

أشاد عدد من المواطنين والخبراء بإيجابية الحراك المجتمعي، الذي رافق العملية الانتخابية لانتخابات مجلس الشورى في دورته الأولى، منذ انطلاق مرحلة قيد الناخبين والمرشحين وما تلاهما، بما فيها المبادرات الشبابية والإعلامية لتوعية الناخبين في المجالس، وكذلك المبادرات التعريفية التي قادها بعض مشاهير التواصل الاجتماعي لربط الناخبين بالمرشحين في دوائرهم وجها لوجه، بما يساهم في تعريف المجتمع بأفكار المرشحين بصورة مباشرة وتوعية المجتمع بأهمية المشاركة في إنجاح العملية الانتخابية.
وأكدوا لـ «العرب» أن هذا الحراك المجتمعي الذي يقوده بعض الأفراد على مواقع التواصل أو المؤسسات بما فيه زيادة معدلات المشاركة ترشحاً وانتخاباً، يعطينا مؤشراً على درجة الوعي والثقافة السياسية السائدة في المجتمع.

قال الأستاذ الدكتور عبدالناصر اليافعي، أستاذ الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم قسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر: إن الحراك الاجتماعي هو أحد معطيات ونتائج العملية الانتخابية، وهو ظاهرة صحية ساهمت في تعزيز الوعي المجتمعي العام وتحصين مكتسباته التشريعية والقانونية، وأشاد الدكتور اليافعي بنوع المبادرات الاجتماعية والإعلامية التي واكبت العملية الانتخابية، لدورها في تنمية الثقافة السياسية والإجرائية وإثراء التجارب والآراء التي تساهم في تحديث مسيرة المجتمع وتقويته، إلى جانب رفع الوعي المجتمعي بالحقوق والواجبات التي نصت عليها القوانين والتشريعات الدستورية في الدولة، والالتزام بالضوابط التي حددها القانون وعدم التعدي على حقوق الآخرين أو التشهير بهم.
وأشار إلى أن مواد القانون الخاص بنظام انتخاب المجلس مستمدة من الدستور القطري ورؤية قطر الوطنية 2030 الرامية إلى تعزيز مشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم، وأكد أن انتخابات الشورى تعزز مبدأ الرقابة الشعبية على أداء المجلس بكافة أعضائه مثلما تعزز رقابته هو على أداء الحكومة بكافة أعضائها.
مبادرات اجتماعية
ونوه الدكتور اليافعي بظهور العديد من المبادرات الاجتماعية والإعلامية المرتبطة بانتخابات مجلس الشورى ساهمت في نشر الثقافة القانونية، خاصة الثقافة الدستورية بين أفراد المجتمع، وذلك لتعزيز وعي الأفراد بالحقوق والواجبات المنصوص عليها في التشريعات القانونية، بما فيها جهود المؤسسات الخاصة والرسمية المعنية بإشاعة ثقافة القانون واحترامه ونشر كل ما يُسهم في بناء المجتمع لأنها ضمانة لبناء جيل أكثر وعياً بحقوقه التي نص عليها الدستور.
ورأى أن نشر الثقافة القانونية وخاصة الدستورية بين أفراد المجتمع ضرورة لضمان بناء مجتمع أكثر وعيا وتصالحا وتضامنا مع الدولة، ومعرفة المواطن بحقوقه التي نص عليها في الدستور.
وأكد أن مجلس الشورى المنتخب لا شك أنه يأتي استنادا إلى الحق الدستوري الذي نص عليه دستور الدولة، وما يتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030، وكذلك فيما يتعلق بالمشاركة الشعبية في العمل العام بشكل عام بما يتوافق مع رؤية القيادة الحكيمة في السماح للشعب بالمشاركة من خلال انتخابات مجلس الشورى، موضحا أن قانون انتخابات المجلس هو قانون محافظ يتميز بتعلقه بحقوق الإنسان من خلال إشراك المجتمع في صنع القرار وهو ما يساهم في إثراء الجانب الاجتماعي وتحديث مسيرة المجتمع.
وشدد على أن عضو مجلس الشورى المقبل يضطلع بمسؤولية كبيرة مع النظر بالاعتبار حداثة تجربته المسنودة بالممارسة العملية، وهو ما يتطلب من فئات المجتمع بما فيها وسائل الإعلام عدم رفع مستوى التوقعات من عضو المجلس وعدم تحميله فوق طاقته، لافتا إلى أن الحماس الزائدة والسرعة والاندفاع يؤديان إلى نتائج سلبية.
وأشار الدكتور اليافعي إلى الأجواء شبه الاحتفالية في المجتمع التي رافقت انطلاق العملية الانتخابية، وهو ما يستدعي شكر الدولة على فرصة تمكين المواطنين من اختيار ممثليهم في أول مجلس شورى منتخب.
قيم اجتماعية
واستعرض د. اليافعي بعض الاعتبارات التي يجب على عضو مجلس الشورى أن يضعها في الحسبان، ومنها انه يمارس مهامه في دولة عربية مسلمة وهو ما يتعين عليه الاطلاع على القوانين الإسلامية وإجادة اللغة العربية ومعرفة وإدراك القيم الاجتماعية، بما فيها العادات والتقاليد، والقدرة على العمل بروح الفريق الواحدة على خلفية وجهات النظر والتنوع السائد داخل المجلس لتسهيل إنجاز المشاريع وإقرار القوانين المطروحة على جدول أعمال المجلس.
وأكد أن التنوع في أعضاء المجلس من حيث الاختصاصات والخلفيات الثقافية والفكرية من شأنه إثراء المؤسسة البرلمانية لصالح تكامل وتعزيز العمل التشريعي، داعيا المجتمع لمنح الأعضاء الجدد فرصة لاكتساب الخبرات واثبات الذات وتحقيق الإنجازات.
كما دعا أعضاء الشورى القادم إلى إدراك الاختصاصات التي يتولاها مجلس الشورى المنتخب وانه لم يعد مجرد جهة استشارية بل هيئة تشريعية لديها حزمة من الصلاحيات الجدية مثل تشريع القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية وإقرار الموازنة العامة.
وأكد الدكتور اليافعي ضرورة أن يجيد عضو المجلس لغة الإقناع في التخاطب، مشيرا إلى انه يخاطب المجتمع بلغة الوقائع المسنودة بالمعلومات والأرقام وليس المواقف العاطفية.. منوهاً بتقديم المصلحة الوطنية في اختيار المرشحين الأكثر كفاءة وليس الأكثر وجاهة أو صلة قرابة بما يضمن وصول الكفاءات الوطنية إلى مجلس الشورى المنتخب، معتبرا أن تلبية نداء الوطن وترجمة الانتماء إلى واقع عملي يتجلى بتأدية الواجب ورسم صورة مشرفة للمجتمع.
وأشار اليافعي إلى أن مجلس الشورى المنتخب هو المكان المناسب للتعبير عن مصالح المواطنين والتعبير عن احتياجاتهم واقتراح البرامج والتشريعات الكفيلة لتحقيقها. ولفت إلى أن الإشراف القضائي الكامل على عمليات التصويت، وفرز الأصوات، وإعلان النتائج تعكس مدى نزاهة هذه العملية الانتخابية الخاضعة لسلطان القضاء، كما تعكس رغبة وحرص القيادة الرشيدة على تعزيز المشاركة الشعبية الفاعلة في صُنع القرار على أساس تكافؤ الفرص وسيادة القانون.