خلال فترة ما يزيد على ستة أسابيع منذ الاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه دول أوبك في الجزائر عمل منتجو النفط على زيادة إمداداتهم بمختلف السبل وذلك فيما يبدو استعدادا للوقت الحاسم نهاية هذا الشهر عندما يجلس الوزراء لإبرام الاتفاق في صورته النهائية.
أوبك كمجموعة استمرت في زيادة إنتاجها الذي بلغ مرحلة قياسية الشهر الماضي، قدرته الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها الأخير بأنه بلغ 33.83 مليون برميل يوميا وذلك بزيادة 230 ألف برميل يوميا عما أنتجته في سبتمبر، كما تشير بعض المؤشرات إلى استمرار هذا النهج. ففي مطلع هذا الأسبوع أعلنت إيران عن البدء في المرحلة الأولى لتشغيل ثلاثة حقول جديدة بطاقة إجمالية تبلغ 220 ألفا، الأمر الذي يجعلها تقترب من تحقيق هدف إنتاج 4 ملايين برميل يوميا.
ليبيا من جانبها حققت تقدما ملحوظا بإنتاج 590 ألف برميل يوميا، وذلك إثر سيطرة الحكومة على العديد من المرافق النفطية بعد تخليصها من قبضة الميليشيات وزيادة الضخ من المعدل المتدني الذي كان في حدود 200 ألف من قبل، وكذلك نيجيريا التي تمكنت من إضافة 600 ألف برميل إلى إنتاجها الوطني ليصبح الإجمالي مليوني برميل يوميا.
وحتى روسيا، وهي ليست عضوا في أوبك، لكن يتوقع لها المشاركة في الاتفاق بصورة ما ولو عند طريق تجميد إنتاجها، فقد بذلت مجهودا ملحوظا في زيادة إنتاجها وقامت مؤخرا بتشغيل حقل فيلانوفسكي في منطقة بحر قزوين وإضافة 90 ألف برميل يوميا مرشحة للتصاعد. وهذا هو الحقل الرابع الذي يتم تشغيله هذا العام ويعتقد أن الإنتاج النفطي الروسي يتراوح حاليا بين 10.9 مليون برميل يوميا إلى 11.1 مليون.
وإذا كانت مختلف الدول قد تبنت سياسة زيادة إنتاجها ليكون لديها هامش فيما يخص التخفيض أو التجميد، فإن العراق اتبع أسلوبا مزدوجا بزيادة الإنتاج من ناحية والتشكيك في الأرقام السائدة عارضا في نفس الوقت أرقامه الإنتاجية التفصيلية. فمؤسسة تسويق النفط العراقية (سومو) قامت بخطوة غير مسبوقة إذ نشرت الأرقام الإنتاجية التفصيلية لكل حقل وزودت بها مجموعات الإعلاميين وذلك لإثبات وجهة نظرها أن المصادر الثانوية لأرقام الإنتاج التي تأتي في الغالب من المطبوعات النفطية المتخصصة لا تعكس واقع الصناعة النفطية العراقية. فالأرقام الثانوية هذه تضع حجم الإنتاج العراقي في حدود 3.3 مليون برميل يوميا، لكن الأرقام الرسمية تزيد الرقم إلى 4.4 مليون منها 3.8 مليون في شكل صادرات و600 ألف للاستهلاك المحلي.
ويتوقع لبغداد أن تضغط في اتجاه التشكيك في أرقام المصادر الثانوية السائدة ولتعزيز مطالبتها أن يتم استثناؤها من الاتفاق المقبل لأنها تخوض حربا مع داعش.
ملامح الاتفاق بدأت في التشكل ويتضمن قيام البعض بتجميد إنتاجهم وعلى رأسهم إيران فيما يبدو وآخرون يتم استثناؤهم مثل ليبيا ونيجيريا والباقين يقومون بالخفض مثل الدول الخليجية. وتتضح صعوبة المهمة الخاصة بحجم الخفض المستهدف ويتراوح حاليا بين 800 ألف إلى 1.3 مليون، وهو ما يسجل زيادة ملحوظة مقارنة بحجم الخفض الذي كان متوقعا في سبتمبر، عند إبرام الاتفاق الإطاري.
وربما لهذا السبب جاء اتفاق الوزيرين السعودي خالد الفالج والجزائري نورالدين بوطرفة على الدعوة إلى التبكير باجتماع خبراء أوبك أربعة أيام كاملة ليلتقوا في الحادي والعشرين من هذا الشهر لتهيئة الأجواء أمام الوزراء الذين سيلتقون في الثلاثين منه ووضع الاتفاق في اطاره النهائي ثم تسويقه إلى روسيا، التي تنتظر اتفاقا من أوبك قبل أن تلزم نفسها بشيء.