برنامج الفلسفة في معهد الدوحة للدراسات العليا ينظم فعالية بعنوان: لماذا وكيف نفكّر اليوم؟ سؤال الفلسفة بين الذكاء الاصطناعي والإبادة الجماعية

alarab
محليات 25 نوفمبر 2025 , 10:24ص
الدوحة_العرب

نظم برنامج الفلسفة في معهد الدوحة للدراسات العليا، بالتعاون مع نادي الفلسفة، الإثنين 24 نوفمبر 2025 فعالية أكاديمية بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة تحت عنوان: "لماذا وكيف نفكر اليوم؟ سؤال الفلسفة بين الذكاء الاصطناعي والإبادة الجماعية"، وذلك بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين والطلبة. وحسب الورقة الخلفية، يُعَدّ التفكير حجر الأساس في فهمنا للعالم وتفاعلنا معه؛ إذ نعتمد عليه، جزئيًا أو كليًا، في اختياراتنا وقراراتنا وعلاقاتنا. فهو يشكّل جزءًا أساسيًا من البنية التحتية الخفية لحياتنا الفردية والجماعية.

 

افتتحت الفعالية بكلمة ترحيبية من الدكتورة أمل غزال، عميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، أكدت فيها أهمية إحياء الفلسفة في لحظة عالمية تتقاطع فيها التكنولوجيا مع الأسئلة الإنسانية الكبرى، مشيرة إلى أن الفلسفة في هذه اللحظة تبرز كفضاء وأداة لا غنى عنها لإعادة التأكيد على مسؤولية الإنسان ودوره في عصر تتداخل فيه التقنية مع السياسة وتتراجع فيه السياسة وقراراتها داخل البيانات، فالفلسفة ليست تأملًا مجردًا بل ممارسة فعل مقاومة في وجه سلطة التقنيات وسلطة العنف المرتبطة به.

 

بعد ذلك، قدمت الدكتورة إليزابيث كساب، رئيسة برنامج الفلسفة، ملاحظات تمهيدية شددت فيها على ضرورة إعادة التفكير في معنى التفكر ذاته في عصر الذكاء الاصطناعي والتغيرات العميقة التي يشهدها العالم. وقالت إن التفكر اليوم لم يعد ترفًا معرفيًا، بل ضرورة يفرضها واقع معقّد يتداخل فيه حضور التقنية مع بنية القرار السياسي والأخلاقي. وأوضحت أن التحولات التي يقودها الذكاء الاصطناعي تكشف عن مستويات جديدة من التأثير في تشكيل الوعي وتوجيه السياسات، ما يستدعي العودة إلى الفلسفة باعتبارها أداة لفهم هذا التشابك وتفكيكه.

 

وأكدت كساب أن هذه الفعالية تأتي لإعادة وضع الفلسفة في صلب النقاش العام، ولتعزيز الوعي النقدي لدى الطلبة والباحثين، بما يمكّنهم من مواجهة الأسئلة المعرفية والأخلاقية التي يفرضها الزمن الرقمي، واستعادة دور التفكير كمسؤولية إنسانية قبل أن يكون مسعى أكاديميًا.

 

وتوزعت فعاليات اليوم على أربع جلسات رئيسة، تناولت قضايا فلسفية معاصرة تتعلق بالذكاء الاصطناعي، والأخلاق، والفاعلية الإنسانية، والتحولات المعرفية في زمن الإبادة الجماعية. وشارك في الجلسة الافتتاحية كل من الدكتور رجا بهلول بورقة نقدية حول الذكاء الاصطناعي وأسئلته الفلسفية، سلط فيها الضوء على المسائل الفلسفية التي يطرحها الذكاء الاصطناعي في نظرية المعرفة والميتافيزيقا والأخلاق والمجتمع مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات الهائلة التي حصلت في مجال الذكاء الاصطناعي منذ وقت "تورنغ" والرواد الأوائل.

 

أما الدكتور وليد السقاف، أستاذ مشارك في برنامج الصحافة، فقد ناقش في مداخلته السؤال الفلسفي الذي يدور حول "ما إذا كان الكود نفسه يمكنه حمل الثقافة وما إذا كانت الثقافة المضمّنة في البيانات يمكنها إعادة تشكيل الكود".

 

إلى ذلك، تطرق الدكتور فادي زراقط، أستاذ مشارك ورئيس وحدة دراسة المجال الاجتماعي الرقمي العربي في المركز العربي، إلى ورقة بعنوان: "الذكاء الاصطناعي بين أسطرته وصوابيته المعرفية" محاولا فيها نزع الأسطرة حول أساليب عمل الذكاء الاصطناعي، واستعراض أطوار التأليل المعرفي بدءًا من التفكّر والتعليل الأرسطي، مرورًا بالخوارزميات، ووصولًا إلى النمذجة الإحصائية.

 

من جهته تناول عمر المغاربي، باحث مساعد، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، موضوع الحتمية التقنية وسؤال الفاعلية الإنسانية بالتركيز على مداخلتي لاتور وهاراواي. وانطلق المغاربي من تتبع إجابتين حول الحتمية التقنية والفاعلية الإنسانية، تتمثّل الأولى في مساهمة بورنو لاتور، أمّا الثانية، فهي مداخلة الفيلسوفة النسوية دانا هاراواي حول المعرفة المُموضعة.

 

كما شهدت الفعالية عددًا من المداخلات البحثية المتقدمة لطلبة برنامج الفلسفة وبرامج أخرى في المعهد، تناولت موضوعات مثل: تهديدات الذكاء الاصطناعي، المسؤولية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، اللسانيات الفلسفية في عصر الذكاء الاصطناعي، الاستعمار القيمي عبر الذكاء الاصطناعي. واختُتم اليوم بجلسة حوارية موسّعة بعنوان "التفكير في زمن الإبادة الجماعية" شارك فيها كل من الدكتور الزواوي بغورة، رئيس قسم الفلسفة بجامعة الكويت، والدكتور رشيد بوطيب، أستاذ مشارك في برنامج الفلسفة.

 

وتأتي هذه الفعالية التي ينظمها البرنامج بشكل دوري، ضمن رؤية معهد الدوحة للدراسات العليا لتعزيز الحوار الأكاديمي، وترسيخ التفكير النقدي، وإتاحة فضاءات بحثية جادة تعالج قضايا الإنسان المعاصر في تشابكاتها الأخلاقية والمعرفية والتكنولوجية.