مشاركون في مؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد يستعرضون جهود استرداد الأصول وتعزيز التعاون الدولي

alarab
محليات 18 ديسمبر 2025 , 04:40م
قنا

استعرض مشاركون في أعمال الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التقرير الأخير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، منوهين بأهميته في تعزيز فهم المجتمع الدولي لممارسات التعاون العملي والحفاظ على الأصول، وتثمين الاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية في هذا المجال.

  وأشاروا، في معرض حديثهم بالجلسة العامة لليوم الرابع من المؤتمر، إلى أن النتائج الصادرة عن الاجتماعات الدورية أظهرت جدوى الخطط التنفيذية التي تعمل على تعزيز التدابير التشريعية والعملية والتنسيقية في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مؤكدين أن تطبيق قوانين العوائد وأدوات الجريمة، إضافة إلى تفعيل آليات المساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية، يمثل ركيزة أساسية لدعم الجهود الوطنية والدولية لاسترداد الأصول غير المشروعة.

وأوضحوا أن تطوير التشريعات الناظمة للاستخبارات المالية واللوائح المرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يساهم بشكل مباشر في تعزيز القدرة على تتبع وتحليل الأصول، بما يتوافق مع المعايير الدولية وروح الاتفاقية، لافتين إلى أهمية تطوير الأدلة الإرشادية وإصدارات المعرفة العملية التي تهدف إلى توحيد وتسهيل الإجراءات المتعلقة بإدارة الممتلكات المصادرة والمقيدة، بما يضمن الاتساق والحوكمة الفعّالة.

  كما اعتبروا أن تبادل الخبرات بين الدول المشاركة ومكاتب إدارة الأصول يشكل أداة قيمة لتعزيز الكفاءة التشغيلية والشفافية في التعامل مع الأصول المستردة، مشيرين إلى أن استرداد الأصول غير المشروعة يمثل مسؤولية جماعية للمجتمع الدولي، وأن غالبية هذه الأصول يتم تحويلها عبر الحدود من خلال أنظمة مالية عالية العولمة، ما يجعل التعاون الدولي أمرًا ضروريًا لضمان فعالية الجهود.

  وأبرزوا أن استرداد الأصول الفعال يتطلب إطارًا متعدد المستويات، يشمل تعزيز الوصول إلى معلومات الملكية المستفيدة، وزيادة الشفافية المصرفية، وتفعيل آليات الإنفاذ المتبادل، ومشاركة الأدلة على المستوى الدولي بطريقة منظمة وفعالة.

  وتناول المشاركون أهمية وضع أنظمة لإفصاح الشركات عن المالكين المستفيدين، بما يضمن جمع المعلومات الدقيقة والموثقة، وإتاحتها للمؤسسات المعنية، بما يسهم في تسريع عملية استرداد الأصول وتحقيق الاستفادة القصوى من الإجراءات القانونية والتشغيلية، معتبرين أن هذه الإجراءات، جنباً إلى جنب مع التعاون الدولي الفعّال، تضمن أن عمليات مكافحة الفساد لا تظل مجرد إجراءات شكلية، بل تصبح أداة حقيقية لتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وأن إصلاح القوانين الوطنية وتعزيز سيادة القانون يمثلان أولوية قصوى، وأن النزاهة والشفافية والمساءلة هي الركائز الأساسية لتحقيق بيئة مؤسسية قوية ومستدامة.

  ونوهوا إلى أن التحول الرقمي وأتمتة الخدمات الحكومية يسهمان في تعزيز كفاءة العمليات، بما يشمل نظم المشتريات، والتراخيص، والمزادات الإلكترونية، مع ضمان استدامة الإجراءات وتعزيز الرقابة، لافتين إلى أن الجهود الرامية لتعزيز التعاون الدولي لاسترداد الأصول تتضمن تبني أطر قانونية واضحة، تشمل الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف، إلى جانب ترتيبات التنسيق المشترك بين السلطات القضائية والمالية، فضلا على أن التعاون متعدد المستويات يتيح تعزيز قدرات الدول على التعامل مع الأصول المتنوعة، بما في ذلك الأموال المودعة في مؤسسات مالية مختلفة أو الأصول الرقمية، مع الحفاظ على معايير الشفافية والمساءلة.

وذكر المشاركون أن استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة وتقنيات البلوك تشين يمكن أن يسهم بشكل فعال في تعزيز القدرة على تتبع الأصول وتحديد مواقعها وتقييم قيمتها، مؤكدين أن دمج هذه الأدوات مع الإجراءات القانونية التقليدية يتيح تحقيق استرداد أوسع وأكثر فعالية، بما يشمل المصادرة القائمة على الإدانة والمصادرة غير القائمة على الإدانة، مع التركيز على تعظيم قيمة الاسترداد وتقليل فرص التهرب، وأن التعاون الدولي لا يقتصر على تبادل المعلومات بل يشمل أيضًا بناء القدرات المشتركة بين الجهات القضائية والمالية والأمنية، وتنظيم برامج تدريبية مشتركة لتعزيز خبرات فرق استرداد الأصول، وتسهيل تبادل أفضل الممارسات بين الدول، إلى جانب إسهام هذا التعاون في تعزيز الثقة بين المؤسسات، ويضمن سرعة وفعالية اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

  وشدد الخبراء على أهمية إنشاء منصات شبكية آمنة لتبادل المعلومات الاستخباراتية والتشغيلية التي توفر قناة اتصال موثوقة بين السلطات الوطنية والدولية، وتتيح التواصل الفوري والمباشر فيما يتعلق بالأصول المشبوهة أو المستردة، مشيرين إلى أن هذه المنصات تشمل أدوات للدردشة والمكالمات الصوتية والمرئية، وتبادل الملفات والمستندات، وتنسيق العمليات المشتركة، بما يعزز فاعلية الإجراءات ويقلل من المخاطر المرتبطة بتسرب المعلومات.

  كما أكدوا أن إعادة توظيف الأصول المصادرة لخدمة المصالح العامة يشكل جزءًا لا يتجزأ من جهود مكافحة الفساد، مشيرين إلى أن توجيه الموارد نحو الوقاية والتعليم والحماية الاجتماعية يعزز الاستفادة من هذه الأصول ويحقق تأثيرًا مستدامًا على المجتمعات، معتبرين أن هذه الممارسات تشجع على تعزيز الشفافية والمساءلة، وتضمن أن تكون نتائج استرداد الأصول ملموسة ومرئية على الأرض.

وأشار المشاركون إلى أن نجاح جهود استرداد الأصول يتطلب تضافر جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات القضائية، والجهات المالية، وأجهزة الشرطة، والمنظمات الدولية، مع الحفاظ على إطار قانوني مرن يتيح التعامل مع المستجدات والتحديات المتغيرة.
وأكدوا أن التعاون الدولي القوي والفعّال يعتمد على الالتزام الصارم بالقوانين والاتفاقيات الدولية، وإزالة العقبات القانونية والإجرائية، وتعزيز الإرادة السياسية على جميع المستويات.  

كما تطرقوا إلى أهمية استخدام نماذج التحليل الاستراتيجي والتخطيط العملياتي في جميع مراحل عملية استرداد الأصول، بدءًا من تحديد مواقع الأصول، وصولًا إلى متابعة إجراءات المصادرة والإعادة، مع دمج البيانات والمعلومات من مصادر متعددة لضمان دقة وكفاءة الإجراءات، معتبرين أن النهج التكاملي يتيح استجابة أسرع وأكثر مرونة، ويسهم في تحقيق أهداف مكافحة الفساد بشكل مستدام، معتبرين أن تعزيز الأطر المؤسسية لإدارة الأصول المستردة، بما يشمل تطوير السياسات والإجراءات والأدلة العملية، يضمن تنظيم الموارد وتعظيم العائدات، ويعزز قدرة المؤسسات على العمل بكفاءة وشفافية.

وبينوا أن هذه الجهود تتطلب متابعة مستمرة، وتقييمًا دوريا لأفضل الممارسات، واستفادة مستمرة من الخبرات الدولية لتطوير الأداء المؤسسي، مؤكدين على أن التحديات المتعلقة بالأصول المشفّرة والأصول الرقمية تتطلب إعداد أطر قانونية وتنظيمية واضحة، إلى جانب تعزيز قدرات الجهات المعنية على رصد هذه الأصول وتتبعها، وضمان التزام مقدمي الخدمات المالية بالتقيد بالمعايير الدولية.

وأبرز المشاركون أن التعامل مع هذه التحديات بشكل استباقي يساهم في تعزيز فعالية استرداد الأصول وحماية الأسواق المالية من الانتهاكات، لافتين إلى أن استرداد الأصول لا يقتصر على الإجراءات القانونية والتقنية، بل يشمل أيضًا إدارة شاملة للمخاطر، والتخطيط الاستراتيجي، وبناء شراكات قوية على المستويين الإقليمي والدولي، بما يضمن استدامة النتائج، لاسيما أن هذه الشراكات تمثل عنصرًا حيويا لتبادل المعلومات والخبرات، وتسريع عمليات الاسترداد، وضمان تحقيق أقصى قدر من التأثير الاجتماعي والاقتصادي من الموارد المستردة.

ونوهوا إلى أن التجارب العملية أكدت أهمية الربط بين التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الميداني، مع توحيد الإجراءات عبر الجهات المختلفة، لضمان تكامل الجهود وعدم تكرار العمل، وتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة، لافتين إلى أن هذا التكامل يتيح متابعة دقيقة للأصول المستردة، ويضمن التوافق مع المعايير الدولية والمتطلبات القانونية المحلية والدولية.

وشدد المشاركون أيضا، في تدخلاتهم، على أهمية استرداد الأصول يمثل أحد أبرز محركات مكافحة الفساد، وأن تطوير نظم إدارة الأصول المستردة، وتعزيز التعاون الدولي، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، يشكل الركائز الأساسية لتحقيق نتائج فعّالة ومستدامة، فضلا على الالتزام بالشفافية والمساءلة وتوظيف الأطر القانونية والتقنية المناسبة بما يضمن أن تكون جهود استرداد الأصول أداة حقيقية لتعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والدولي