

متحف الفن الإسلامي يتفوق على متاحف كبرى بالعالم
المسجد الذهبي مفاجأة.. وبرنامج «القطرية» التعريفي رائع
الأجواء بالدوحة تمزج بين «التنوع والحرية» والإبداع الثقافي
للثقافة العربية قيمة كبيرة لو فتح الأمريكيون عقولهم لرؤيتها
مهتمة جدًا برؤية كل ما في الدوحة من عمارة متطورة
أكدت الكاتبة الأمريكية كريستيان بيرد وجود تناغم رائع بين الحداثة والتراث في الدوحة، وأكّدت أن زيارتها غيرت نظرتها عن المنطقة العربية، داعيةً الأمريكيين والغرب عموما إلى تجاوز الصور النمطية التي يروجها الإعلام هناك والتزود بالحقائق المطلقة من خلال المعلومات وليس الانطباعات.
وأشادت بيرد في حوار خاص لـ «العرب»على هامش زيارتها لمتاحف مشيرب، بالبنية الثقافية في الدوحة سواء الحكومية أو الخاصة، منوهة بتنوع وزخم الإبداع الثقافي في قطر سواء في متاحف قطر، أو متاحف مشيرب التي حضرت خصيصا إلى الدوحة لزيارتها والتعرف على متحف بن جلمود الذي يتناول تاريخ حياة الرقيق عالميا كونها تناولت الموضوع في بعض كتاباتها.
كما أشادت بزيارتها للمؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» معربة عن إعجابها بدار الأوبرا والمعارض والتنوع الثقافي وكذلك الحفاظ على التراث القطري، لافتة إلى أن كتارا بها بعض التحف المعمارية الرائعة مثل مسجد كتارا والذي قامت بتصميمه المعمارية التركية زينب فاضل أوغلو وكذلك المسجد الذهبي والمسرح المكشوف وغيرها. كما أعربت عن سعادتها بمقتنيات متحف الفن الإسلامي مؤكدة أنه يتفوق على كثير من المتاحف المماثلة في العالم.
كما نوهت ببرنامج الخطوط القطرية للطيران الذي يمنح المسافرين فرصة لزيارة قطر والتعرف على ثقافتها وحضارتها وأن استضافتها لكأس العالم 2022 غيّرت نظرة العالم لدولة قطر ذات الطموحات الكبيرة داعية الغرب إلى زيارة قطر قائلة هنا سترون الشرق الأوسط الحقيقي.
وإلى التفاصيل...
كيف كان انطباعك الأول عند قدومك إلى قطر بشكل عام كدولة وكأمة؟ وهل تجولتِ في أنحاء البلاد؟
نعم، قمنا بجولة شملت عدة أماكن، كنتُ أعرف أنه سيكون هناك العديد من المباني الحديثة، لكن قطر دولة جميلة جدًا. أنا مهتمة جدًا بسرعة تطورها ورؤية كل ما فيها من عمارة حديثة ومتطورة.
وماذا عن الثقافة؟ هل تفاعلتِ مع أي شيء ثقافي؟
نعم، ذهبنا إلى الحي الثقافي كتارا في جولة. كان من المثير للاهتمام معرفة المزيد عن المسجد الذي صممته امرأة (المسجد الذهبي في كتارا) كنت مهتمة جدًا بذلك، وبرؤية كل ما هو مختلف: دار الأوبرا، المسرح المكشوف، والتعبير عن الثقافات المختلفة. وفي نفس الوقت، تحافظ على التراث القطري.
كيف تُقيّمين هذه الثقافة، مقارنةً بما رأيتيه في دول أخرى؟
ممتازة جدًا! أعتقد... كما ذهبتُ أيضًا إلى متحف الفن الإسلامي، وهو متحفٌ رائعٌ للغاية، أعتقد يفوق الكثير من المتاحف المتخصصة في هذا الجانب. لكنها زيارة قصيرة، ولم أتمكن فيها من زيارة الكثير من المعالم والصروح الثقافية.
وماذا عن أجواء هذه الزيارة القصيرة؟ وهل زرتِ المنطقة من قبل؟
زرتُ عُمان قبل عامين لأن كتابي تُرجم إلى العربية من قِبل محمد الحارثي، وعُرض لأول مرة في معرض مسقط للكتاب. لذا أتيتُ لحضور عرضه الأول عندما عُرض في هذا الجزء من العالم. لكن في المنطقة أيضًا، زرت أماكن أخرى منها العراق، وتحديدًا كردستان، حيث زرتها قبل الحرب قبل حرب الولايات المتحدة والعراق.كنت هناك عام 2001، وكان صدام حسين لا يزال في السلطة. لذا كنت في المنطقة الكردية فقط. لم أرَ بقية العراق..
إذًا ما الذي دفعكِ لاختيار الدوحة كوجهة لهذه الزيارة؟ هل اخترتِ الدوحة لزيارة المتحف في هذا الوقت تحديدًا؟
حسنًا، كنتُ أقرأ كتابًا عن زنجبار وتجارة الرقيق في المحيط الهندي. عندما كنتُ في معرض مسقط للكتاب، أخبروني أن قطر لديها متحف متخصص حول تاريخ تجارة العبيد. لذا قررتُ أنه إذا سنحت لي الفرصة يومًا ما، فسأزور الدوحة تحديدًا لزيارة هذا المتحف. كان هذا سببًا كبيرًا جدًا.. وبالفعل جاءت الفرصة عندما فكرت في السفر مع بناتي في إجازة إلى فيتنام واليابان، واخترت هذه فرصة للسفر مع الخطوط الجوية القطرية والتوقف هنا لقضاء يومين والتعرف على هذا المتحف وعلى الثقافة القطرية.
كيف ترين برنامج التوقف المؤقت مع الخطوط القطرية؟
فكرة رائعة..البرنامج فرصة لتعزيز ثقافة المسافرين حول قطر، خاصة لمن يأتون من بلاد بعيدة ولا يزورون الدوحة في برامج سفرهم. جئت مع ابنتيَّ الاثنتين، حيث خططنا لرحلة مليئة بالمرح والثقافة والترفيه، والاحتفال بمناسبة تخرج إحداهما من الجامعة والثانية من الثانوية هذا العام.
هل يمكنكِ إحاطتنا بالمزيد عن أعمالكِ وكيف بدأتِ رحلة الكتابة؟
بدأت العمل كصحفية، ثم كاتبة مقالات، وسافرتُ كثيرًا. كتبتُ كتابين إرشاديين عن الموسيقى وعن الولايات المتحدة، ثم كتابًا إرشاديًا عن ولاية نيويورك، وعندما بدأتُ بكتبي الأكثر جدية، كان أول كتاب لي عن إيران وكتاب عن كردستان وآخر عن جانب من التاريخ العماني.
ولماذا كانت البداية مع ايران تحديدا ؟ وهل واجهت مشكلات هناك كأمريكية ؟
كان والدي طبيبًا يعمل في إيران عندما كنت صغيرة، لذلك كنتُ دائمًا مهتمة لأنه كان يروي لي قصصًا عن الأشخاص الذين قابلهم هناك في الستينيات. كانت تلك القصص مختلفة تمامًا عن الصورة السياسية التي كنتُ أسمعها لذلك كنتُ مهتمة بالعودة إلى هناك ورؤية ما حدث. كنتُ فتاة صغيرة في الستينيات، وغادرنا عندما كنت في السابعة من عمري. ثم عندما انتُخب الرئيس خاتمي عام 1998، أتيحت الفرصة للأمريكيين للعودة. شعرت بالحنين، فكان جزء من كتابي يدور حول عائلتي. أما عن المشكلات فكان ترتيب الزيارة لأحد تلامذة والدي الذي تكفل بتنظيم الرحلة لتكون أكثر فعالية ولذا لم أجد متاعب.
وكيف بدأتِ رحلتكِ لفهم المجتمع الإسلامي؟
كنتُ مهتمة بفهم أفضل لطبيعة العيش في المجتمع الإسلامي. لذا، تدور كتاباتي في الغالب حول الأشخاص الذين قابلتهم ومحادثاتي معهم، وكان مزيجًا بين الجزء الثقافي والتاريخي والصحفي.
كيف أثرت زيارتكِ لإيران ثم لبلدان أخرى، ولقاء أشخاص من أنحاء العالم بلغات مختلفة، على مسيرتكِ ككاتبة؟
أنا مهتمة جدًا بالشرق الأوسط تحديدًا، لأن الناس هنا يتمتعون بكرم ضيافة رائع، كما أنني أحب الجانب الروحي في حياتهم. في رحلاتي، خاصة في المناطق الكردية، التقيتُ بأشخاص يعيشون في ظروف صعبة، لكنهم يجدون سعادة كبيرة في حياتهم.. في ثقافتي (الأمريكية)، هناك تركيز كبير أحيانًا على النواحي المادية، بينما في البلدان التي تعاني من قلة الوفرة، يبدو الناس أكثر ارتباطًا بقيم الحياة.
هناك صور نمطية سائدة في أذهان الغربيين عن العالم الإسلامي، ربما بسبب الأفلام أو الإعلام. كيف تتعاملين مع ذلك ككاتبة زارت هذه البلاد وتفهم الواقع؟
نعم، هناك الكثير من الصور النمطية الخاطئة. البعض يرى المسلمين عدائيين، أو أن الثقافة العربية ليست غنية، أو أنهم غير متعلمين. هذه الصور تُروّج أحيانًا عبر السينما الأمريكية لأن الدراما تهدف للربح، لكنها لا تعكس حياة الناس العاديين، ودوري ككاتبة هو توسيع آفاق القراء، وجعلهم يدركون أن في هذا الجزء من العالم ما هو أكثر بكثير مما يتخيلون. الناس هنا يفكرون في العنف أو المال عندما يسمعون عن الخليج، لكنهم لا يرون الثقافة أو الأفراد كبشر. أريد أن أظهر أن هناك قيمة كبيرة في هذه الثقافة، لو فتح الأمريكيون عقولهم لرؤيتها.
لكن ألا تعتقدين أن الأمريكيين لا يزالون يفتقرون للمعلومات الدقيقة رغم انفتاح العالم وإتاحتها عبر الإنترنت؟
عندما أخبرت جيراني أنني سأتوقف في الدوحة، ردّ بعضهم بالخوف لأنهم سمعوا أن المنطقة «خطيرة». لا يدركون أن قطر من أكثر الدول أمانًا! الأمريكيون لا يفكرون في القدوم إلى هنا بسبب هذه الأفكار المسبقة.
اذن رسالتكِ هي كسر هذه الصور النمطية؟
هذا مكان يستحق الزيارة، ليس فقط لأجل المال أو النفط، بل لأناس يشبهوننا، بثقافة عميقة وتاريخ غني. الدوحة آمنة جدًا، والناس هنا يرحبون بالزوار. لو جاء الأمريكيون، لرأوا ذلك بأنفسهم، لكن في المقابل هناك صور سائدة خاطئة عن الامريكان بسبب الأفلام بأنه مجتمع جريمة وسطو مسلح وفكرة رعاة البقر، وانه مجتمع لا أخلاقي وهذا أيضا يحتاج الفهم الصحيح.
هل تعتقدين أن هناك المزيد من الجوانب الثقافية هنا لم تُكتشف بعد؟
بالتأكيد عندما أتيتُ، لم أكن أتخيل هذا التنوع. حتى كأس العالم 2022 غيّر نظرة العالم. كثيرون في أمريكا لم يسمعوا بالدوحة من قبل، لكن الحدث جعلهم يكتشفونها. والصورة الآن أكثر إشراقًا.
إذن مشكلة الصور النمطية شائعة في جميع البلدان. كيف يمكن حل هذه المشكلة في العصر الحديث؟
زيارة الأماكن الأخرى هي بداية جيدة. لكن الأهم هو معرفة الناس. عندما تتعرف على أفراد من ثقافة أخرى – مثل سكان نيويورك الذين يعرفون قطريين – تبدأ الصور النمطية بالتلاشي لأنك تراهم كأشخاص، لا كمجموعة مجهولة، وبهذه المناسبة فإن برنامج التوقف المؤقت للخطوط الجوية القطرية فكرة رائعة لمكافحة هذه المشكلة. لكن صناعة السينما لا تزال تروج للصور النمطية. المشكلة كذلك في غياب المحتوى الثقافي في الإعلام.
وما اقتراحك لتعزيز التواصل الثقافي بين الدول؟
نحتاج إلى سفراء ثقافيين، برامج تبادل طلابي وبحثي (مثل تبادل طلاب الفنون) تعزيز وجود الجامعات الدولية – مثل تلك الموجودة في قطر.
حدثينا عن كتبكِ. كم كتابًا ألفتِ حتى الآن؟
بعد كتب الإرشاد السياحي، كتبتُ عن إيران ثم عن الشعب الكردي (ليس في العراق فقط، بل في إيران وتركيا أيضًا). آخر إصداراتي كان تاريخيًا عن نيويورك، لأن إنجاب الأطفال جعل السفر صعبًا لفترة.
هل تفكرين في كتاب عن الدوحة مستقبلاً؟
أتمنى ذلك لو وجدتُ قصةً ملهمة، سأكتب عنها.
هل لديك معرفة مسبقة بالأدب العربي أو المؤلفين العرب؟
قرأت بعض الأعمال مثل مدن الملح لعبد الرحمن منيف، ونجيب محفوظ، وكذلك جوخة الحارثي من سلطنة عمان وأورهام باموق من تركيا لكن تبقى معرفتي محدودة بالأدب العربي.
كيف وجدتِ الحياة اليومية في الدوحة من حيث الطقس والخدمات؟
كنت قلقة من الحر في البداية، لكنه لم يكن سيئًا كما توقعت. وجود التكييف في كل مكان يجعل التنقل مريحًا. والناس هنا لطفاء جدًا، كل شيء بدا أسهل وأجمل مما ظننت..
ماذا تقولين في نهاية زيارتك القصيرة للدوحة؟
أتمنى لو كان لدي وقت أطول. هناك الكثير لم أستكشفه بعد. الدوحة مدينة تستحق التعمق. آمل أن أعود مجددًا، ربما في فصل الربيع. وسأوصي بها لأصدقائي بالتأكيد.
كلمة أخيرة توجّهينها للكتّاب والمثقفين العرب؟
استمروا فيما تفعلونه، ولكن ابحثوا دائمًا عن وسائل جديدة لتوصيل صوتكم للعالم. هناك جمهورٌ في الغرب يريد أن يسمع، لكنه لا يجد الطريق دائمًا. أنتم تملكون القصص، فقط اجعلوها متاحة أكثر، وسترون الفرق.