خبراء وشباب يرحبون بالقرار.. ويؤكدون لـ «العرب»: سلفة الـ 300 ألف ريال للزواج فرصة يجب «حُسن استغلالها»

alarab
محليات 22 أبريل 2022 , 12:20ص
حنان غربي

يوسف السويدي: خطوة إيجابية.. ويجب أن يكون الشباب أكثر وعيا
هند المهندي: الاستفادة من السلفة في تأسيس أسرة بدون ديون خانقة
عبدالرحمن الأحبابي: فرصة مطلوب الاستفادة منها بدل إتلافها
 

رحب خبراء أسريون وتربويون بموافقة مجلس الوزراء أمس الأول على مشروع قرار للمجلس بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية المدنية، والذي يقضي بزيادة قيمة سلفة الزواج لتصبح 300 الف ريال لجميع فئات الموظفين القطريين، بدلا من 100 الف ريال، وذلك لتشجيع الشباب على الزواج، وأجمع الخبراء لـ «العرب» على أن هذا القرار فرصة يجب حسن استغلالها، وخطوة إيجابية ستساهم في حل الكثير من مشاكل الزواج.
وأشار الخبراء إلى أن ارتفاع تكاليف الزواج من بين أكثر الأمور التي تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج، إذ وصلت التكاليف وفقاً لبعض الحالات إلى ثلاثة ملايين ريال لتغطية تكاليف العرس الواحد، فضلاً عن ارتفاع المهور بين 100 و500 ألف درهم في المتوسط.

استقرار المجتمع 
 بداية يؤكد المأذون الشرعي يوسف السويدي أن تكاليف الزواج ترهق الشباب، وأن القرار الأخير برفع سلفة الزواج هو خطوة إيجابية تصب في خدمة المواطنين، وتزيد من دفع المجتمع نحو الاستقرار. 
وأضاف السويدي قائلا: إن الدولة تحرص على تقديم المساعدات المادية والتسهيلات لمن يواجه صعوبة في عقد القران بسبب المسؤوليات المادية، لتسمح للعديد من الشباب والفتيات بالاحتفال بزواجهم بطريقة ملائمة اجتماعيًا واقتصاديًا، حيث تعتبر دول الخليج من أكثر الدول العربية صعوبة في تحمل تكاليف الزواج، خاصة أن الشاب يتحمل المسؤولية المادية كاملة، وفي بعض الحالات قد تبادر الفتيات بالمشاركة ببعض الأمور البسيطة.
وذكر السويدي أنه على الشباب أن يكونوا أكثر وعيا، حيث إن ارتفاع أسعار قاعات الأفراح تؤثر بالسلب على الشباب المقبلين على الزواج، فأي شاب يريد الزواج يكون مضطرًا للحصول على قرض ليتمم زواجه، خاصة أن هناك بعض المتطلبات غير المهمة يمكن لعائلة الفتاة أن يتغاضوا عنها، كما أن المراعاة في المهور وتجنب المغالاة فيها، أساس الزواج السعيد، خاصة للشاب الصغير الذي بدأ خوض معترك الحياة.
وتابع: الابتعاد عن أجواء التفاخر وطلب المهور المرتفعة يصبّ في مصلحة الشاب خاصة أنه لن يضطر لتسديد ثمن مديونيته التي حصل عليها من أجل الزواج، مؤكدًا أن الديون بشكل عام تمنع الزوج والزوجة من الاستمتاع بالحياة والعيش برفاهية.
ودعا الشباب إلى ضرورة الزواج والاستقرار الذي يساهم في تحصين الشباب والفتيات ويقلل من نسبة العنوسة في المجتمع، كما يعمل على زيادة أعداد القطريين. وشدد السويدي على ضرورة التزام الشباب بتعاليم الدين التي تؤكد أن «خير الصداق أيسره»، وتدعو إلى تحصين الشباب، وعدم تعقيد الأمور والركض وراء أمور غير مهمة أو من الكماليات، وقد تكون فقط من أجل المظاهر.

المجتمع تعلم من «كورونا»
السيدة هند المهندي أكدت أن القرار يصب في مصلحة المواطنين والمجتمع، وترى أن بعض الشباب يعزف عن الزواج بسبب ارتفاع تكاليف الحفلات وتقول هند: أعتقد أن الشباب خصوصا والمجتمع عموما تعلّم من تجربة كورونا والحجر الصحي، وترشيد المصاريف وعقلنتها، فمن حق الفرد أن يفرح في ليلة العمر ويسعد من حوله، لكن ذلك لا يتعارض مع أن يأخذ بعين الاعتبار أن بعض المظاهر لا تفيد على الإطلاق، بل لها مضار كبيرة كونها تستنزف موارد مالية كبيرة في مرحلة مهمة من مراحل بناء المستقبل في حياة الشباب، حيث يمكنهم ادخار هذا المبلغ لمستقبل الأسرة الوليدة.
 وتأمل هند أن يستغل الشباب سلفة الزواج في تأسيس أسرة بدون ديون بنكية خانقة وأن ينتهج غالبية الشباب هذه الطريقة للقضاء على مظاهر البذخ في حفلات الزفاف والخطوبة وغيرها، معتبرة أن الفرحة والسعادة لا تعني الحفلات والضجيج، بل يمكن أن تتحقق في حضور عدد قليل من الأحبة في إطار أسري. وأضافت المهندي أن غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج من أهم أسباب عزوف الشباب عن الزواج، وارتفاع سن الزواج لدى الجنسين، وزيادة نسبة العنوسة، إذ إن ذلك يشكل عبئاً كبيراً على الشاب ويثقل كاهله، ويدفعه إلى تأخير الزواج أو الاقتراض بما يتجاوز مقدرته المالية، وما يتبع ذلك من آثار اقتصادية صعبة ترفع نسبة الطلاق في السنوات الأولى للزواج.
وفيما يخص نظرة المجتمع للفتاة التي يكون مهرها ميسراً أو يقبل أهلها بمهر بسيط، قالت: ينظر بعض الناس إلى الفتاة التي تتزوج بمهر قليل على أنها فتاة بسيطة وأهلها كذلك بسطاء، والناس تغرّهم المظاهر، فالمهر الغالي يعني عند هؤلاء أن العريس ثري، وأن الزواج رابح، وأن للعروس وأهلها الحق في طلب ما يرونه مناسباً، وأن قيمة المهر ترفع من قيمة العروس، وتزيد من ثقتها في نفسها وسط أقرانها، كما يجعل زوجها يقدّرها، لكن تكاليف الزواج والمهور المبالغ فيها تجبر الشاب على الاقتراض للزواج، وذلك قد يجعله يشعر أن زوجته عبء عليه منذ البداية.

العزوف عن الزواج 
من جانبه، يعتبر الشاب عبدالرحمن الأحبابي، طالب جامعي غير متزوج، أن رفع سلفة الزواج إلى 300 ألف قد يصب في حل مشكلة العزوف عن الزواج، خصوصا مع تفشي ظاهرة غلاء المهور التي يعاني منها المجتمع منذ فترة، رغم أنه قد تم مناقشتها وطرحها في العديد من المحافل، وتم تقديم العديد من الحلول للحد من هذه الظاهرة، لكنها لا تزال مستمرة.
وقال الأحبابي: إذا تطرقنا هنا لغلاء المهور فهو نتاج مجموعة من القضايا المجتمعية والتربوية المرتبطة ببعضها البعض، فمثلاً من الناحية المجتمعية أصبحت ثقافة الأسر في المجتمع ارتفاع مهر الفتاة، وذلك حتى تتماشى مع متطلبات المجتمع واحتياجاته الأساسية، وهي احتياجات في حد ذاتها من الممكن أن تكون كمالية بطبيعتها، ولكن مع الوضع الاجتماعي للأسرة ونظرة المجتمع تحول الكمالي إلى أساسي.
وأضاف: من الناحية التربوية يعاني المجتمع من عدم تنشئة الأبناء على تقديس الزواج، كزواج لتكوين أسرة وبناء مجتمع، وإنما ينظر إليه كأنه بوابة لتحقيق الأحلام المتراكمة التي كبرت معها منذ الطفولة، ليزيد الضغط على كاهل الزوج محاولاً تحقيق هذه الأحلام، ولهذه الظاهرة أثر كبير على حياة الزوجين بعد الزواج، وخاصة إذا بدأت هذه الرحلة بديون مالية طائلة تؤثر سلباً على الاستقرار المالي والاستقرار النفسي للأسرة الصغيرة، التي ستواجه مصاعب الحياة بشكل أو بآخر. واعتبر الأحبابي أن الزيادة في مبلغ السلفة فرصة على الشباب اغتنامها والاستفادة منها على أكمل وجه بدلا من اتلافها.