أعمال إبداعية تحتفي بالتقاليد القطرية خلال وبعد المونديال

alarab
ثقافة وفنون 26 نوفمبر 2022 , 12:20ص
يوسف بوزية

السفينة.. تجاور استاد الجنوب وتروي الارتباط بين «هل الوكرة» والبحر

العقال.. إشارة احترام وتقدير لكل من ساهم في رفعة قطر

النهم.. إضافة لمشهد الفن العام في لوسيل

برنامج الفن يضم أكثر من 80 عملاً فنياً لمواهب محلية وعالمية

«مرمى».. 10 أعمال فنية عالمية تزيّن شوارع الدوحة

 

كرّس عددٌ من الفنانين التشكيليين القطريين والعالميين مواهبهم لتزيين العديد من المعالم والمرافق السياحية والمواقع في قطر، من خلال أعمال فنية تعبر عن الهوية القطرية والتنوع الثقافي ضمن الفعاليات المرافقة لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها الدوحة وشملت العديد من المعالم والأماكن، بدءاً من مطار حمد الدولي، إلى كل حي من أحياء البلاد. وتختلف هذه الأعمال من حيث حجمها وشكلها، وتشمل مجموعة واسعة من الموضوعات، ما يعزز مهمة متاحف قطر لجعل الفن أكثر قرباً من الجمهور، وتشجيعهم على المشاركة فيه والاحتفال بتراث الدولة، واحتضان ثقافات الآخرين.

عند الوصول إلى جانب استاد الجنوب في مدينة الوكرة تطالعك منحوتة «السفينة» المصنوعة من الخشب والخرسانة، وتتناول مواضيع التاريخ والمكان والناس، وتم بناؤها وفقاً لخواص بناء السفن التقليدية في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
استوحى الفنان القطري المعاصر فرج دهام (مواليد 1956)، عمله من النقوش الصخرية الموجودة في الجزء البدائي من منطقة جبل الجساسية الواقع على الساحل الشرقي من قطر. وتحمل هذه النقوش إشارات إلى التجارة البحرية، وظفها الفنان في عمله الفني، مؤكداً أهمية الخليج العربي في التجارة والنقل وصيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ. وتبدو منحوتة «السفينة»، المعروضة عند استاد الجنوب الواقع في مدينة الوكرة الساحلية، وكأنها تبحر باتجاه الجنوب، راسمة ذلك الارتباط بين الإنسان والبحر.

ألعاب الدوحة الحديثة 
«ألعاب الدوحة الحديثة» هو عمل جديد مستوحى من مباني العمارة القطرية الحديثة والتي أعاد الفنان البريطاني من أصل باكستاني شيزاد داود، تشكيلها كمجسمات للعب في حديقة المُتحف. هذه المباني هي: مجمع وزارة الإعلام، ومسرح قطر الوطني، وفندق شيراتون الدوحة، وجامعة قطر، ومكتب بريد قطر، وفندق الخليج، ودار الكتب، حيث حوّل الفنان المباني المصغرة إلى ألعاب تُذكّر بالتصاميم المعمارية لهذه المباني التي لعبت دوراً حيوياً في الدولة ومثلّت إضافة للمشهد المعماري بدءاً من أوائل السبعينيات.
ويُبرز عمل داود هذا، بالإضافة إلى إصدار مطبوع قادم، عناصر مهمة من التاريخ المعماري والاجتماعي لدولة قطر، ويوثق المشروع انطباعات المجتمعات عن بيئتها المعمارية والقصص الشخصية المرتبطة بها. مع تطور المشاريع المعمارية الجديدة بسرعة في قطر المعاصرة، يوضح «ألعاب الدوحة الحديثة» في الوقت ذاته الحاجة إلى أرشفة وحفظ وحماية تاريخ الماضي، والاحتفاء بالجمال الفريد لهذه الهياكل المعمارية الستة من خلال دعوة الأطفال ومرتادي المتنزهات وعشاق الفن لاستكشاف شكل الحداثة من خلال اللعب.

عقال.. لوسيل
أنجزت الفنانة القطرية شوق المانع منحوتة عقال في ممشى مارينا لوسيل، وهي عبارة عن مجسم يحتفي بالتقاليد القطرية وبرمزية رفع «العقال» في إشارة للاحترام والتقدير تجاه قيادة دولة قطر ومواطنيها ومقيميها لصمودهم وتماسكهم وجهودهم لرفعة دولة قطر.
وترمز الارتفاعات المتباينة في تصميم هذا العمل الفني، الذي حظي بإعجاب الجمهور، إلى اختلاف الأجيال التي صمدت في وجه التحديات، وهو جزء من برامج متاحف قطر الخاصة بالفن العام والذي ساهم في نشر الثقافة على نطاق واسع في شوارع الدوحة، ومختلف مرافقها، إذ «تنطوي هذه المحطات الفنية المميزة، على معانٍ وأهدافٍ عميقة توحّد المجتمعات المختلفة، وتُلهم الإبداع، وتحوِّل شوارع المدينة وأماكنها العامة إلى متاحف مجانية تفيض بالجمال والإبداع، وتكشف متاحف قطر كل فترة عن مجموعة أعمال تركيبية من أعمال الفن العام لفنانين عالميين ومحليين، وذلك في إطار مبادرتها المستمرة لرعاية المشهد الثقافي المزدهر. 
النهم
تُعتبر منحوتة «النهم» في مدينة لوسيل إضافة للمشهد الفني بالأماكن الحيوية في قطر، ويجسّد هذا العمل حيوان قرش الحوت، أحد الأنواع البحرية المهددة بالانقراض، والذي يتخذ البيئة البحرية في قطر موطناً له، حيث تحتضن المياه القطرية أحد أكبر تجمعات أسماك قرش الحوت في العالم.
يبلغ طول القطعة الفنية المصنوعة من الألومنيوم وهي للفنان العالمي المعروف “ماركو باليش” 30 متراً، وهي معلقة على ارتفاع 20 متراً بين أبراج لوسيل بلازا الأربعة، التي صممتها شركة الهندسة المعمارية فوستر  بارتنرز، التي يمتلكها السير نورمان فوستر، ويساهم العمل الفني في تعزيز جهود الدولة للتوعية بحماية الأنواع البحرية المهددة بالانقراض، وتوعية الجمهور بالخطر الذي يهدد هذه الثروات البحرية النادرة، ما يؤكد اهتمام الدولة الدائم بالبيئة البحرية في قطر، ومساعيها المتواصلة لحمايتها والحفاظ على بيئتها الطبيعية.
وتعد مياه قطر الدافئة والنظيفة موطناً لواحدة من آخر مستوطنات قرش الحوت على كوكب الأرض، وهي جزء من النظام البيئي الفريد للحياة البحرية في دولة قطر.
بذور.. القرط
ومن الأعمال الفنية التي تمثل إضافة نوعية لمشهد الفن العام في قطر، مجسم «بذور شجرة القرط» للفنان القطري محمد العتيق في حديقة مكتب البريد، والذي يرمز إلى نواة الإنسان الطيبة التي تنمو وتستمر عبر الأجيال. وقد تم استخدام مادة Bronze material في العمل وتم التركيز على مرونة المجسم وطواعيته لاستخدامه من قبل الجمهور وملامسته متماشياً مع التكنولوجيا.

مرمى الكرة 
من جانبه، رعى جهاز قطر للسياحة 10 أعمال فنية على هيئة المرمى في كرة القدم، تزيّن مجموعة من المعالم والمواقع في قطر، وذلك ضمن الفعاليات المرافقة لبطولة مونديال قطر 2022، حيث شارك في كلّ عمل فني من «مرمى قطر» فنانٌ واحد أو اثنان، وبينما صمّمت قوائم مرميين اثنين من قبل فنانين من قطر، فقد تولى تصميم القوائم الثمانية الأخرى فنانون من الدول التي سبق لها الفوز بالبطولة، وهي إنجلترا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا والأرجنتين وأوروغواي والبرازيل.
وتستلهم الأعمال الفنية ملامح وطنية من البلد الذي ينتمي إليه كل فنان، بالإضافة إلى ملامح من التراث الثقافي الغني لدولة قطر، ما يبرهن على الدور الحيوي الذي يمكن لكرة القدم أن تلعبه في التقريب بين الثقافات من جميع أنحاء العالم.
إبراز المعالم السياحية
وحرص جهاز قطر للسياحة على إبراز معالمنا السياحية عبر أعمال إبداعية مميزة يقدمها نخبة من الفنانين القطريين والعالميين. إذ صمّمت غادة السويدي «مرمى قطر»، الذي يمثل قطر، فيما أنشأ عبدالعزيز يوسف «مرمى قطر» الذي يرحب بجميع البلدان المشاركة في البطولة، وبالإضافة إلى ذلك، جاء المرميان الأرجنتيني والفرنسي مصحوبين بلمسة قطرية، فابتكرت الفنانة والخطاطة فاطمة الشرشني الهيكل الكتابي الأنيق الذي يتوج المرمى الأرجنتيني، فيما أنشأت الفنانة مريم فرج السويدي أشرعة القارب المعدني التي تزين المرمى الفرنسي.
ويتمحور تصميم الفنانة غادة السويدي حول فكرة الحنين إلى الماضي، والحنين إلى الفن المعماري التقليدي في قطر، لا سيما في سوق واقف، والذي لا يتغير مطلقاً على الرغم من حالة التحديث المستمرة التي تشهدها البلاد. وكذلك الحنين إلى لعبة كرة القدم في سنوات الطفولة والركض بقدمين عاريتين في الفناء الخلفي واستخدام الأبواب والمداخل كمرمى.
وتستلهم هذه الأعمال الفنية تلك الرغبة المشتركة بين المسافرين من شتى أنحاء العالم لعيش وتبادل تجارب السفر، وبات بإمكان زوار قطر الآن التقاط صورهم وسط خلفيات أنشئت بعناية ومشاركة صورهم أمام «مرمى قطر» خلال استمتاعهم بمجموعة من أجمل المشاهد والمعالم في البلاد.
ويمكن للزوار العثور على مرمى إنجلترا من تصميم هوغو دالتون في ممشى مارينا في لوسيل، أمّا مرمى ألمانيا، من تصميم «كي أف أف» ويعرض على شاطئ الخليج الغربي، بينما يمكن إيجاد مرمى إسبانيا، الذي صمّمه خوردي جيل فرنانديز في محمية البحر الداخلي، بينما يوجد مرمى إيطاليا، وهو من تصميم ألي جيورجيني، في الحي الثقافي «كتارا». فيما يعرض مرمى فرنسا، الذي صمّمه غيوم روسيه ومريم فرج السويدي، في جزيرة اللؤلؤة.