شهدت بطولة /كأس العالم FIFA قطر 2022/ العديد من المفاجآت والنتائج غير المسبوقة، والأرقام القياسية الاستثنائية، التي لم يشهدها أي مونديال آخر، بما يؤكد أن نسخة قطر 2022 كانت الأفضل على جميع المستويات.
بعد مرور سنة على تنظيم قطر للحدث للمرة الأولى في الشرق الأوسط والمنطقة العربية والخليجية، ما زال عشاق كرة القدم يتحدثون عن المفاجآت التي حفلت بها البطولة، والأجواء التي ألهبت الحماس، والنتائج التي عززت من تميز البطولة، ومنحتها موقع الريادة والصدارة على مر تاريخ المونديال.
وكان فوز المنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني إحدى المفاجآت المذهلة التي شهدتها البطولة، حيث فجر المنتخب السعودي واحدة من أكبر المفاجآت عندما تغلب على أقوى منتخبات العالم في المباراة الافتتاحية للمجموعة الثالثة، بهدفين مقابل هدف، في مباراة تعرف فيها العالم على الكرة الخليجية بشكل مختلف والسعودية بصفة خاصة ولمع فيها اسم صالح الشهري وسالم الدوسري ومحمد العويس وسعود عبدالحميد وسلمان الفرج وياسر الشهراني وغيرهم من نجوم الكرة السعودية الذين قدموا مستوى فاق قدرات رفاق ميسي وقتها.
ورغم تتويج المنتخب الأرجنتيني باللقب العالمي في نهاية مشواره في البطولة، إلا أن فوز المنتخب السعودي يبقى إحدى أكبر مفاجآت البطولة، باعتباره أول فوز في تاريخ المنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني، كما أنه الأول لمنتخب آسيوي على رفاق ميسي، بجانب أنه أوقف سلسلة من الانتصارات وصلت لـ 36 مباراة.
وتربع كأس العالم FIFA قطر 2022 على قمة بطولات كأس العالم باعتباره الأعلى تهديفيا، حيث شهد تسجيل (172) هدفا بعد السداسية التاريخية التي شهدتها المباراة النهائية بين الأرجنتين وفرنسا على استاد لوسيل الدولي، ليتخطى مونديال قطر 2022، نسختي 1998 و2014، بفارق هدف.
وتوج منتخب الأرجنتين باللقب، بعد تغلبه على نظيره الفرنسي، بركلات الترجيح بأربع ركلات مقابل اثنتين، عقب انتهاء الوقت الأصلي والشوطين الإضافيين بالتعادل بثلاثة أهداف لكليهما، كما أن لحظة ارتداء ليونيل ميسي /البشت/ القطري عند رفع الكأس، ستبقى لحظة فريدة وخالدة في تاريخ كأس العالم.
وبدأ مونديال قطر وانتهى بركلات جزاء، حيث شهدت مباراتيه الافتتاحية والختامية احتساب ركلات جزاء، فقد أحرز اللاعب الإكوادوري إينير فالنسيا الهدف الأول في المونديال من ركلة جزاء سجلها بنجاح في شباك المنتخب القطري، وأحرز الفرنسي كليان مبابي الهدف الأخير في المونديال من ركلة جزاء سجلها في شباك الأرجنتين قبل الاحتكام لركلات الترجيح التي حسمت اللقب لصالح الأرجنتين.
وجاء في المونديال خروج المنتخب البرازيلي من المنافسة رغم الأسماء الكبيرة التي كان يضمها في صفوفه والعروض القوية التي كان يقدمها، في واحدة من المفاجآت التي تابعها العالم، حيث نجحت كرواتيا في إقصاء البرازيل من دور الثمانية بركلات الترجيح عقب التعادل بهدف لمثله في الوقتين الأصلي والإضافي، وحسمها حارس المرمى المتألق ليفاكوفيتش لصالح منتخب بلاده كرواتيا، وسط ذهول من أنصار الكرة البرازيلية، حيث سادت موجة من الحزن والحسرة على لاعبي البرازيل الذين ختموا مسيرتهم بدموع ذرفت على أرض الملعب بعد الخروج من المونديال خاصة نجم المنتخب نيمار الذي كان يحلم بتحقيق اللقب.
وقدم منتخب تونس واحدة من المفاجآت المثيرة في المونديال بتحقيقه انتصارا تاريخيا على منتخب فرنسا المتوج بمونديال 2018، وذلك بالفوز عليه في دور المجموعات بهدف دون رد، فعلى الرغم من خروج المنتخب التونسي من المنافسة إلا أن فوزه على المنتخب الفرنسي حامل اللقب وقتها والذي وصل للنهائي في تلك النسخة كان إحدى أكبر المفاجآت.
وتمثلت أبرز المفاجآت في كأس العالم FIFA قطر 2022 في وصول المنتخب المغربي للدور نصف النهائي، ليكون أول منتخب عربي وإفريقي يحقق ذلك، حيث ظهر المنتخب المغربي بصورة استثنائية وحقق نتائج أذهلت العالم عندما تمكن من التأهل عبر مجموعة صعبة، تصدرها بجدارة على حساب منتخب كرواتيا الذي حل ثانيا ورافقه للدور الثاني، وبلجيكا التي حلت في المركز الثالث وخرجت مبكرا رفقة كندا.
وواصل المنتخب المغربي مشواره بنجاح عبر سلسلة من المفاجآت المبهرة، حيث نجح في التأهل للدور ربع النهائي على حساب منتخب إسبانيا بقيادة المدرب المخضرم لويس إنريكي بركلات الترجيح، ثم التفوق على منتخب البرتغال بقيادة كريستيانو رونالدو في الدور ربع النهائي بالفوز عليه بهدف دون رد، وفي نصف النهائي خسر المغرب أمام فرنسا، وفي مباراة تحديد المركز الثالث خسر أيضا أمام كرواتيا، لينهي المونديال في المركز الرابع، وهو أفضل مركز في تاريخ المنتخبات العربية والإفريقية.
ومن المفاجآت التي شهدت تفاعل الجماهير خلال المونديال، قرار مدرب البرتغال فرناندو سانتوس، عدم إشراك النجم المخضرم كريستيانو رونالدو أساسيا في لقاء المغرب، في الدور ربع النهائي، حيث خطف رونالدو الأنظار من مقاعد البدلاء، وتسببت خسارة المنتخب البرتغالي في إقالة سانتوس من منصبه.
ورغم فشل رونالدو في التتويج بكأس العالم لكنه صنع رقما قياسيا مميزا، خلال البطولة، حيث أصبح أول لاعب يسجل في خمس نسخ من المونديال عبر التاريخ.
وعرفت البطولة رقما قياسيا تهديفيا سجله الفرنسي كيليان مبابي الذي أصبح أول لاعب يسجل (8) أهداف في نسخة واحدة من كأس العالم منذ مونديال 2002، الذي سجل خلاله البرازيلي رونالدو العدد نفسه من الأهداف.
كما بات مبابي ثاني لاعب يسجل ثلاثة أهداف /هاتريك/ في نهائي كأس العالم، بعد الإنجليزي جيف هيرست الذي سجل ثلاثية عندما فازت بلاده على ألمانيا بأربعة أهداف مقابل هدفين في النهائي الشهير لنسخة 1966، كما وصل رصيد مبابي إلى (12) هدفا من مشاركتين فقط في المونديال، وتوج بجائزة الحذاء الذهبي كأفضل هداف في كأس العالم 2022.
ومن الأرقام القياسية المميزة التي شهدها مونديال قطر، تحقيق خمسة انتصارات عربية، وهو رقم غير مسبوق للمنتخبات العربية في تاريخ كؤوس العالم، وكان للمغرب منها نصيب الأسد، بثلاثة انتصارات ضد /بلجيكا، كندا، البرتغال/ فيما فازت تونس على فرنسا، وتغلبت السعودية على الأرجنتين.
وكانت أعلى حصيلة سابقة لانتصارات عربية لا تتجاوز المباراتين فقط، وذلك في مونديال 1982 بانتصارين للجزائر، ومونديال 1994 بفوزين للمنتخب السعودي.
وظهرت مفاجآت البطولة من خلال خسارة العديد من المنتخبات العالمية الكبيرة أمام منتخبات إفريقية وآسيوية، حيث كان فوز الكاميرون على البرازيل بهدف نظيف في دور المجموعات بمثابة مفاجأة قوية، وكذلك فوز اليابان على ألمانيا بهدفين لهدف، وعلى إسبانيا بالنتيجة ذاتها في دور المجموعات بمثابة مفاجآت لا تقل قوة وإثارة.
بالإضافة إلى المفاجآت المتعددة كان الخروج المبكر لمنتخبات كبيرة كانت مرشحة للفوز باللقب، لكنها لم تنجح في تجاوز دور المجموعات، وقد شكل مفاجأة كبيرة، مثل المنتخب الألماني الذي توج باللقب في أربع نسخ سابقة لكنه خروج من الدور الأول في قطر، وكذلك منتخب بلجيكا بقيادة /كيفن دي بروين/ وخروجه أيضا من دور المجموعات، رغم أنه كان أحد الفرق المرشحة للفوز باللقب، في الوقت الذي يبقى عدم نجاح أي منتخب في حصد العلامة الكاملة في مبارياته الثلاث بدور المجموعات إحدى الظواهر التي لفتت الأنظار خلال المونديال.