العدالة تقتص من تاجر أعضاء بشرية وتعاقبه بالسجن 8 سنوات

alarab
محليات 29 فبراير 2016 , 08:49م
الدوحة - محمود مختار
قضت محكمة الجنايات، بمعاقبة "مقيم عربي" بالسجن 8 سنوات وغرامة مالية قدرها 350 ألف ريال؛ لاتهامه بالقتل الخطأ والاتجار بالبشر، والإبعاد عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة. وأقرت بمعاقبة شريكته بالجريمة بالسجن عام وغرامية مالية قدرها 100 ألف ريال.

اتهمت النيابة العامة، في حيثيات الحكم "عربيين" بأنهما أولا: المتهمان الأول والثانية: قتلا عمداً "مقيمة عربية" بأن امتنعا عن مداركتها بالعلاج اللازم حال علمهما بتردي حالتها الصحية وإشرافها على الموت –ورغم التزامهما تولي رعايتها– وكان ذلك خشية مساءلتهما قانونا عن استخدامها دون أن تكون على كفالتهما، ما أدى إلى تفاقم إصابتها بداء الالتهاب الرئوي على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية والذي أودى بحياتها.

وارتبطت تلك الجناية بجناية وجنحة ارتباط لا يقبل التجزئة، ذلك أنهما في ذات الزمان والمكان اتجر المتهم الأول بالمجني عليها بأن سلمها للمتهمة الثانية للعمل لديها مقابل حصوله على مبلغ خمسة آلاف ريال ونتج عن تلك الجناية وفاة المجني عليها، واستخدمتها المتهمة الثانية حال علمها بأنها هاربة من كفيلها، الأمر المعاقب عليه بمقتضى المواد 2، 3، 15/2 من القانون رقم 15 لسنة 2011م بشأن مكافحة الاتجار بالبشر والمادتين 15/1، 51/1 من القانون رقم 4 لسنة 2009 بشأن تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وكفالتهم، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

ثانيا: المتهم الأول أيضا: اتجر بالمجني عليها وآخرين مجهولين بإيوائهن لديه واستخدامهن للعمل لدى الغير، بأن استغل حاجتهن ومخالفتهن للأوضاع القانونية اللازمة لتواجدهن بالبلاد وقام بإيوائهن بمسكن استأجره لهذا الغرض زاعماً بأنهن على كفالته وتوصل بذلك لاستخدام المجني عليهن لدى الغير مقابل حصوله على منافع مادية له على النحو المبين بالتحقيقات.

وطلبت معاقبتهما بالمواد 1/1 بند 2، 300/1 بند 5 من قانون العقوبات رقم 11 لسنة 2004م، والمواد 2، 3/1، 13، 14، 25 من القانون رقم 15 لسنة 2011 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر.

وتتلخص تفاصيل القضية، في أن المجني عليها قد قدمت للبلاد للعمل كخادمة على كفالة أحد الأشخاص القطريين وفي أعقاب هروبها من كفيلها تعرفت على المتهم الأول الذي قام باستخدامها كخادمة لدى المتهمة الثانية نظير حصوله من الأخيرة على مبلغ 5000 ريال ومشاركته المجني عليها في راتبها وذلك في إطار زعمه –خلافاً للحقيقة– بأن لديه مكتب توظيف للخدم وأن المجني عليها على كفالته.
وأضاف أنه على إثر اتصال المتهمة الثانية به وإخطارها له بمرض المجني عليها توجه المتهم الأول واصطحب الأخيرة من مسكن المتهمة الثانية لإحضار علاج لها وإعادتها مرة أخرى إلا أنها –المجني عليها– وفي إثر تدهور حالتها الصحية في ذات اليوم نتيجة لعدم تداركها بالعلاج المناسب، عاودت المتهمة الثانية الاتصال بالمتهم الأول للحضور؛ حيث حضر وقام بحمل المجني عليها وتخلص بعد وفاتها من جثتها بمكان العثور عليها وذلك بمساعدة إحدى الخادمات اللاتي يقوم بتوظفيهن لدى الغير، ولم يسعَ للتوجه بالمجني عليها إلى أي مستشفى خشية اكتشاف أنها هاربة ومساءلته قانونا لسبق ضبطه وبرفقته خادمات هاربات وإدانته سلفا بتلك الواقعة، وأنه قد دأب على التظاهر بأن لديه مكتبا لتوظيف الخدم حيث تمكن من خلال ذلك إلى توظيف العديد من الخادمات الهاربات لدى الغير مقابل حصوله على منافع مادية وأنه في ذلك الإطار كان يوفر مأوى لهن بإحدى الغرف الملحقة بمسكن أسرته.

وعقب قيام طبيب طوارئ بمستشفى حمد -بصف سيارته بموقف السيارات الخاص بمستشفى حمد بالطابق الثاني منه وحال توجهه لغرفة المصاعد أبصر المجني عليها ترتكن بجسدها على جدار الغرفة من الداخل في وضعية الجلوس فتوجه إليها ظنا منه أنها في حالة إعياء وقام بتحري نبضها السباتي فتبين له عدم وجوده فاتصل بإسعاف الطوارئ وعقب ذلك حضر المسعفون وتأكدوا من وفاة المجني عليها.

وشهدت المتهمة الأولى أنها عقب هروبها من كفيلها قامت بالبحث عن عمل، وتعرفت على المجني عليها عن طريق إحدى الخادمات وقامت بالاتصال بها طالبة منها البحث لها عن عمل وبناء على ذلك حضرت لمسكن مخدومة المجني عليها –المتهمة الثانية– للعمل لدى أحد معارفها؛ حيث قضت ليلتها برفقة المجني عليها، وفي صباح اليوم التالي وحال قيامها والمجني عليها بترتيب مسكن المتهمة الثانية أفضت المجني عليها لها من أنها تعاني بآلام في رأسها وأنها تشعر بإعياء شديد، فذهبت لبرهة وعادت ومعها بعض العقاقير الطبية وهي تبكي؛ حيث استعلمت منها المتهمة الثانية عن سبب عودتها بتلك السرعة، وقامت بالاتصال بالمتهم الأول طالبة منه سرعة حضوره لنقل المجني عليها للمستشفى لسوء حالتها الصحية، وأن سبب عدم اصطحاب المتهمة الثانية للمجني عليها للمستشفى هو عدم وجود إقامة لها، وانتهت إلى أن المجني عليها قد بدأت حالتها بالتردي وغابت عن الوعي وعندما حضر المتهم الأول قام بعمل بالإسعافات الأولية وحملها منصرفا، وبعد ذلك اتصلت بهاتف المجني عليها فأجابتها المتهمة الثانية وأخبرتها بأنها تتماثل للشفاء خلافا للحقيقة؛ إذ اكتشفت بعد ذلك بأسبوع من إحدى صديقاتها وفاة المجني عليها. وشهد استشاري الطب الشرعي –أنه بتوقيع الكشف على المجني عليها تبين أنها قد فارقت الحياة قبل أربع ساعات على الأقل من مناظرتها، وبقيامهما بتشريحها تبين لهما أن هناك آثار تكبد بالقسم العلوي من الرئة اليمنى تشير لوجود علامات مرضية تتوافق مع الالتهاب الرئوي وهو ما اتفق مع الوارد بتقرير مختبر مؤسسة حمد الطبية، وأن سبب الوفاة هو الالتهاب الحاد للمجني عليها الذي أودى بحياتها، وأضاف أنها نتيجة لعدم تداركها بالعلاج المناسب فور حصول الإصابة كان من الممكن إنقاذ حياتها لو تم ذلك، وأنها كانت في المرحلة الثانية من ذلك المرض وأن تاريخ إصابتها به يزيد على أسبوع بما يكشف عن أنه كانت هناك فرص متاحة لتداركها بالعلاج بالمضادات الحيوية ومضادات الالتهاب المناسبة في حال جرى عرضها على أي ممارس عام، وأن قيام المتهمين الأول والثانية بترك المجني عليها وعدم تداركها بالعلاج في أي مركز طبي هو ما أفقدها فرص النجاة وأدى لوفاتها، وأن حالة الإعياء التي انتابت الأخيرة ظهيرة يوم وفاتها كانت علامة الانهيار في حالتها المرضية وعدم قدرتها منفردة على تولي أمورها بما كان يتعين معه على المتهمين سرعة اصطحابها إلى مركز طبي أو طلب الإسعاف لها، وأنه رغم حالة الإغماء التي أصابتها –وفقا لما قررته المتهمة الثانية– أو حالة عدم الشعور بنبضها –وفقا لما قرره المتهم الأول– إلا أنه كانت هناك فرصة لنجاتها من خلال اصطحابها إلى طوارئ مستشفى حمد ومن ثَمَّ تداركها بالعلاج المناسب إلا أن كلا المتهمين أعدما تلك الفرصة من خلال تركهما لها دون إسعاف، ما أودى بحياتها، كما أضافا أن تلك العلامتين وعدم قدرة المجني عليها على فتح فم المجني عليها لإجراء تنفس صناعي لا تعد من علامات تأكيد الوفاة وإنما هي علامة تشنج عصبي بسبب نقص الأكسجين المتصور في حالة المجني عليها.

وشهد صاحب العقار أنه قام بتأجير جزء من مسكنه من الباطن للمتهم الأول –الطابق الأرضي– مقابل مبلغ شهري قدره 2700 ريال بغرض اتخاذه مأوى لبعض النساء من الجنسية الآسيوية، وفي إطار تلك العلاقة زعم له –المتهم الأول– على خلاف الحقيقة أنه شريك بأحد مكاتب الخدمات وتوفير الخدم بمنطقة بن محمود، إلا أنه علم بعدم صحة ذلك في أعقاب إلقاء القبض على المتهم، كما قرر أنه قد تبين له خلال فترة استئجار المتهم لذلك المسكن أن المقيمات به من الخدم وأن المتهم الأول كان يقوم باصطحابهن إلى العمل كل يوم بسيارته، كما أنه يحظر عليهن خروجهن بمفردهن من السكن بعدما شاهد خروج إحداهن من شرفة ذلك المسكن من خلال تهشيم زجاجها وهروبها واكتشف أن المتهم يحكم إغلاق الشرفة ببراغي لمنعهن من الخروج، وأنه سبق وأن شاهد المتهم الأول يتعدى على إحدى الخادمات بالضرب لعدم إطاعتها لأوامره.

وبناء عليه قررت هيئة المحكمة الموقرة الحكم السالف ذكره.

م . م