

في مشهد إنساني مؤثر وسط كارثة الحرب السودانية، يقدّم عشرات الأطباء والصيادلة والممرضين النازحين من مدينة الفاشر في دارفور خدمات طبية مجانية لآلاف النازحين في مخيم الدبة بالولاية الشمالية، رغم فقدانهم لكل شيء ومعاناتهم النفسية والجسدية الشديدة.
وقالت الطبيبة إخلاص عبد الله، التي نزحت من الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها في 26 أكتوبر الماضي، لوكالة فرانس برس: «لسنا في حالة جيدة، لكننا مجبرون أن نكون في حالة جيدة لنعالج من يحتاج العلاج طالما نحن أحياء».
وأضافت أن الوضع النفسي «لا يمكن وصفه»، خاصة بعد مشاهد الرعب التي عايشوها في المستشفى السعودي الذي استهدف بطائرة مسيرة أودت بحياة المئات.
وأكد الطبيب أحمد التيجاني المتطوع مع المنظمة الدولية للهجرة أنهم «يغطون الاحتياجات بالمتاح، لكن الأعداد في ازدياد والأدوية ناقصة، وبعض الحالات تحتاج رعاية متقدمة غير متوفرة».
وكشفت الطبيبة إخلاص أن الكوادر الطبية كانت من أكثر الفئات استهدافاً أثناء النزوح، حيث كان مقاتلو الدعم السريع يعيدون ضرب المصابين إذا اكتشفوا أنهم تلقوا علاجاً، ويقتلون أو يختطفون الأطباء أو يطالبون بفدية كبيرة.
وأوضحت أنها أخفت مهنتها طوال الطريق الذي يزيد على700 كيلو متر حتى تصل سالمة.
وأشارت إلى أن عدد القتلى على الطريق فاق بكثير ما حدث داخل الفاشر، وأن كثيراً من النساء أنجبن أثناء السير على الأقدام، فيما وصل أكثر من 150 مرضعة إلى المخيم بحاجة ماسة للرعاية.
من جهتها، حذرت منظمة الصحة العالمية من استمرار الهجمات «المروعة» على المنشآت الصحية في السودان، التي أسفرت منذ أبريل 2023 عن مقتل أكثر من 1200 عامل صحي في 185 هجوماً موثقاً، وأدانت بشكل خاص الهجوم الأخير على المستشفى السعودي بالفاشر الذي أودى بحياة أكثر من 460 شخصاً.
ويضم مخيم الدبة، نحو 60 من الكوادر الطبية النازحة من الفاشر، إلى جانب عيادات متنقلة أرسلتها منظمات دولية ومنظمة الهجرة الدولية وبلدة الدبة المجاورة. وتحولت خيام زرقاء إلى صيدليات ومختبرات وغرف طوارئ، فيما تقوم سيارات إسعاف مقام عيادات نقالة.
ويعاني معظم النازحين من التهابات رئوية ومعوية وإسهال وأمراض جلدية وعيون، إضافة إلى حالات سوء تغذية حادة.