تخليدا للذكرى الخمسين لمتحف قطر الوطني.. الشيخة المياسة بنت حمد تفتتح معرض «إرث وطن .. ذاكرة شعب»

alarab
المزيد 24 أكتوبر 2025 , 01:21ص
محمد عابد

يصاحب المعرض سلسلة من الفعاليات تشمل تكريم كبار الواهبين 
تسلط الضوء على التطور الثقافي واستعراض شامل لنشأة متحف قطر الوطني
الشيخ عبد العزيز آل ثاني: نحتفي معًا بتاريخ حافل سطّرته هذه المؤسسة 

 

افتتح متحف قطر الوطني، مساء أمس معرض «إرث وطن، ذاكرة شعب: تُروى لخمسين عامًا» والذي يشكّل محطة فارقة في احتفائه بمسيرة الخمسين عامًا من عمر المتحف.
وكشفت الستار عن المعرض سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، بحضور كلّ من السيد محمد سعد الرميحي، الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر، والشيخ عبد العزيز آل ثاني، مدير متحف قطر الوطني، ولفيف من كبار الشخصيات وذلك في صالة العرض المؤقتة رقم 13 بمتحف قطر الوطني.
 وترافق المعرض سلسلة من الفعاليات الهامة التي تشمل تكريم كبار الواهبين، ومأدبة عشاء يتخللها توزيع لجوائز الذكرى السنوية: «الاحتفاء برحلة التطور - من أصالة الأمس إلى آفاق الغد»، و»التطور في المذاق: عشاء تعاون» الذي تنظمه قطر تُبدع.
ويعتبر معرض»إرث وطن، ذاكرة شعب: تُروى لخمسين عامًا» هو استعراض شامل لنشأة متحف قطر الوطني ونموه وتطوره، يتقفى فيه مسيرة زمنية من الاستكشاف منذ تأسيسه عام 1975 ليكون أول متحف وطني في المنطقة، وحتى إعادة تصميمه الإبداعي عام 2019، ليكون متحفًا سبّاقًا متطوّرًا يتخذ من مبنى بديع صمّمه المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل مقرّا له.
وقد بدأت احتفالات الذكرى الخمسين برحلة رمزية في أرجاء الدوحة على متن سنبوك «فتح الخير» يوم 22 أكتوبر 2025، حيث أبحر عبر الكورنيش، حاملًا شعار المتحف على شراعه. ومجسدًا سردية متحف قطر الوطني عن الاستمرارية والصمود والتحول. وشهدت الاحتفالات أيضًا استعراضات ثقافية في البحر قدمها الفنان القطري الغني عن التعريف السيد منصور المهندي، إلى جانب عارضين محليين ومؤسسات وطنية، ما أظهر الاعتزاز الجماعي بتراث قطر وأكد على دور المتحف في مدّ الجسر بين الماضي والحاضر، حيث التاريخ هو مصدر إلهام الأجيال المقبلة.

الهبات القيمة 
ونوّهت الاحتفالات بالهِبات القيّمة التي أثرت مجموعة مقتنيات متاحف قطر، ودعمت الحفاظ على التراث الثقافي الوطني. تعكس هذه الإهداءات فخرًا وطنيًا عميقًا وحرصًا مشتركًا من الأفراد والعائلات والمؤسسات بحماية إرث قطر للأجيال المقبلة.
تواصلت الاحتفالات بمأدبة العشاء التي تخللها توزيع لجوائز الذكرى السنوية: «الاحتفاء برحلة التطور - من أصالة الأمس إلى آفاق الغد»، مسلطة الضوء على التحول الثقافي لقطر من جذورها التاريخية إلى رؤيتها المعاصرة. وستكون هناك التفاتة إلى الموظفين، بمن فيهم لجنة المحتوى لكلٍّ من المتحفين القديم والجديد، وكذا للمساهمين الرئيسيين، لتكريمهم على جهودهم القيّمة. وقد تجمّع الضيوف في البراحة، بين ثنايا عمارة المتحف البديعة التي تستوقف الأنظار، برزت فيها منصة رمزية تربط بين القصر القديم ومتحف قطر الوطني الحديث في تلاقٍ بين التراث والابتكار. وتضمنت الأمسية عرضًا موسيقيًا حيًا قدمته كل من دانة المير وهالة العمادي، بمزيج بين الموسيقى العربية التقليدية والعصرية لتعكس بها الهوية القطرية الدائبة التطور.
ومسك ختام الأمسية تجربة طهي بعنوان «التطور في المذاق: عشاء تعاون»، أبدعتها الشيف نوف المري، والشيف جيريمي شيميناد الحائز على نجمة ميشلان والذي يمثل كيو سي+. أما قائمة الطعام فقد حكت قصة الجغرافيا والتراث والعائلة، بنكهات قطرية أصيلة وأساليب طهي عصرية. واحتفى هذا التعاون بالتطور الذي شهده المطبخ القطري، والذي شكّل بدايةً لتجارب الطعام المؤقتة التي تواصل تكريم وإعادة صياغة التراث في المطبخ القطري.

 قصة دولة 
 وبفتح معرض «إرث وطن، ذاكرة شعب: تُروى لخمسين عامًا» أبوابه من 24 أكتوبر 2025 إلى 7 فبراير 2026، حيث يُلقي الضوء على استفادة متحف قطر الوطني السباقة من التقنيات والعروض المبتكرة لسرد قصة دولة قطر. ويضمّ المعرض تلك اللمسات الإبداعية المعاصرة التي أُضيفت على المواصفات البديعة للموقع الأصلي الذي يعود تاريخه إلى عام 1975 (مثل الكرة الأرضية)، ووثائق وصورًا فوتوغرافية تجسّد المراحل الأولى من تأسيس المتحف، والكثير غير ذلك، ليعكس بذلك رسالة المتحف في الحفاظ على الماضي مع التطلع الدائم إلى المستقبل. 
وقد ظلّ متحف قطر الوطني رمزًا بارزًا لالتزام قطر بالثقافة والتراث منذ تأسيسه. ولأنه واحد من أوائل المتاحف في الخليج العربي، فقد كان أثره بالغًا على المبادرات الثقافية في المنطقة، وكان ولايزال مصدرًا للفخر والهوية عند الشعب القطري.
انطلقت فكرة المتحف عام 1972 بمبادرة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، بهدف جمع وعرض تاريخ قطر وتقاليدها وبيئتها الطبيعية. افتُتح متحف قطر الوطني رسميًا عام 1975 في قصر الشيخ عبد الله بن جاسم، وحصلت عملية ترميمه على جائزة الآغا خان للعمارة عام 1980.
وبعد قرابة ثلاثة عقود، أُغلق المتحف أبوابه عام 2004 ليعود في حلّة جديدة. وتحت قيادة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الأمير الوالد، ثم بعدها سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، صمّم جان نوفيل متحفًا جديدًا مستوحىً من وردة الصحراء، وافتتحه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، عام 2019. وقد حافظ هذا التصميم على القصر التاريخي القديم، كما أعاد تشكيل المشهد الثقافي في قطر.
وفي تصريح له قال الشيخ عبد العزيز آل ثاني، مدير متحف قطر الوطني: «على مدى نصف قرن، حافظ متحف قطر الوطني على إرث دولتنا وكنوزها الوطنية، كما واصل إحداث أساليب جديدة لسرد القصص باستخدام أحدث التطورات التكنولوجية. داعيا الجمهور  للتعرف على معرض «إرث وطن، ذاكرة شعب: تُروى لخمسين عامًا»، لنحتفي معًا بتاريخ حافل سطّرته هذه المؤسسة في تمجيد تراثنا والتطلع إلى ما هو آت.»

 محمد أبوهندي لـ «العرب»: المتحف أصبح رمزاً لالتزام الدولة بتراثها

قال السيد محمد أبوهندي رئيس قسم التاريخ الشفهي بمتحف قطر الوطني في تصريح لـ العرب على هامش المعرض: يمثل متحف قطر الوطني صرحًا حضاريًا وثقافيًا يعكس تاريخ قطر وتراثها العريق حيث بدأ كقلعة الشيخ عبد الله بن جاسم، التي كانت مقرًا لسكن الأسرة الحاكمة، قبل أن تتحول إلى متحف وطني في عام 1975 بأمر من سمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، رحمه الله.
 وأوضح أن افتتاح متحف قطر الوطني الكبير عام 1975 مثَّل لحظة مفصلية في السرد الثقافي للدولة. فالمتحف، المبني على ثلاثة مواقع هي القصر القديم وقصر الدولة، ولاحقًا القسم البحري الذي افتتح في 22 أكتوبر 1977 برعاية صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أصبح رمزًا لالتزام الدولة المتنامي بالحفاظ على تراثها. يعكس القسم البحري العلاقة العميقة التي تربط قطر بالبحر، ويتيح للزوار تجربة تفاعلية للتعرف على البيئة البحرية في الخليج العربي مع التأكيد على أهمية الحفاظ عليها.
ويضم القسم معروضات متنوعة تشمل البحيرة، والحوض المفتوح الذي يعرض الكائنات البحرية الكبيرة باستخدام تقنيات متقدمة، إضافة إلى معرض التراث البحري والأحواض المائية. وأضاف: «لقد أتاحت الأحواض المفتوحة ومناطق البحث مثل المختبرات العلمية ومنطقة الحجر الصحي للزوار فرصة استكشاف الحياة البحرية في بيئة قريبة من طبيعتها الأصلية، مما ساهم في تعزيز فهمهم لتراث قطر البحري». 
ومن خلال عرض قطع أيقونية، بعضها يُعرض لأول مرة منذ إغلاق المتحف وإعادة تقديمها بأسلوب معاصر، يسلط المعرض الضوء على رؤية الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني ويؤكد التزام المتحف بالحفاظ على تراث قطر وإحيائه للأجيال القادمة».
وأشار أبو هندي إلى أن المتحف شهد تطويرات كبيرة عبر العقود، شملت إضافة قاعات جديدة، مثل قاعة السيارات والمتحف البحري، بما يعكس التنوع الثقافي والحضاري للدولة، ويتيح للزائرين الاطلاع على مقتنيات تراثية ومخطوطات ووثائق تاريخية تعود إلى مئات السنين..
وأوضح أبوهندي أن المتحف أصبح اليوم ومنذ إعادة افتتاحه في عهد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى عام 2019، يعد منصة لعرض قطع أيقونية بعضها يُعرض لأول مرة منذ إغلاقه، مع إعادة تقديمها لجمهور قطر المعاصر، لتسليط الضوء على اهتمام دولة قطر بالحفاظ على التراث وإحيائه للأجيال القادمة مع تقديم التاريخ القطري بشكل مشوق وتقنيات حديثة.