عملت الآلة الدعائية الإماراتية خلال الأسابيع الماضية بكامل طاقتها في القارة الأوروبية لإعادة الاعتبار لصورتها التي اهتزت خلال الأشهر الماضية جراء تصاعد الانتهاكات التي تتهم بارتكابها على نطاق واسع داخل الدولة وخارجها وفي مقدمة ذلك الانتهاكات الواسعة التي تنخرط بها في اليمن، وانشغلت الدبلوماسية الإماراتية في عملية حشد كافة الأدوات للتغطية على الانتقادات التي وجهتها لها منظمات حقوقية دولية ملقية باللوم على الدولة الجارة قطر.
وجمع المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط عددا من الشهادات لشخصيات ومؤسسات فرنسية وسويسرية وحقوقية تعمل في باريس وجنيف، تركزت تلك الشهادات عن لقائهم بمسؤولين إماراتيين ومصريين بهدف دفعهم لاستصدار مواقف إدانة لقطر من بوابة انتهاكات حقوق العمالة في منشآت بطولة كأس العالم المنوي انعقادها في قطر عام 2022.
الناشط الحقوقي الفرنسي C. H. والذي يعمل في إحدى المنظمات الحقوقية الفرنسية المعروفة قال في افادته للمجهر أنه التقي في باريس نهاية ديسمير من العام الماضي شخصية مصرية معروفة تعرف عليها قبل أعوام خلال اجتماع اللجنة التنفيذية للفيدرالية الدولية لحقوق الانسان (حافظ أبو سعدة)، مضيفا أنه رافق الشخصية المصرية رجل عرف نفسه أنه ناشط حقوقي لمؤسسة عربية وشخص آخر بملامح خليجية.
قال الناشط انه تلقى دعوة من أبو سعدة للانضمام إلى لجنة ستشكل من عدد من النشطاء الأوروبيين بهدف الدفاع عن حقوق العمال في قطر، مضيفا أن أبو سعدة عرض عليه منصب السكرتير العام للحملة مقابل مبلغ كبير وهو ما دفعه للشك في أهداف هذه اللجنة والتساؤل عن دوافعها واستشارة بعض من زملائه الذين نصحوه بالابتعاد عن أبو سعدة الذي تم فصله من الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان على خلفية عدم التزامه بمعايير الانضباط المهني والحقوقي.
سجل حقوقي
أبو سعدة التقى بعدد من النشطاء خلال أربعة أيام مكثها في العاصمة الفرنسية ودعاهم للمشاركة بتغطية تكاليف الاقامة والسفر ومكافآت نظير مشاركتهم في أنشطة مفترض عقدها خلال الأشهر الثلاثة من هذا العام بينها أنشطة تعمل على مهاجمة السجل الحقوقي لقطر والدفاع عن ملف الإمارات مع اقتراب المراجعة الدورية لحالة حقوق الإنسان في الدولة.
ووفق ما حصل عليه المجهر من إفادات ومعلومات فقد فشل أبو سعدة في استمالة أية من النشطاء وهو ما دفعه للجوء إلى نادلة تعمل في أحد المقاهي الباريسية تدعى D. J قدمه لها سعدي سرحان وهو شخص لاحقته شبهات غسل أموال العام الماضي عبر مؤسسة إماراتية وهمية تدعى الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان.
سرحان الذي قدم النادلة لسعدة على أنها صديقته الحميمة، قام بالاتفاق معها على أن تكون المتحدثة باسم حملة تستهدف الدفاع عن حقوق العمال في قطر لقاء مبلغ مالي شهري، وهو ما دفع النادلة للاستقالة من المقهى والانتقال إلى جنيف في الأسبوع التالي.
حملة ممنهجة
وخلال الأسبوع الجاري نقلت صحف خليجية تابعة للإمارات تصريحات للنادلة أطلقتها من قاعة تم استئجارها من إحدى المنظمات الغير حكومية في جنيف، واعلنت عن اطلاق ما اسمته حملة الإنصاف الدولية للعمال المشاركين في بناء منشآت كأس العالم في قطر. ووفق التصريحات التي خرجت باسم النادلة يتضح للمجهر أن المنظمات التي تشكل الحملة منخرطة بشكل كامل في حملة إماراتية تستهدف إساءة السمعة لقطر وتبييض السجل الحقوقي في قطر وهي ذات المنظمات التي يشرف عليها أبو سعدة وسرحان، وهو ما يؤكد رفض كل المنظمات الفرنسية التي حاول أبو سعدة والشخصية الإماراتية استمالتها للمشاركة في هذه الحملة رغم المبالغ المغرية التي تم عرضها.
وفي فحص للمنظمات المشكلة للحملة يتضح أيضا أنها منظمات وهمية دعائية باستثناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي حولها أبو سعدة خلال الأعوام الماضية إلى منصة دعائية مدفوعة الأجر.
سجل جديد
المنظمة المصرية التي أسست عام 1985 المعروفة بتاريخ طويل من العمل في مجال حقوق الإنسان، صاحبها سجل جيد نسبيًا في العمل الحقوقي، إلا أن تلك الجمعية استخدمت أيضًا كأداة من قبل الأنظمة المصرية المتعاقبة للدفاع عن الحكومة المصرية، حيث عمدت العديد من تقاريرها إلى تقديم مصر كواحة لحرية التعبير وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط. إلا أن المنظمة فقدت مصداقيتها تماما عقب الثورة المصرية في يناير 2011 عندما انحازت إلى النظام العسكري المصري وتجاهلت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
السكرتير العام للمنظمة المصرية حافظ أبو سعدة، حاول التغطية على انتهاكات ارتكبها الجيش المصري بحق أفراد مصريين، حيث انتقد حينها تقرير منظمة (هيومن رايتس ووتش) حول الأحداث الدامية في العام 2013/2014 وتقرير العفو الدولية. وادعى أن تقارير هذه المؤسسات وأرقامها مبالغ فيها. وهو ما دعا الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، لوقف عضوية المنظمة المصرية، وطرد أبو سعدة لدعمه انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
العام الماضي كشفت مصادر عدة عن تلقي المنظمة المصرية مبالغ طائلة من الحكومة الإماراتية لقاء مشاركتها في تسييس الإمارات العربية المتحدة لعمل مجلس حقوق الإنسان، إذ سهلت عمل منظمة محلية إماراتية سيئة السمعة تدعى الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين خلال سبتمبر الماضي.