

تُعتبر ركيزة البحوث والتطوير والابتكار من الركائز الأساسية التي تقوم عليها مؤسسة قطر. فقد وضعت المؤسسة منذ 25 عامًا حجر الأساس لثقافة البحث العلمي، بهدف جعل دولة قطر مركزًا رائدًا للبحوث والابتكار، ووجهةً للعلماء العرب الذين أسهم عدد كبير منهم في توفير بنية تحتية بحثية استفادت منها مؤسسات القطاع العام والشركات العاملة في القطاع الخاص سواء في دولة قطر أو المنطقة. وقد انطلقت المؤسسة من ركيزة البحث العلمي إيمانًا منها بأهميته في بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة، بما يُمكّن الباحثين من تطوير حلول مبتكرة للتحديات الوطنية، والتوصل إلى نتائج بحثية ذات تأثير على مستوى العالم.
لم تكن رؤية مؤسسة قطر لتكتمل لولا منظومة البحوث والتطوير والابتكار التي تضمّ اليوم مراكز ومعاهد بحثية متنوعة ومبادرات رائدة، وأبرزها واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي. وهذا ما جسدته المؤسسة في إنجازاتها على مدار 25 عامًا من أجل إثراء حياة الناس، وقد ظهر ذلك جليًا في جهودها عبر مختلف المجالات سواء في قطاع الرعاية الصحية، أو البحوث في مجال النفط والغاز، أو الطاقة المستدامة، وغيرها.
وربّما أقرب مثال على جهود المؤسسة في مجال البحث العلمي، ظهر في مواجهة جائحة كوفيد 19، عبر مختلف مراكزها ومبادراتها، سواء عبر معهد قطر لبحوث الطب الحيوي؛ أو سدرة للطب، أو مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية «ويش»، برنامج قطر جينوم، قطر بيوبنك؛ وغيرها من أوجه الدعم التي قدّمها الباحثون والعلماء في جامعة حمد بن خليفة، والجامعات الشريكة.
هل استشرف قادة المؤسسة الغد بتأسيسهم واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا كنواة منظومة قطاع البحوث والتطوير والابتكار في المؤسسة؟ وما هي التحديات التي واجهتهم آنذاك، سواء في عمليات بناء المرافق العلمية البحثية، أو استقطاب الباحثين والعلماء والخبراء العالميين؟ وكيف انطلقت المؤسسة في تلك المرحلة بغرس ثقافة البحث العلمي في المجتمع؟
وطرحت الجلسة النقاشية التي عُقدت بعنوان «قصص من مؤسسة قطر لم تُحك بعد»، وقال المهندس عبدالرضا عبدالرحمن، الذي لعب دورًا فاعلًا ورئيسيًا في تأسيس واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا: «لقد وُلدت فكرة واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا من اسم المؤسسة نفسه: مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع. وقد بدأتُ أفكّر في تنمية المجتمع. المجتمع القطري المتعلّم والراقي الذي يحمل أفكار إبداعية باستطاعتها أن تُدرك الواقع، والاحتياجات الحالية والمستقبلية. وفكرّنا آنذاك بأننا نحتاجُ إلى تعليم مميز ومتقدّم لتلبية تطلعات المجتمع في قطر».
أضاف: «إذن لدينا تنمية المجتمع هو الضلع الذي يشكل قاعدة المثلث، والتعليم الضلع الثاني من المثلث، والبحوث هو الضلع الثالث الذي يكتمل به مثلث مؤسسة قطر».
تابع المهندس عبدالرضا عبدالرحمن: «في ذلك الوقت، أدركنا حاجتنا إلى البحوث العلمية المتخصصة بالتكنولوجيا المرتبطة بالغاز، وكيفية تحويل الغاز الطبيعي إلى مواد تُضيف قيمة اقتصادية وفكرية. عملية تسييل الغاز غير معقدة، ولكنّ تحويل غاز الميثان إلى منتجات، كانت عملية معقدة، وتحتاج إلى دراسات وأبحاث في هذا المجال. لذا، تأكدت لنا أهمية إنشاء وجهة للابتكار يقصدها الباحثون وخريجو جامعات المدينة التعليمية، حيث يعمل الأساتذة والعلماء جنبًا إلى جنب مع الخريجين، والطلاب، لا سيّما في مجال الهندسة الكيميائية، بهدف إجراء البحوث المتعلقة بإنتاج مواد تُشكل قيمة اقتصادية وإضافية تعود بالنفع على دولة قطر والمجتمع».
حصة رئيسية لـ «نجوم العلوم»
وختم: «ومن أجل بناء هذا النموذج، قمنا بزيارة العديد من واحات العلوم والتكنولوجيا التي كانت في طور التطوّر، من أجل دراسة ما نحتاجه وفق رؤية المؤسسة. وبالفعل، زرنا المرافق العلمية في ولاية نورث كارولاينا الأمريكية؛ جامعتي كامبريدج وأكسفورد في بريطانيا، وجامعة فريجينا كومنولث في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أيقنا حينها أننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو توطين المعرفة لأننا كنا نتطلع إلى تعزيز ثقافة الابتكار من أجل تلبية احتياجاتنا الوطنية».
وكان لبرنامج «نجوم العلوم» حصة رئيسية من النقاش الذي تخللته الجلسة، حيث أكد المتحدثون على أهمية هذه المبادرة التابعة لمؤسسة قطر والتي انطلقت في العام 2009 بهدف دعم الجيل الجديد من المبتكرين العرب، وذلك في ظلّ زحمة البرامج الفنية التلفزيونية آنذاك، حيث ارتأت قيادة مؤسسة قطر ضرورة تسليط الضوء على المبتكرين من الشباب العربي، وتحفيز الشباب في المنطقة على الإبداع والابتكار والاختراع، التزامًا منها برسالتها الرامية إلى إطلاق قدرات الإنسان. كذلك تناول المتحدثون في «قصص لم تُحك بعد من مؤسسة قطر» دور المؤسسة أيضًا كحاضنة للمبتكرين والعلماء العرب المهاجرين، والذين أصبحوا جزءًا من قاعدة البيانات البحثية في منظومة البحوث والتطوير والابتكار في المؤسسة.
علاقة وثيقة ومتكاملة
في هذا السياق، سلّطت سعادة الدكتورة شيخة المسند الضوء على مخرجات مؤسسة قطر في مجال البحوث والتطوير والابتكار ودعم مسيرة التنمية المستدامة في قطر قائلة: «العلاقة بين مؤسسة قطر والمؤسسات الوطنية هي علاقة وثيقة ومتكاملة؛ فقد نشأت مؤسسة قطر من أجل دعم مسيرة التنمية في البلاد، لافتة إلى توفير المؤسسة الدعم إلى المؤسسات الوطنية المعنية بقطاع الصحة، حيث هناك العديد من المشاريع المشتركة والبحوث بين الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر ومؤسسات وطنية مثل جامعة قطر ومؤسسة حمد الطبية؛ وتعاون مستمر مع الوزارات».
وأضافت: «هدف مؤسسة قطر هو إحداث التغيير الإيجابي من أجل تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، وهذا يتجلى بكيفية تأثيرها على عمل المؤسسات الوطنية من خلال المبادرات والمشاريع المشتركة والمستمرة».