تراجعت أسعار النفط الخام بنسبة 70% منذ منتصف 2014، هبوطا من 120 دولارا للبرميل إلى أقل من 30 دولارا في شهر يناير الماضي، وهو أمر يهدد وجود 17 مليون أجنبي يعملون في دول الخليج الست، حيث تحصل العمالة الوافدة على 40% من الوظائف المتاحة في تلك الدول، ويقدر الخبراء تحويلات العمالة في دول مجلس التعاون الخليجي بـ100 مليار دولار ويرون أنه مبلغ مكلف لاقتصاديات تلك الدول التي تعاني بسبب انخفاض أسعار النفط.
وسجلت دول الخليج العربي عجزاً في موازناتها للعام الجاري، أكبرها كانت السعودية، بعجز في ميزانية 2016، يقدر بنحو 87 مليار دولار، والكويت 40 ملياراً.
وتتجه العمالة الأجنبية في الخليج، إلى مواجهة ضغوط متزايدة مع استمرار احتمال انخفاض أسعار النفط، على المديين القصير والمتوسط، الذي دفع بعض البلدان الخليجية، لترشيد النفقات، وخفض العمالة وتراجع المشاريع، ويرجع تراجع أسعار النفط بسبب تخمة المعروض ومحدودية الطلب.
ويقول الخبير الاقتصادي الكويتي، عدنان الدليمي: إنه من الطبيعي أن تشهد حركة العمالة الأجنبية تأثيراً سلبياً، لما تواجهه دول الخليج من أزمات اقتصادية، مع استمرار انخفاض أسعار النفط. وأضاف أن بعض دول الخليج العربي، اتخذت بالفعل إجراءات بشأن تصنيف العمالة الوافدة، منها تقليص بعض الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص، ضمن إطار ترشيد النفقات، وإنهاء خدمات من يصل إلى سن معينة.
وتوقع أن تأخذ تلك الإجراءات، منحى تصاعديا خلال المرحلة المقبلة، لاسيما في وجود خطط لإعادة توطين العمالة، كأحد الحلول للقضاء على البطالة في دول الخليج، المتوقع ارتفاع معدلاتها في الأعوام القادمة.
ويعيش أكثر من 17 مليون أجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي الست، ويرتفع العدد الكلي إلى 23 مليوناً أو أكثر، بعد إضافة أفراد أسر العمالة الوافدة.
وتمثل العمالة الوافدة في دول الخليج، التي تتصدر دول العالم من حيث نسبة وجود العمالة الأجنبية، أكثر من 40% من الوظائف المتاحة في تلك الدول.
وأشار الخبير الاقتصادي الدليمي إلى أن حجم التحويلات الكبيرة للعمالة الأجنبية، التي تزيد على 100 مليار دولار سنوياً، يعتبر أمراً مكلفاً لاقتصادات الخليج، التي تعاني بسبب تدني أسعار النفط، وهو ما دفع بعض الدول إلى التلميح بتقليص تلك العمالة واستبدالها بعمالة محلية.
وبحسب دراسة حول البطالة في الدول العربية، صدرت عن صندوق النقد العربي، تصل معدلات البطالة - كنسبة من إجمالي القوى العاملة - في عُمان والبحرين والسعودية إلى 7.9%، 7.4% و5.7% على التوالي، فيما تصل إلى 3.8% في الإمارات، و3.1% في الكويت و0.5% في قطر.
ويقول إبراهيم الفيلكاوي، الخبير والمستشار الاقتصادي لدى مركز الدراسات المتقدمة - مقره الكويت: إن هناك بعض العوامل الأخرى التي تؤثر على العمالة الأجنبية في الخليج، في ظل توقعات بزيادة في معدلات التضخم نتيجة رفع الدعم، ورفع الرسوم على بعض الخدمات الحكومية، وهو ما يسبب ضغطاً على أجورهم ورواتبهم.
وأشار الفيلكاوي إلى أن ارتفاع الأسعار عموماً، يشكل عاملاً طارداً لأصحاب الخبرات والمهارات، ويزيد من رغبة معظمهم في تغيير أعمالهم أو مغادرة المنطقة.
ووفقاً لأرقام المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أكتوبر 2015، شهدت الإمارات تسجيل أعلى نسبة تضخم، مقارنة مع دول الخليج الأخرى، بنسبة 3.68%، تلتها الكويت بنسبة 3.21%، والسعودية بنسبة 2.4%، ومملكة البحرين بنسبة 2.3%، ودولة قطر بنسبة 1.7%، في المقابل سجل التضخم في سلطنة عمان انخفاضاً بنسبة 0.43%.
وأوضح المستشار الاقتصادي، أنه من الصعب على دول الخليج التخلص بشكل سريع من العمالة الأجنبية الوافدة، لأن ذلك من شأنه أن يعرِّض اقتصاداتها إلى مشكلة حقيقية.
ويرى القيادي العمالي المصري، صلاح الأنصاري، أنه في حال استمرار أسعار النفط إلى مستويات أقل من الحالية، سيواجه العمال الأجانب في دول الخليج ضغوطاً متزايدة، وأياماً صعبة، خاصة مع ارتفاع التضخم وبقاء الأجور دون زيادة.
وأضاف الأنصاري، في اتصال هاتفي من القاهرة مع وكالة الأناضول: مع تأثر موازنات الخليج، ستجد بعض هذه الدول نفسها مضطرة لوقف بعض المشروعات القائمة، بسبب الاتجاه لتقليل النفقات في محاولة للسيطرة على عجز الموازنة، ما يعني التخلص من العمالة غير الضرورية في الإدارات الحكومية، بالإضافة إلى تقليصها لدى القطاع الخاص، المرتبط بحجم الإنفاق الحكومي.