نتائج «ريو» تتطلب وقفة حازمة وجادة
رياضة
21 أغسطس 2016 , 12:28ص
ريودي جانيرو - العرب
تباينت نتائج أرقام أبطال ألعاب القوى في أولمبياد ريو 2016 ما بين النجاح والفشل والرضا، فهناك من أجاد وتميز في عطائه وأدائه وأوفى بالوعد بأن يرتقي بمستواه إلى درجة الطموح والتحدي الأولمبي، وهناك من أخفق.
وبعيدا عن الأرقام والنتائج التي حصدها أبطال أم الألعاب العنابية في ريو، وهي الأفضل قياسا على ما سبقها من إنجازات (برونزيتان) برشلونة 1992 للعداء محمد سليمان في 1500م، وبرونزية معتز برشم في أولمبياد لندن 2016، وأخيرا فضية معتز في ريو 2016، وبذلك أسهمت أم الألعاب في تعزيز الغلة الملونة لدولة قطر إلى (5) ميداليات ملونة منذ مشاركتنا في أولمبياد لوس أنجليس، وبالتأكيد كانت الآمال والطموحات كبيرة في أبطالنا، خاصة المميزين دوليا أمثال معتز برشم بالوثب العالي، وفيمي سيون في سباقي 100م، 200م، وعبدالإله هارون بسباق 400م، هؤلاء كان يأمل منهم تحقيق نتائج مشرفة والوقوف أيضاً على منصات التتويج، خاصة بالنسبة للأولمبي برشم صاحب الخبرة والقدرات والمؤهلات الشخصية التي تؤهله بجدارة لأن يقارع أبطال العالم في الوثب العالي، وفعلا بيض الوجه واعتلى منصة التتويج حاصدا فضية ريو والثنائية التاريخية له كأول رياضي قطري يحصد ميداليتين برونزيتين في لندن 2012 وريو 2016. فيما تعثر عداؤنا الواعد عبدالإله هارون في اجتياز المرحلة الثانية والتأهل إلى نصف نهائي سباق 400م، وكان الهدف من هارون في ريو أن يبلغ النهائيات، فيما كانت الصدمة الكبرى الخروج الكارثي للعداء فيمي سيون أسرع رجل آسيوي خالي الوفاض من تصفيات سباقي 100م و200م، باعتباره صاحب تجربة ثرية وخبرة كبيرة في مضامير القوى العالمية.
المحاسبة الفنية والإدارية مطلب ملح
بالتأكيد مبدأ التقييم والمحاسبة والعقاب والصواب، مبدأ سليم وثابت في معيار تجويد الأداء والعطاء سعيا لتحقيق النتائج المرجوة وترجمة الخطط والاستراتيجية المستهدفة، لمدة أربع سنوات أو خمس، أو ما تعدى ذلك.. نعم فيمي ذرف دموعا غزيرة وتأسف، ولكن هذا لا يجدي أو يؤسس لمرحلة جديدة قائمة على الاحترافية والرصد والمتابعة والتقييم في مشاريع إعداد الأبطال العالميين، نعم الآخرون ينظرون لنا في أم الألعاب خليجيا وآسيويا وعربيا، وحتى دوليا باعتبارنا نموذجا وقدوة في العمل المؤسسي، والتاريخ ينصف قطر كأول دولة خليجية تحصد ميدالية ملونة أولمبية (برونزية العداء محمد سليمان في برشلونة عام 1992)، وهو مؤشر إيجابي يصب في نهر خبراتنا التراكمية، عبر أجيال سكبت العطاء والعرق والجهد في سبيل رفع العلم.. نعم أبطال كثر، أجزلوا العطاء وتفانوا طويلا لتشريف بلادهم، والقائمة تطول بالكواكب أمثال الأولمبي محمد سليمان، غزال آسيا طلال منصور، العملاق بلال سعد وإبراهيم إسماعيل، محمد إبراهيم، مبارك النوبي، عبدالرحمن النوبي، عبدالله الشيب، منصر صالح، سلطان الدوسري، علي إسماعيل، محمد الذوادي، خالد حبش، راشد الدوسري، كل هؤلاء غرسوا الثمار وأسهموا وغيرهم في ترك أرث لأم الألعاب في وطننا، ومن هنا ألعاب القوى القطرية صاحبة تاريخ مجيد وليس عابرة بالصدفة في أولمبياد ريو 2016.
أم الألعاب مصدر فخر
نعم.. كان لا بد من المقدمة واستعراض الإرث، لمن لا يعرف أو يجهل مسيرة والعطاء، فلأم الألعاب القطرية تاريخ ناصع وهي مصدر للفخر والاعتزاز حاضرا ومستقبلا، طالما بقي في قلوب شبابنا نبض يفوح بحب الوطن والانتماء.. نعم ستظل راية القوى القطرية عالية وخفاقة ترنو دوما للتمثيل المشرف، طالما بقي هناك رجال مخلصون يحملون الوطن في حدقات العيون.
السقوط.. ليس نهاية المطاف
حكاية سقوط البطل فيمي سيون أسرع رجل آسيوي في منافسات ريو 2016، يجب أن تكون درسا قاسيا له، فقد كان جاهزا (%100) حسب تقارير مدربه ورصده لمؤشرات الأداء الرقمي والجهوزية البدنية والمعنوية، ووصل إلى ريو دي جانيرو قبل أسبوع للتأقلم على الطقس والتأهب جيدا للتصفيات، إلا أن الحصيلة جاءت سلبية وغير متوقعة، حيث قدم فيمي أداء هزيلا لم يرق إلى مستوى الطموح والآمال، بل تخطاه أبطال أسيويون من الصين واليابان، وتأهلوا إلى المراحل المتقدمة، وجاء التفسير الوحيد من مدربه بأن فيمي كان دوما يفكر في كيفية منازلة الكبار في النهائي، دون الإحساس بالواقع، بمعنى أن عقله كان شاردا، مما أدى إلى النتيجة الكارثية، ليدفع فيمي ثمن استهتاره بالمنافسين، وليهدر أربعة أعوام غالية من حياته الرياضية والاحترافية، على أمل أن يعوض في مناسبات أخرى في «علم الغيب» وأبرزها بطولة العالم في لندن 2019 في الهواء الطلق، وبطولة العالم داخل الصالات في برمنجهام بريطانيا عام 2018، وبطولة العالم في الهواء الطلق في قطر عام 2019، وأخيرا الحلم الأولمبي في طوكيو 2019، نعم السقوط ليس نهاية المطاف بل قد يكون بداية وثبة نحو التفوق والتميز الرياضي، فقط علينا استخلاص العبر والدروس من الإخفاق والتطلع إلى الأمام دوما ولكن أيضاً لا بد من محاسبة فيمي والتعامل معه بحزم، فضياع هذه السنوات من إعداده وتجهيزه ومن ثم فشله الذريع يتطلب أن يُحاسب وبشدة، فإما الالتزام أو الابتعاد، فمن يريد تمثيل قطر يجب أن يكون على أعلى مستوى من تحمل المسؤولية والقدرة على ذلك خصوصا أن لجنة المنتخبات وفرت كل مقومات النجاح. نعم حقق فيمي إنجازات في 2015 إلا أن المحك الرئيسي هو الأولمبياد وهي المحطة الأهم التي تتجه إليها كل أنظار العالم ولكنه عجز وفشل وبامتياز.
الخلاصة.. قبل أن نحاسب!
الخلاصة.. قبل أن نحاسب علينا أن نجلس ونتفكر ونتدارس في خبايا كشف حساب المصالح ومعدل النجاح.. قلة فقط تعرف معاناة اتحاد اللعبة برئاسة اللواء الحمد رئيس الاتحادين القطري والآسيوي.. نعم قلة فقط تعرف معاناة أبطالنا الأولمبيين وهم يكابدون ويسابقون الأزمنة ويستجدون الغير داخل قطر من أجل إيجار ملعب للتدريب أو الرمي. من يصدق أن الاتحاد الذهبي وصاحب أعلى إنجاز أولمبي لقطر وحاصد «ثلاثة أوسمة أولمبية» دون ملاعب تدريب أو دعم مالي ملائم لتجهيز أبطال؟ علما بأن الاتحاد القطري لألعاب القوى ألغى من روزنامته للعام القادم عدة بطولات ومعسكرات مبرمجة للفئات العمرية للشباب والناشئين، وألغى وظائف مساعدي المدربين الوطنيين وتقليص عدد الباصات الخاصة بتنقلات اللاعبين واللاعبات، كل ذلك لتوفير قدر من الموارد المالية لتسيير خططه الاستراتيجية..
نقطة على السطر.. قبل أن نتناول معاول الهدم.. علينا أولا أن ندرس كشف الحساب بدقة.. وكم يتطلب من الموارد المالية والدعم والتسهيلات لتجهيز بطل أولمبي بقامة معتز برشم. والاستفادة من نموذج برشم من أجل تطبيقه على بقية رياضيي ألعاب القوى والتركيز على من يمكنه تحقيق إنجاز أولمبي والاهتمام به حتى يحقق ما نصبو إليه، فالعبرة في الكيف وليس الكم!
جهود مقدّرة للطاقم الإداري والفني
إذن لن نبخس حق رجال أكفاء عملوا على مدار أعوام من أجل الإعداد وتجهيز الأبطال أمثال أبوبكر حيدر وأشرف الصيفي وأحمد بدير، وحتى الواعدة دلال الحارث باعتبارهم خامات واعدة ومبشرة بالخير، ولا ننسى أن اتحاد القوى برئاسة اللواء الحمد ومشرف المنتخبات الوطنية خليفة خميس وطاقمه المعاون خليفة عبدالملك وخالد المري، بذلوا جهدا خارقا على مدى أربعة أعوام للإعداد، ورغم إنجاز برشم إلا أن الطموحات والآمال كانت كبيرة ولكن هذا لا يعني أن ندمر المنجز لنبدأ من الصفر لمرحلة مجهولة أخرى بلا أهداف أو مقاصد نبيلة.