نائب رئيس «لجنة العلماء لشيخ الإسلام»: قطر تتكفل بتدريس طلابنا

alarab
حوارات 23 مارس 2017 , 01:54ص
اسماعيل طلاي
أشاد الشيخ شريف بن الحاج عبدالرحمن، نائب رئيس «لجنة العلماء لشيخ الإسلام» بتايلاند في حوار لـ «العرب» بالدعم الذي تقدمه قطر لتدريس الطلاب المسلمين، مشيراً إلى استقبال 20 طالباً مسلماً للدراسة في المعهد الديني، آملاً في مزيد من الدعم للجمعيات الخيرية القطرية للمسلمين في ربوع مملكة تايلاند.
ونفى الشيخ شريف بن الحاج عبدالرحمن ما تتناقله التقارير الدولية عن قتل للمسلمين وتهميشهم، لاسيّما في جنوب تايلاند، قائلاً: إن ما يحدث بالجنوب هو صراع مصالح لقلة من المسلمين المتطرفين، وصراع تجار المخدرات، مؤكداً أن تايلاند بها حوالي 10 ملايين مسلم، يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، بالمساواة مع باقي أتباع الديانات الأخرى، داعياً المسلمين في بقاع الأرض لزيارة إخوانهم في ربوع تايلاند، للاطلاع عن قرب على أوضاعهم.. وتفاصيل أخرى في نص الحوار التالي..

هل يمكنكم أن تقدموا لنا صورة عن الإسلام والمسلمين في تايلاند؟
- بداية، أرحب بكم باسم شيخ الإسلام في تايلاند، وأشكركم على اهتمامكم بمملكة تايلاند. وأود القول: إن الدين الإسلامي دخل مملكة تايلاند «أرض سيام» أو تايلاند منذ 400 سنة، من جنوبها. وبعد ذلك، انتشر إلى أنحاء تايلاند، خاصة في الجنوب. ويوجد حاليا حوالي 10 ملايين مسلم عبر ربوع مملكة تايلاند، يرتكز منهم 5 ملايين مسلم في الجنوب، ومليون نسمة في العاصمة بانكوك، وهم يمثلون %10 من إجمالي سكان تايلاند البالغ عددهم 65 مليون نسمة.

كم عدد المساجد والأئمة والمراكز الإسلامية في المملكة؟
- لدينا حوالي 4 آلاف مسجد عبر ربوع تايلاند، منها 200 في العاصمة بانكوك. كما لدينا أئمة وخطباء ومؤذنون في كافة المساجد التي تقام فيها الصلوات، ويرفع منها الأذان في كامل مدن تايلاند بلا استثناء. وفي كل مسجد 15 شخصاً يسهرون على تسييره وتنظيمه. كما أن الأئمة والمؤذنين متطوعون ولا يتلقون رواتب من الحكومة، باستثناء دعم صغير للسكان المسلمين لتسيير حياتهم الاجتماعية. ولإدارة شؤون المسلمين، أسّس الملك الراحل بوميبول أدولياديت «مجلس شيخ الإسلام في تايلاند».

ماذا قدم لكم الملك والحكومة التايلاندية لدعم الدين الإسلامي وأتباعه؟
- إن جلالة الملك الراحل بوميبول أدولياديت كان سخياً للغاية مع المسلمين، فقد تولى على نفقته الخاصة طباعة ترجمة المصحف الشريف إلى اللغة التايلاندية، ومنح اهتماماً بالغاً لتدريس المسلمين وتثقيفهم في المدارس التايلاندية، بما في ذلك المسلمون بجنوب تايلاند. كما أن الملك الراحل كان له الفضل في تمويل بناء المساجد والمراكز الإسلامية عبر كامل ربوع مملكة تايلاند؛ حيث موّل 3 آلاف مشروع تقريباً لبناء المراكز الإسلامية في المملكة، منها ألف مشروع لتحسين أوضاع المسلمين الاجتماعية. كما خصصت لنا الحكومة قطعة أرض مساحتها تقريباً عشرون فدانا بضاحية بانكوك بمركز نونج شوك، سمحت ببناء المركز الوطني لإدارة الشؤون الإسلامية العام 1990، يضم مبنى «شيخ الإسلام»، وقاعات مؤتمرات، ومسجدا، ومباني أخرى لإدارة الشؤون الإسلامية والمسلمين بتايلاند، واتصالهم ببلدان العالم الإسلامي. كما أود أن أنوه أيضا بأن الملك الراحل كان يحضر سنوياً مع المسلمين ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي، وابنه الذي تولى الملك سيحضر معنا هذا العام أيضا. كما أصدر مجلس الوزراء مرسوما بتكليف وزير الداخلية ببناء قاعة للاحتفال بالمولد النبوي. كما خصصت الحكومة ميزانية بقيمة 15 مليون بات تايلاندي لبناء المكتبة الإسلامية العام 2008.

ماذا عن فكرة تأسيس «مجلس شيخ الإسلام»، مهامه، وصلاحياته؟
- أصدر جلالة الملك الراحل القانون الإداري للمنظمات الإسلامية العام 1997. وبموجبه، فإن مكتب شيخ الإسلام هو مجلس ديني، يهتم بقضايا الإسلام في تايلاند، ويسمح للمسلمين بممارسة ديانتهم، وإن كانوا أقلية في البلاد. وجاء تنصيب «شيخ الإسلام» بمرسوم ملكي منذ أربعمائة عام مضت، وشيخ الإسلام الحالي ترتيبه الثامن عشر، ويمارس أعماله تحت القانون التايلاندي المطابق للشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية. كما يتولى شيخ الإسلام منصب رئيس المجلس المركزي للشؤون الإسلامية، المسؤول عن شؤون المساجد، وهو المسؤول عن إصدار علامة «حلال» للأطعمة ومواد التجميل والأدوية التي تصنع مطابقة للشريعة الإسلامية، إلى جانب مهامه بالدعوة للإسلام وتعاليم الدين الصحيحة في وسائل الإعلام التايلاندية، وتقديم مختلف الفتاوى في القضايا الدينية الواردة من الجهة الرسمية والشخصيات العامة، مسلماً كان أو غير مسلم.

لاحظنا اهتماماً من الحكومة التايلاندية بتشجيع «السياحة الحلال» في السنوات الأخيرة، ما تفسير ذلك؟
- هناك اهتمام بدعم السياحة الدينية، و «السياحة الحلال»، بحكم أن ملايين المسلمين يزورون تايلاند للسياحة، ونحن نقول للمسلمين: إن السياحة فرصة جدّية لتروا بأنفسكم حقيقة إخوانكم المسلمين في تايلاند. لدينا السياحة الحلال، والسياحة العلاجية، والحكومة تمول السياحة الحلال في الفنادق والمطاعم، لاستقطاب السياح المسلمين، وتحاول تشجيع السياحة الثقافية التي تحافظ على الثقافة الإسلامية. فالسياحة مصدر هام للاقتصاد في بلادنا، لأنه ليس لدينا مصادر أخرى للثروة، كما أن السياحة فرصة لتقديم صورة حقيقية عن تايلاند وتوعية العالم بثقافتنا وتنوع مجتمعنا.

هل يحظى المسلمون بالمساواة في الحقوق مع أتباع الديانات الأخرى؟
- المسلمون في تايلاند يتولون كغيرهم مناصب مسؤولية مختلفة، فقد عرفت مملكة تايلاند تولي مسلم لمنصب نائب الوزير الأول، وكان لدينا وزير خارجية ومتحدث باسم الحكومة مسلم، وقبلها وزير سياحة ووزير داخلية، ولدينا أعضاء برلمان بمنصب «سيناتور». وفي المجال الديني، فإن الحكومة تتولى متابعة شؤون المواطنين التايلانديين من أتباع الديانات المختلفة على قدم المساواة، وليس هناك صراع بين هذه الديانات، كما يروّج للأسف.

وماذا عن أحوال المسلمين في الجنوب؟
- المسلمون يعيشون في تايلاند في طمأنينة وسلام، ويمارسون شعائرهم الدينية وحياتهم اليومية بحرية تامة، مثل جميع أتباع الديانات الأخرى، تحت رعاية الملك التايلاندي. خلافاً لما يتردد في بعض الدول الإسلامية للأسف، بسبب عدم اطلاع إخواننا على أوضاعنا عن قرب، والاعتماد فقط على ما تتناقله بعض وسائل الإعلام. ونحن ندعوهم من خلالكم لزيارة إخوانهم المسلمين في مملكة تايلاند، للاطلاع على أحوالنا عن قرب. أود أن أطمئن إخواننا المسلمين أننا في مملكة تايلاند مواطنين نتمتع بالمساواة مع باقي أتباع الديانات من البوذيين والمسيحيين، وغيرهم. وعلاقتنا بالملك والحكومة التايلاندية ممتازة منذ عهد الملك الراحل إلى يومنا هذا مع ابنه الذي تولى الملك.

ما تعليقكم على تقارير دولية تشير إلى مقتل آلاف التايلانديين -أغلبهم مسلمون- منذ سنوات، وبخاصة في جنوب تايلاند؟
- هناك فئة قليلة جداً تحاول خلق سوء فهم بين أتباع الديانات، لكن عامة المسلمين مثل باقي أتباع الديانات الأخرى في تايلاند متسامحون، ويعيشون جنباً إلى جنب، في احترام متبادل لمختلف الديانات، ونسعى جميعاً إلى تصحيح سوء الفهم لدى البعض حول الإسلام، وما يروج من أنباء عن قتل متعمد للمسلمين في الجنوب. حقيقة أن هناك سوء فهم للإسلام في تايلاند، وينبغي أن نكون حذرين حول شرح حقيقة الإسلام للآخرين. كما أن البوذيين مثل المسيحيين وباقي أتباع الديانات الأخرى مهتمون بالإسلام، ونعمل جميعاً بالتعاون مع الحكومة والشرطة والجيش ومختلف الأسلاك الأمنية للتصدي لهؤلاء المتطرفين الذين يتسببون في أعمال قتل واضطهاد وإثارة الفوضى، بسبب صراعات مصالح، مثل تجار المخدرات والممنوعات، وغيرهم، ممن يحاولون تغطية صراعاتهم باسم الإسلام. كما أن المسلمين في الجنوب مسالمون وفخورون بانتمائهم لوطنهم تايلاند، ويريدون الاستقرار والأمان.

كيف تنظرون لأعمال القتل والتصفية العرقية للمسلمين في ميانمار؟
- أحداث ميانمار، كان لها وقعها على الإسلام، ولا بد أن نكون حذرين في شرح الإسلام للآخرين. ونحن لسنا قلقين من مستقبل المسلمين في بلادنا، لأننا جزء من تايلاند.

تشهد دول إسلامية فتناً وصراعات، موازاة مع انتشار «تنظيم الدولة» في سوريا ومناطق أخرى، فهل وجد التنظيم انتشاراً بين مسلمي تايلاند؟
- نحن نعتبر ما يحدث في سوريا وغيرها بسبب صراعات سياسية وليست دينية. وفي تايلاند، لا نرى أي شيء من قبيل ما نسمعه ونشاهده في سوريا وأفغانستان ومناطق أخرى من العالم الإسلامي للأسف. وربما أبرز الأسباب أننا في تايلاند نعمل بالقرب من الجهات الأمنية، لنتأكد أن المواطنين لهم فهم للأوضاع، خاصة الذين قد يكون لهم إعجاب بـ«تنظيم الدولة». كما أننا ندعم الفكر الوسطي المعتدل والحوار للتواصل مع هؤلاء. وأعتقد أن أغلب الرسائل التي يتناقلها المتشددون تكون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأستطيع القول: إنه في تايلاند ليس هناك اتصال مباشر بين التايلانديين و«تنظيم الدولة» وحتى الطلبة التايلانديين الذين درسوا في الشرق الأوسط.

هل وجدتم تواصلاً ودعماً من المسلمين في المنطقة العربية، وما رسالتكم لهم؟
- بداية، أنوّه بأننا نرحب بالمسلمين من الشرق الأوسط، ليتعارفوا بالمسلمين، ليروا بأعينهم إن كانوا يعانون من سوء، رغم أننا أقلية. والواقع ليس هناك دعم كبير من المسلمين من دول أخرى، لكن هناك دول مثل قطر تدعم تدريس الطلاب المسلمين في تايلاند؛ حيث تستقبل قطر سنوياً طلاباً مسلمين للدراسة في المعهد الديني، وانضم إليهم هذا العام 7 طلاب جدد، ليصل إلى المجموع إلى 20 طالباً يتابعون دراستهم الثانوية في قطر، خاصة أنه ليس لدينا في تايلاند جامعة للعلوم الإسلامية. بالمقابل فنحن نتفهم صعوبة وصول المساعدات الإنسانية من دول إسلامية مثل قطر، بحكم الظروف الأمنية في مناطق جنوب تايلاند، لكننا نحث الجمعيات الخيرية القطرية وغيرها على زيارة إخوانهم المسلمين والتواصل معهم ودعمنا في بناء المساجد والمدارس القرآنية الأهلية والمؤسسات الخيرية، جزاهم الله خيراً.