شهدت مدينة لوزان السويسرية خلال الفترة من 21 -23 فبراير الجاري الاجتماع الدولي التاسع بمشاركة شخصيات ومنظمات تنتمي لـ 30 دولة، وطرح خلال الاجتماع مقترحات تتعلق بتيسير سبل رد أموال لدول نامية استولى عليها بشكل غير شرعي مسؤولون سابقون، ومن المفترض أن تستفيد من تلك المقترحات الحكومة السويسرية. ويقدر تقرير للبنك الدولي حجم الأموال التي تمت إعادتها إلى الدول التي نهبت منها بحوالي 5 مليارات دولار خلال الـ15 عاماً الماضية، من بينها 1,8 مليار دولار أعادتها سويسرا. بيد أن تقريرا للأمم المتحدة كشف أن الطغاة ينهبون 40 مليار دولار سنوياً، وجمدت سويسرا مليار فرنك - 1.07 مليار دولار - تخص 4 حكام عرب وبطانتهم، والجزء الأكبر منها وهي 700 مليون فرنك - 754 مليون دولار- تخص الرئيس المصري السابق حسني مبارك والدائرة المحيطة به.
وحتى الآن لم تستعد تلك الدول العربية هذه الأموال، بيد أن البرلمان السويسري أقر مؤخراً قانوناً جديداً يُيسّر تجميد واسترداد أموال لطغاة أجانب أزيحوا عن السلطة، وبناء عليه ابتداءً من عام 2018، سوف تصبح السرية المصرفية لهم جُزءاً من التاريخ. ووفق بيانات سويسرية تدير البنوك السويسرية أكثر من 2200 مليار فرنك من الثروات، أي زهاء 30% من إجمالي الأصول العابرة للحدود في العالم - الفرانك السويسري = 1.0093 دولار الامريكي.
القانون الجديد ينص على أنه عندما يتم حجز أموال اكتسبها قادة سابقون من قبل سلطات البلد الذي وضعت فيه، يكون بمقدورهم الاعتراض على طلب السلطات الرسمية في بلدهم الأصلي بتحديد حجم هذه الأصول، وإرجاعها إلى أصحابها الشرعيين، بعد تقديم الضمانات بأنها لن تعود إلى حلبة الفساد، وأنها ستكون في خدمة السكان .
المباحثات التي أجراها النائب العام السويسري عند زيارته للعاصمة المصرية، بالرغم من صدور القانون الجديد، كشفت عن أن أزمة استعادة الأموال المنهوبة، معقدة للغاية نظراً لوجود تشابك بينها وبين عمليتي الجريمة المنظمة وغسيل الأموال، وأنها ستستغرق وقتاً طويلاً في المفاوضات والترتيبات القضائية والقانونية.
توضيحاً لذلك يقول السفير جمال بيومي، الأمين العام لـ اتحاد المستثمرين العرب ، والمسؤول عن اتفاقية الشراكة الأوروبية بوزارة التعاون للأسف لست متفائلاً، لأن المطلوب إثبات أن المتهم اختلس هذه الأموال، وأرسلها للخارج، بينما القضية تتعلق بتكلفة إصلاح مباني الرئاسة، كما تتطلب إثبات أن ما اختلس هو نفسه المال الموجود في سويسرا .
تقرير سابق للأمم المتحدة يكشف أن أبرز حالات الاختلاس الرئيس الفلبيني السابق فرديناند ماركوس - 5 إلى 10 مليارات دولار- والرئيس الإندونيسي السابق محمد سوهارتو - 15 إلى 35 مليار دولار - وموبوتو سيسي سيكو رئيس الكونغو السابق - 5 مليارات دولار- ورئيس نيجيريا السابق ساني أباتشا - 2 إلى 5 مليارات دولار .
السويسريون يعتبرون تلك المشكلة عارا يلطخ سمعة بلادهم ويودون الخلاص، ولذلك يرى باولو بيرناسكوني، المدعي العام السابق لكانتون تيتشينو في مقال له نُـشر بصحيفة لوتون مؤخرا، أنه يتعيّن على المصارف ألا تقبل في المستقبل أي أموال من أعضاء في حكومة أجنبية ومن أقاربهم . ويقول دانييل ليبزيجير نائب رئيس البنك الدولي مع كل 100 مليون دولار تتم استعادتها يمكننا تمويل عملية تلقيح كامل لأربعة ملايين طفل وتأمين مياه لـ 250 ألف منزل ومعالجة 600 ألف شخص .
الأمم المتحدة كشفت أن الرشى التي حصل عليها مسؤولون حكوميون في الدول النامية تتراوح بين 20 و40 مليار دولار في العام . ويقدر صندوق النقد الدولي أن الأموال غير المشروعة التي يجري تبييضها في بريطانيا، تتراوح سنوياً بين 23 و57 مليار دولار، من بينها مبالغ تتراوح بين 20 إلى 40 مليار دولار سنوياً يحولها سياسيون ومسؤولون فاسدون من الدول النامية .