

واصلت الكرة المغربية تحقيق النتائج الرائعة في الفترة الماضية على كافة المستويات، وذلك بعد وصول أسود الرافدين إلى نهائي كأس العرب قطر 2025 بعد الفوز الكاسح على الإمارات بثلاثية دون رد، حيث عرفت كرة القدم المغربية خلال السنوات الأخيرة تحولاً جذرياً جعلها نموذجاً يُحتذى به على المستويين القاري والدولي، بعد أن انتقلت من تحقيق نتائج متفرقة إلى بناء منظومة كروية متكاملة تعتمد على التخطيط الاستراتيجي، الاستثمار في التكوين، وتوحيد الرؤية التقنية بين مختلف الفئات السنية، هذه المقاربة أثمرت سلسلة من الإنجازات غير المسبوقة، وضعت المغرب في مصاف القوى الكروية الكبرى. وكانت كأس العالم قطر 2022 محطة فارقة في تاريخ الكرة المغربية، حيث خطف المنتخب المغربي الأول أنظار العالم ببلوغه المركز الرابع، ليصبح أول منتخب عربي وإفريقي يصل إلى نصف نهائي المونديال. هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة عمل طويل شمل تطوير البنية التحتية، تحسين جودة المنافسات المحلية، والاعتماد على أطر تقنية ذات كفاءة عالية، ما منح «أسود الأطلس» هوية تكتيكية واضحة وشخصية تنافسية قوية. ولم يتوقف التألق عند المنتخب الأول، بل امتد إلى الفئات السنية، حيث أكد منتخب أقل من 23 سنة علوّ كعبه قارياً بتتويجه بلقب كأس الأمم الأفريقية 2023، قبل أن يعزز مكانته بإحراز الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024، في إنجاز يعكس قدرة اللاعبين الشباب على التنافس في أكبر المحافل الدولية، ويؤكد نجاح سياسة الإعداد المبكر للاعبين.
كما برز جيل القاعدة بقوة، بعدما توج منتخب أقل من 17 سنة بكأس الأمم الأفريقية 2025، في رسالة واضحة بأن المستقبل الكروي للمغرب يسير على أسس متينة. وواصل منتخب أقل من 20 سنة مسار التألق بتحقيق وصافة كأس الأمم الأفريقية 2025، قبل أن يحقق إنجازاً تاريخياً غير مسبوق بتتويجه بلقب كأس العالم لأقل من 20 سنة في السنة نفسها، وهو إنجاز يعكس جودة التكوين والاستمرارية في الأداء العالي. وعلى صعيد الكرة المحلية، واصل المغرب فرض هيمنته القارية عبر التتويج بكأس أمم أفريقيا للمحليين 2024، مؤكداً عمق الخزان البشري وتنافسية الكرة المغربية، التي أصبحت رافداً أساسياً للمنتخبات الوطنية. كما عزز الحضور الإقليمي بتأهل منتخب كأس العرب إلى نهائي نسخة قطر 2025، ما يعكس قدرة الكرة المغربية على المنافسة في مختلف الواجهات، وأيضا في كأس العالم للناشئين الماضية التي أقيمت في قطر وصل المنتخب للدور ربع نهائي البطولة. وتؤكد هذه الحصيلة المميزة أن كرة القدم المغربية تعيش واحدة من أزهى فتراتها التاريخية، بفضل رؤية واضحة واستراتيجية شاملة جعلت من التكوين حجر الأساس، ومن الاستقرار التقني ركيزة للنجاح. ومع استمرار هذا النهج، يبدو أن المغرب لا يكتفي بما تحقق، بل يطمح إلى ترسيخ حضوره كقوة كروية دائمة على الساحة العالمية، قادرة على المنافسة وحصد الألقاب في مختلف الفئات والمواعيد الكبرى.