

أكد سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية رفضه لممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد المؤسسات الثقافية والمواقع الأثرية والتراث الثقافي والمكتبات وغيرها في حربه على قطاع غزة في فلسطين.
جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الذي نظمته مكتبة قطر الوطنية أمس تحت شعار «الاستعداد للأزمات وحماية التراث الثقافي: من الوقاية إلى التعافي» بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين وصناع السياسات والمسؤولين الحكوميين بهدف تعزيز الجاهزية المؤسسية وتعزيز جهود التعاون العالمي لحماية التراث الثقافي في أوقات الأزمات.
وندد سعادة الدكتور حمد الكواري بممارسات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وغزة قائلا: ينعقد المؤتمر اليوم في وقت نشهد فيه تدميرًا ممنهجًا للذاكرة الثقافية في غزة، حيث طالت القذائف المساجد والأسواق والمكتبات والمخطوطات النادرة، في كارثة ثقافية وإنسانية تستدعي استجابة عاجلة من المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن استضافة مكتبة قطر الوطنية لهذا المؤتمر تعكس التزامها العميق بدورها الاستراتيجي في حماية التراث الثقافي وتنسيق الجهود والشراكات الإقليمية وتبادل الخبرات والابتكار في الحفظ الرقمي، وترسيخ مكانة قطر في احتضان التراث الإنساني والحضاري».
وأكد سعادته في تصريح خاص لـ «العرب» أن برنامج حماية نجح منذ نشأته عام 2020 في تحقيق أهدافه، معتمدا على أربعة محاور رئيسية: التوعية، وبناء القدرات، والتعاون الإقليمي والدولي، والابتكار التقني.
وأضاف: كما نجح من خلال تنظيم هذا المؤتمر الدولي السنوي الرابع في تعزيز الوعي العالمي بمخاطر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، كما قام بجهود كبيرة محليا وإقليميا حيث نظم العديد من الدورات حول حماية التراث، وإنتاج فيديوهات تعليمية لتعزيز الوعي، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية مع منظمة الاستجابة للطوارئ الثقافية لدعم مشروع التدخلات الطارئة لحفظ التراث الوثائقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت هوسم تان، المدير التنفيذي لمكتبة قطر الوطنية: تلتزم المكتبة برسالتها في صون التراث الثقافي للأجيال القادمة عبر تطبيق نهج شامل يجمع بين التخطيط المسبق وتنسيق السياسات والقوانين، والاستعداد للأزمات.
وأضافت: سوف نواصل جهودنا لضمان تزويد المكتبات والمتاحف والمؤسسات الثقافية بالخبرة والموارد اللازمة للاستجابة السريعة والفعالة في أوقات الأزمات.
توطيد التعاون مع إيطاليا وفرنسا
وأكد سعادة السيد باولو توسكي، سفير إيطاليا لدى الدولة على رفض بلاده العنف المستمر في غزة في والضفة الغربية وما يترتب عليه من ضياع التراث الثقافي الفلسطيني. وقال «تفخر إيطاليا بمشاركتها في مناقشات مؤتمر الدوحة الرابع حول سبل التصدي للاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. فحماية التراث الثقافي ليست واجبًا أخلاقيًا فحسب، بل هي مسؤولية جماعية لصون ذاكرة البشرية وهويتها وإبداعها.
وأشار إلى أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في مناطق النزاعات لا سيما غزة، مؤكدًا موقف إيطاليا الرافض للعنف المستمر في غزة والضفة الغربية.
وأشاد سعادة السفير بالتزام قطر الدائم بالدبلوماسية والوساطة وحماية التراث الثقافي، مؤكداً دورها المركزي في تعزيز التعاون الدولي وحماية الإرث الثقافي.
وأعلن سعادته عن إطلاق أول بعثة أثرية إيطالية في قطر، بقيادة الأستاذ ماركو رامازوتي من جامعة سابينزا في روما. وبدعم من وزارة الخارجية الإيطالية والسلطات القطرية، على أن تبدأ البعثة عملها الشهر المقبل في موقع الزبارة المدرج ضمن التراث العالمي لليونسكو، في خطوة مهمة لتعزيز التعاون الدولي في المنطقة.
وأكد سعادة السيد أرنو بيشو، سفير فرنسا لدى دولة قطر، التزام فرنسا الراسخ وتصميمها على مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، مشيرًا إلى حرص بلاده على توطيد أواصر التعاون مع قطر وتعزيزها على جميع الأصعدة الحكومية والإدارية وفي إدارة المتاحف في كلا البلدين، بهدف تضافر الجهود لمكافحة هذا الخطر الهائل الذي يهدد تراث الإنسانية جمعاء. كما صرحت ستيفاني ألتمان-وينانز القائمة بالأعمال لدى السفارة الأمريكية في الدوحة، قائلة: «إن حماية التراث الثقافي لا تقتصر على الحفاظ على الماضي فحسب، بل تتعلق بالحفاظ على الهوية والمرونة والروابط المشتركة بين الدول، منوهة بجهود بلادها في الحفاظ على التراث الثقافي وحمايته».
بدوره أكد سعادة السيد صلاح الدين زكي خالد، ممثل منظمة اليونسكو لدول الخليج العربي واليمن ومدير مكتبها في الدوحة، خلال افتتاح النسخة الرابعة من مؤتمر الدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، على أهمية التركيز هذا العام على الاستعداد للأزمات وحماية التراث الثقافي من الوقاية إلى التعافي. وأشاد بدور مكتبة قطر الوطنية في استضافة المؤتمر للمرة الرابعة، مؤكداً التزامها القوي بالحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز الحوار والدبلوماسية الثقافية والتعاون الدولي، كما استعرض جهود اليونسكو منذ عقود حماية التراث في حالات الطوارئ.
حماية التراث والاستقرار السياسي
وجاءت أولى جلسات المؤتمر تحت عنوان «أزمة ثقافية دراسة حالة حول الآثار المنهوبة وإمكانيات بناء القدرات في الشرق الأوسط» تحدث خلالها الدكتور كريستوس تسيروجيانيس رئيس قسم الأبحاث حول الآثار المنهوبة، كرسي اليونسكو الجامعي في جامعة اونيون باليونان، وخصصت الجلسة الثانية للحديث عن المعايير الأخلاقية والمبادئ التوجيهية والأدوات التي وضعها المجلس الدولي للمتاحف للمؤسسات لحماية الممتلكات الثقافية وقدمتها السيدة صوفي ديليبيير، رئيس حماية التراث في المجلس الدولي للمتاحف، فيما تحدث السيد عبداللطيف الجسمي مدير إدارة حماية التراث الثقافي في متاحف قطر خلال الجلسة الثالثة عن «التراث الثقافي كأداة لتحقيق الاستقرار السياسي».
الجدير بالذكر أن مؤتمر الدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، تحت مظلة برنامج «حماية»، إحدى مبادرات مكتبة قطر الوطنية لحفظ التراث الثقافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبتنظيم مشترك بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج العربي واليمن والسفارات الفرنسية والإيطالية والأمريكية لدى الدولة.
وشهد افتتاح المؤتمر نقاشات مثمرة حول تقاطع حماية التراث مع الاستجابة للأزمات، حيث تناولت الجلسات الحوارية قضايا بالغة الأهمية مثل الاتجار غير المشروع بالآثار في الشرق الأوسط، ومسؤوليات المؤسسات بموجب مدونة أخلاقيات المجلس الدولي للمتاحف واتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (اليندروا)، ودور التراث الثقافي في تعزيز الاستقرار السياسي.
وعلى مدى أربعة أيام، يناقش المؤتمر من خلال برنامج زاخر بالجلسات، محاور رئيسية تشمل الأساليب المبتكرة لحماية التراث، وسبل التأهب للطوارئ، وتعزيز التعاون في مجال تطبيق القانون، بالإضافة إلى استراتيجيات التعافي في مرحلة ما بعد الأزمات.