جاء الإعلان عن تنحي طوني هيوارد نهاية شهر يونيو المقبل عن رئاسة شركة جينيل العاملة في إقليم كردستان العراقي ليعيد تركيز الأضواء على الإقليم وصناعته النفطية التي تمثل حالة كلاسيكية من ارتباط الصناعة النفطية بالسياسة وإستراتيجياتها.
هيوارد من الأسماء الكبيرة في عالم الصناعة النفطية إذ ترأس شركة بريتش بتروليوم بين عامي 2007 و2010 وتركها ليبدأ مغامرته مع الأكراد، الذين يتمتعون بحكم ذاتي يطمحون إلى تحويله إلى استقلال وتحقيق الحلم الكردي القديم في دولتهم الخاصة بمعاونة من العامل النفطي.
فبسبب الخلافات مع المركز في بغداد حول العائدات التي يحصل عليها الإقليم ويفترض أن تكون 17 في المائة من إجمالي عائدات الدولة إلى جانب تسكع قانون النفط بين القوى السياسية المختلفة وعدم إجازته من قبل البرلمان، فإن حكومة الإقليم في أربيل قررت المضي قدما في استخراج النفط الموجود لديها وبدأت في إبرام تعاقدات مع شركات أجنبية عديدة، بل إنها تمكنت من استقطاب أسماء لامعة مثل أكسون/موبيل وذلك في فترة صعود الأسعار ووجود إحساس بأن الإقليم يحتوي على احتياطيات كبيرة من النفط.
بغداد لم تسكت على ما يجري واعتبرت أي نفط يتم إنتاجه مهربا وخاضعا للملاحقة القانونية كما هددت الشركات التي تبرم عقودا مع الأكراد بحظرها من العمل في بقية أنحاء العراق، لكن الأكراد تمكنوا من اللعب على ورقة الاحتياجات التركية للطاقة والتوصل إلى تفاهمات مع أنقرة مما فتح الباب أمام نقل النفط المنتج من كردستان بالشاحنات في البداية ثم بناء خط أنابيب بعد ذلك.
ثم جاءت حرب داعش وبروز قوات البشمركة الكردية محاربةً وتوجيه كل العائدات لصالح الحرب وأحيانا على حساب حقوق الشركات. وتبع ذلك هبوط أسعار النفط خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم بدأت تبرز شيئا فشيئا حقيقة أن الاحتياطيات النفطية في الإقليم ليست بالضخامة التي كانت متوقعة. وأبرز دليل على ذلك عدم القدرة على الوصول بالإنتاج إلى رقم مليون برميل يوميا الذي كان متوقعا. بل إن الإنتاج الذي كان في حدود 600 ألف برميل يوميا في ديسمبر تراجع الآن إلى 580 ألفا، وأن الاحتياطي في حقل طق طق الذي كان يقدر بنحو 172 مليون برميل تراجعت تقديراته إلى 59.1 مليون وهذا الوضع دعا شركة أكسون إلى التخلي عن ثلاثة مشاريع وتراجع تقييم جينيل في السوق من 3 مليارات جنيه إسترليني إلى 215 مليونا فقط.