الربيع العربي أضعف القضية الفلسطينية والأمة غير جاهزة للجهاد
حوارات
27 فبراير 2012 , 12:00ص
القاهرة - فتحي زرد
أكد الشيخ محمد حسين مفتي القدس أن المسجد الأقصى يواجه العديد من المخاطر والتهديدات الحقيقية الكفيلة بانهياره في أي لحظة خاصة في ظل استمرار أعمال الحفريات التي تقوم بها قوات الاحتلال ومحاولات التهويد المستمرة، بالإضافة إلى عمليات التهجير للعديد من سكان القدس وتغيير المناهج الدراسية المقررة على طلبة المدارس بما يتناسب مع مصالحها.
وقال حسين في حوار مع «العرب»: إن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد فقد وصلت الحفريات أسفل المسجد الأقصى ومحاولة اليهود إقامة كنيس أسفله، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل وتصدى لها المقدسيون الذين يحبطون حتى الآن محاولات إسرائيل المستمرة للاستيلاء على الحرم القدسي واقتسامه إلى حرمين: إسلامي ويهودي.
ونبه إلى أن إسرائيل تقوم حاليا بهجمة شرسة لتهويد القدس مستغلة في ذلك انشغال العديد من الدول العربية بثورات الربيع العربي، مشيراً إلى أن هذه الثورات أضعفت موقف القضية الفلسطينية. وقال إن النظام المصري السابق كان يخدم القضية الفلسطينية.
الكثير من التفاصيل حول ما يتعرض له المسجد الأقصى ومدينة القدس في الحوار التالي:
ما الانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال في الأراضي المقدسة؟
- أقول إن القدس بلغت من تهويدها مرحلة خطيرة وذلك لأن حقيقة سياسة الاحتلال هي الاستيلاء على القدس، وعندما تعزز الاستيلاء على القدس ستنطلق للاستيلاء على الضفة الغربية وهكذا وهو السيناريو الذي تقوم به الآن.
ما خطط الجانب الإسرائيلي من أجل زيادة عمليات الاستيطان؟
- قوات الاحتلال تعمل على إيجاد المناخات الأمنية والاقتصادية الطاردة لأهالي وسكان مدينة القدس، فإسرائيل تريد في القدس بقايا فلسطينيين مهمشين يقومون بالخدمات فقط، كما تريد أن تهود كل حجر موجود في القدس بطابع مزيف ومزور.
هل استغلت إسرائيل حالة الشقاق الفلسطيني في تحقيق مخططها التهويدي؟
- للأسف الشديد نعم استغلت قوات الاحتلال الظروف السياسية والمناخ المحيط بنا، بل وزادت من وتيرة التهويد وكان في مقدمة العوامل المساعدة حالة الشقاق الفلسطيني، فالاستيطان الذي تم في القدس خلال فترة الشقاق والخلاف الفلسطيني بلغ ضعف الاستيطان في الفترات السابقة.
حدثنا عن عمليات الاستيطان التي تقوم بها قوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية؟
- أقول عن عمليات الاستيطان المستمرة من اليهود إن ما يجري من استيطان أكثر بكثير مما يتم الإعلان عنه ومن بينها مصادرة بيوت وعمل بؤر استيطانية جديدة، ومن ضمن هذه الخطة تهجير السكان الفلسطينيين.
كيف ترى ثورات الربيع العربي وما يحدث بالعديد من الدول العربية وتأثيره على القضية الفلسطينية؟
- للأسف الشديد قامت قوات الاحتلال بإصدار العديد من القرارات الاستيطانية لتوسيع رقعة الاحتلال مستغلة الوضع العربي الآن وانشغال كل قطر عربي بنفسه، فإسرائيل استغلت حالة الانشغال هذه في الاستيطان لدرجه أنهم يدمرون أي حل على طريق التسوية السياسية سواء حل الدولة الواحدة وذلك لأسباب سكانية ديمغرافية أو حتى حل الدولتين.
هل بالفعل قامت إسرائيل بتغيير المناهج التعليمية المقررة على الطلاب الفلسطينيين؟
- نعم بالفعل قامت بتغيير المناهج التعليمية بالقدس، هذا بالإضافة إلى الوضع التعليمي المؤسف بالقدس؛ حيث كان المقصود من عمليه تغيير المناهج هو تغيير الرواية الفلسطينية وتغيير الحقيقة وفرض تعليم وثيقة الاستقلال الخاص بإسرائيل والطلاب مضطرون أن يقرؤوا هذه الرواية.
كيف تقوم قوات الاحتلال بعمليات استيلاء على أملاك الفلسطينيين بالقدس؟
- نعم، هذا يحدث من خلال قانون تفعيل أملاك غير القائمين والخاص بالعقارات وأملاكهم، ويتولى أملاكهم حارس هذه الأملاك والعقارات، والكنيست اتخذ قرارا بتفعيل هذا القانون في القدس والتفعيل يكون عن طريق الاستيلاء والبيع والمصادرة، وهذا القانون يؤثر على السكان والتجار والعقارات، فالقانون هو طارد للسكان الفلسطينيين بالإضافة إلى تحويل الأماكن التي من الممكن أن يكون فيها توسع سكاني فلسطيني على الأرض إلى حدائق عامة.
حدثنا عن عمليات التهجير التي تقوم بها إسرائيل في إطار مخططها تهويد القدس؟
- عمليات التهجير لأسر وسكان الأحياء في القدس بدأت بعد قرار الكنيست الإسرائيلي بتهجير من في الأحياء الفلسطينية ذات الكثافة السكانية. يخرجون سكانها من تعداد القدس ومنها حي الصغير، بالإضافة إلى سحب الهويات من السكان المقدسيين ونشر الآفات الاجتماعية مثل المخدرات بين الشباب.
ما المحاولات التي تقوم بها إسرائيل للاستيلاء على الحرم القدسي؟
- بالفعل هناك العديد من المحاولات المستمرة من قبل قوات الاحتلال للاستيلاء على الحرم القدسي، ومنها أنه كان هناك مخطط لتقسيم الحرم القدسي بشقيه إلى واحد إسلامي وآخر يهودي، ولكن الهَبَّة الجماهيرية منعتهم من الوصول ولكن هذا منع مؤقت وما زالت خطتهم قائمة والتي تسعى إلى هدم الأماكن المقدسة الإسلامية.
هل النظام المصري السابق كان له دور في خدمة القضية؟
- النظام المصري البائد بصراحة خدم القضية الفلسطينية ولكننا ننتظر من المؤسسات المصرية القائمة بعد ثورة 25 يناير القيام بدور أكثر فعالية، ولا شك أن هناك جهودا تبذل من الجانب المصري لإنهاء الانقسام الفلسطيني بعد الثورة، كما يوجد أواخر الشهر الحالي لقاء لجميع الفصائل الفلسطينية بالقاهرة بوساطة مصرية من أجل تدشين المصالحة، وعلينا أن نتطلع للمستقبل وننحي أخطاءه جانبا.
هل تؤيد زيارة العرب والمسلمين للقدس؟
- هذه قضية حساسة جدا والقدس واجب ديني ووطني على أبناء الأمة أن يعينوا صمود أهل القدس ضد الاحتلال، ولكنني لا أستطيع أن أجزم بفتوى تؤيد أو تحرم زيارة القدس فنحن مثلا مع الزيارة إذا كانت لا تحقق التطبيع وتتفق مع الأحكام الشرعية، ولكن الواقع يؤكد أن زيارات البعض تأتي بموافقة إسرائيلية وبفائدة على الاقتصاد الإسرائيلي.
كيف ترى المصالحة الأخيرة التي تمت بين كل من أبومازن وخالد مشعل؟
- أود أن أقول إن الخلاف الفلسطيني لا يخدم إلا أعداء الأمة ولا بد من إنهاء الخلاف فورا؛ لأن وحدة الشعب الفلسطيني نفسه من أهم مقومات مواجهة الاحتلال.
هل تؤيد الجلوس على طاولة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي؟
- أنا أرى أن المرحلة الحالية فيها اختلال لميزان القوى لصالح الاحتلال، وفي هذه الحالة أمامنا خياران هما: الرباط والجهاد، وطبيعة المرحلة تتطلب منا الرباط والصمود وعلى الأمة دعم هذا الصمود، وعلى الشعب الفلسطيني أن يبقى صامدا في أرضه فالأمة العربية ليست جاهزة الآن للجهاد لتحرير فلسطين.
الرئيس الفلسطيني يقوم حاليا بتشكيل حكومة ائتلاف وطني فما تعليقك؟
- نحن نؤيد أي قرار من شأنه إنهاء الانقسام، وحكومة الائتلاف الوطني ستكون مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني.
كيف ترى موقف الجامعة العربية من القضية الفلسطينية؟
- نحن نتطلع إلى دور أكبر للجامعة العربية في القضية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال.
كيف يتعامل الشعب الفلسطيني تحت هذا الاحتلال المتغطرس في حياته اليومية؟
- الشعب الفلسطيني لديه إصرار وعزيمة كبيرة أن يبقى حلقة الرباط الممتدة منذ الفتح الإسلامي للقدس إلى الآن وفي المستقبل وأن يكون الحارس الأمين لمقدسات الأمة وعقيدتها.
أطلعنا على أعمال الحفريات التي تقوم بها إسرائيل تحت المسجد الأقصى وتأثيرها عليه؟
- الحفريات وهي قضية خطيرة حيث تقوض أساسات المسجد الأقصى جراء مياه الأمطار. هم يزعمون أنهم يبحثون عن آثار لليهود ولكنها لم تصل إلى نتائج وباعتراف عدد من خبراء الجانب الإسرائيلي فإن الآثار المكتشفة تبلغ %90 منها إسلامية والباقي آثار بيزنطية وغيرها.
ونحذر كل العالم والهيئات الدولية من مخاطر هذه الحفريات من هدم الآثار والمعالم الإسلامية في القدس. ومن الحفريات التي أثرت بشكل مباشر على الأقصى وهو نفق البراق وهو قناة الماء الرومانية ويبلغ طوله أكثر 500 متر ويمتد بمحاذاة الجدار الغربي للأقصى.
كيف تجري محاولات اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى؟
- الاقتحامات للمسجد الأقصى من قوات الاحتلال مستمرة وكثيرة جدا ومنها منذ أيام قليلة كان هناك دعوة واضحة من أعضاء الكنيست للصعود إلى أعلى الهيكل المزعوم وذلك ليقتسموا المسجد ويهودوه، ولكن هذه الدعوة فشلت بسبب تصدي المقدسيين وتدخل رئيس المجلس العسكري المصري المشير حسين طنطاوي قائلا: إن المساس بالمسجد الأقصى مساس بالأمن القومي المصري.
ما الرسالة التي توجهها إلى الحكام والشعوب العربية والإسلامية؟
- أقول: إن القدس وفلسطين تواجه مخاطر كبيرة في غياب الموقف العربي والإسلامي في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، ونحن نتطلع إلى العزة والكرامة من خلال ربيع الثورات العربية التي نأمل أن تهب لتنقذ الأقصى وتخلصه من دنس اليهود والاحتلال.