبيعي ليقوم بوصف علاج لهم من خلال عمل تمارين رياضية، وإعطائهم راحة من الذهاب للمدرسة لأيام معدودة.
وأوضح العساف أنه كلما زاد حجم الحقيبة المدرسية زاد تعب الطالب بعد دقائق من المشي؛ حيث يؤدي وزنها الزائد لمشاكل في الضلوع وعضلات العنق وأعلى وأسفل الظهر والكتفين والساقين والقدمين واعوجاج العمود الفقري وميله لأحد الجانبين أو تقوسه للأمام واكتساب وضع انحناء الظهر الذي يلازم الطفل طوال حياته.
ونوه العساف بأن الحقيبة المدرسية الثقيلة تؤدي إلى آلام في ظهر الطالب، خاصة أن الحقيبة المدرسية اختلفت عن السابق؛ حيث أصبحت ذات أوزان مختلفة وهي خالية من الكتب الدراسية، ما قد تسبب في الضغط على الظهر، وتؤدي إلى عمل تشوهات في العمود الفقري كما أنها تضغط على الأكتاف وتؤثر على عضلات الطالب، وقد تؤدي الحقيبة إلى أن يقع الطالب عندما يصعد إلى الحافلة وهو يحملها؛ لذلك وجب علينا أن نخفف من الحقيبة المدرسية لكي ينعم الطالب بالصحة والعافية.
وتساءل العساف هل نحن بحاجة لكل هذه الأدوات والكتب الدراسية والكراسات ليحملها أبناؤنا ذهاباً وإياباً ولا ينوبهم سوى الأذى وبالتالي نخلف جيلاً يحتاج لرعاية صحية تكلف الدولة أكثر مما قد ينتجه هذا الجيل مستقبلاً، لماذا لا نضع الوقاية قبل الداء والعلاج؟ لم لا نفكر في أمور قد تكون سهلة وبسيطة تقي أبناءنا الأذى المرتقب، وتجنب الدولة عناء وتنزف من ميزانيتها لأمور صحية من الممكن أن نتجنبها؛ لذا لنعمل على ابتكار حلول للحد من تلك المشاكل.
وبسؤاله عن إيجابيات وسلبيات الكتاب الإلكتروني قال العساف: إن تطبيق الكتاب في المراحل الثانوية لاقى إقبالاً كبيراً وتشجيعاً من قِبل أولياء الأمور والطلاب؛ حيث أسهم في رفع معدلات الاستذكار لدى الطلاب بشكل إيجابي نظراً لرغبة الكثير منهم على استخدام كافة الوسائل التكنولوجية سواءً في التعليم أو الأمور الشخصية، مشيراً إلى أن جميع المشكلات الناجمة عن الحقيبة المدرسة تم حلها بسهولة ويسر، فضلاً عن زيادة التحصيل الدراسي في كافة المناهج نظراً لسهولة تداول المعلومات ودمجها ببرامج فيديو وصور متحركة تعطي الطلاب الرغبة والقدرة على المراجعة بشكل متكرر بخلاف التلقين من قِبل المدرس، فقد يكون الطالب في وقتٍ غائبا عن التركيز وغير مكتمل اليقظة بخلاف التعليم الإلكتروني فيمكنه إعادة سماع المادة الدراسية عدة مرات.
إجراءات وقائية
وبدوره قال الدكتور أحمد عبدالله وأحد أولياء الأمور: في الوقت الذي يسعى فيه المجلس الأعلى للتعليم للاهتمام بصحة الطلبة، إلا أنه يهمل جانباً مهماً يؤثر على صحة الطلاب ونرى ذلك في أثر حمل الحقيبة المدرسية التي تؤثر بشكل سلبي من حملهم للثقل الكبير والمؤثر على صحتهم؛ حيث إن حمل الوزن الثقيل بشكل يومي يؤثر على العمود الفقري للطالب، وأغلب الأحيان أقوم بتوصيل ابنتي للمدرسة في الصف الثاني ابتدائي، وعندما أقوم بحمل الحقيبة أستغرب من الوزن الكبير وأتساءل ماذا يكون بداخل هذه الحقيبة، وكم تتحمل ابنتي من العبء من حملها يومياً ذهاباً وإياباً؟
وأكد د.عبدالله على أن حمل الطلاب لحقيبة ذات وزن ثقيل يؤدي إلى مشاكل صحية عديدة أبرزها آلام متكررة بالظهر واعوجاج جانبي للعمود الفقري والديسك، فضلاً عن أن تكرار حمل هذه الأوزان يؤدي أيضا إلى انزلاقات غضروفية وشد عضلي ومشاكل بالرقبة خصوصاً للطلاب في المراحل المتقدمة نظراً لاستمرار حملهم للحقيبة فترة طويلة.
وبيّن د.عبدالله أن العديد من أولياء الأمور تنبه لهذه المشكلة وقاموا بإيجاد بعض الحلول مثل اللجوء إلى الحقائب التي يتم جرها عوضا عن التي يتم حملها، إضافة إلى لجوئهم إلى نوع من المشدات الخاصة للظهر للطلاب الأكبر بالمراحل الإعدادية.
وأشار د.عبدالله إلى أن هنالك إجراءات وقائية يتعين أخذها في الاعتبار مع استخدام حقائب الظهر ذات العجلات أيضا، فعلى سبيل المثال يجب أن يكون المقبض الذي يمسك بالحقيبة منه طويلا بدرجة كافية حتى لا يضطر الطفل إلى الالتواء أو الانحناء، وأن تكون العجلات كبيرة على نحوٍ كافٍ حتى لا تهتز الحقيبة أو تنقلب، منوهاً بأن هذه المشكلة أحد أبرز أسبابها هو أسلوب التعليم في المدارس الذي يعتمد على التلقين، وبالتالي يتطلب من الطلاب أن يحملوا جميع كتبهم معهم في الحقيبة بشكل متكرر.
وأكد د.عبدالله على أن المدارس مطالبة بتغيير أسلوب تعليمها بحيث يقوم الطالب عند انتهاء الدوام المدرسي بوضع كتبه في خزائن خاصة بالمدرسة عوضاً عن حملها إلى المنزل يومياً، كذلك ينبغي الانتباه إلى وضعية جلوس أبنائنا الطلاب خاصة الصغار منهم على مقاعد الدراسة بطريقة صحيحة وعدم الجلوس بظهر مقوس؛ إذ إن ذلك يحمل ضرراً لا يقتصر فقط على العمود الفقري والهيكل العظمي فحسب بل قد يطال جميع أعضاء الجسم الداخلية.
وأوضح د.عبدالله أن دور الاختصاصي الاجتماعي يتمثل في التخفيف من الحقيبة المدرسية للطلبة من خلال إشراك أولياء الأمور مع المدرسة في الحد من هذه الظاهرة، وعمل دراسات وبحوث إجرائية وتوجيه الطلبة في كيفية اختيار الحقيبة المناسبة وطريقة حملها بطريقة صحيحة، بالإضافة إلى التمارين التي يجب مراعاتها يومياً للحفاظ على جسم الطالب، وكيف يمكن للطالب وأولياء الأمور والمدرسين أن يتنبهوا إلى أن الطالب يعاني من بوادر انحناءات في الظهر والعمود الفقري تسببت فيها الحقيبة الثقيلة والمسارعة في حل هذه الحالات قبل أن تتفاقم، وابتكار مشاريع تساعد على التخفيف من وزن الحقيبة وتنفيذ حصص توجيه للطلبة لمعرفة أسس اختيار الحقيبة الصحية.
ويرى د.عبدالله أن تعميم تطبيق الكتاب الإلكتروني له بعض السلبيات منها غياب التوعية والإرشاد بالاستخدام الأمثل في تطبيقاته، مشيراً إلى أن الجهات المختصة قامت بمنع وحظر الدخول على المواقع غير التعليمية ولكن ذلك غير كافٍ؛ إذ يفترض على الطلاب البحث والمتابعة عن كل ما هو جديد؛ فليس من المعقول إعطاء الشيء من دون توعية عن الإيجابيات والسلبيات، فكان من المفروض تطبيقه على بعض الفصول وإعطاء دورات في فترة الإجازات وقياس مدى قدرة الطلاب على الاستجابة إليه، منوهاً بأن بعض الطلاب يعتبره أداة للتسلية وليس للبحث العلمي.