

أحيت دولة قطر، اليوم، ذكرى ضحايا حوادث الطرق، والذي حددته الأمم المتحدة سنويا في الأحد الثالث من شهر نوفمبر من كل عام، للتذكير بالمآسي والمعاناة التي تسببها حوادث الطرق للضحايا وعوائلهم ومجتمعاتهم ودولهم.
وتضمنت الفعالية التي نظمتها وزارة الداخلية بهذه المناسبة، تحت شعار /تذكر- ساند- اعمل/ عرضا للجهود والإنجازات التي حققتها دولة قطر في السنوات الماضية في ضوء الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية 2013-2023، والجهود العالمية في هذا السياق.
وأكد المتحدثون خلال الفعالية أن دولة قطر حققت تقدما كبيرا في الحد من وفيات حوادث الطرق لتسجل رقما عالميا وصل إلى 4.4 لكل مائة ألف من السكان، في العام 2019، لتتصدر دول المنطقة بهذا الإنجاز، وتحتل مكانة متقدمة في السجل العالمي، وذلك بفضل جهودها المنظمة والمنسقة التي تقودها اللجنة الوطنية للسلامة المرورية وبتعاون كافة الجهات المعنية الأعضاء في اللجنة وغيرها من الجهات الحكومية وغير الحكومية.
وقال سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي وكيل وزارة التعليم والتعليم العالي وعضو اللجنة الوطنية للسلامة المرورية ورئيس فريق متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية " إن جهود الفريق ارتكزت على البحث عن نقاط القوة لدى الوزارات والجهات المعنية في تنفيذ الخطط المتعلقة بالاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية والعمل على استثمارها ونشرها كممارسات جيدة على مستوى الدولة، ومن جانب آخر معالجة الجوانب التي تحتاج إلى تحسين، وتقديم الحلول ورفع التوصيات، وتعزيز التواصل المستمر والفعِّال بين الجهات المعنية فيما يتعلق بالخطط المشتركة".
وأوضح سعادته في كلمة خلال الفعالية أن دور وزارة التعليم والتعليم العالي تمثل في ترسيخ مبادئ السلامة المرورية لدى الطلبة والمجتمع المدرسي لخلق جيل واع لمعايير السلامة المرورية ومقدر لدوره الوطني في حفظ الأرواح والممتلكات.
وأضاف أن الوزارة قامت بدمج معايير السلامة المرورية مع معايير المناهج المطورة بصورة تكاملية، وتم التنسيق مع اللجنة الوطنية للسلامة المرورية لتدريب المعلمين على تنفيذها بصورة تحقق الأهداف التي انطلقت منها، بالإضافة للحملات التوعوية المستمرة والموجهة للطلبة وأولياء الأمور على حد سواء، وإشراك المعلمين والإداريين دائما في المدارس ضمن هذه الحملات التوعوية.
كما أشار إلى تطوير الشوارع المحيطة والموصلة للمدارس وفق أعلى المعايير الدولية في ذلك المجال من قبل هيئة الأشغال العامة لضمان أكبر قدر من الأمان والسلامة لمرتادي المدارس من طلاب وموظفين وأولياء أمور.
ولفت سعادة وكيل وزارة التعليم والتعليم العالي إلى أن حوادث الطرق هي مشكلة عالمية كبيرة وسبب رئيسي من أسباب الوفيات والإصابات وحالات العجز في جميع أنحاء العالم.. داعيا إلى تكثيف الجهود المحلية والإقليمية والعالمية لمواجهة هذا التحدي الخطير.
وقال إن اليوم العالمي لذكرى ضحايا حوادث الطرق لهذا العام يأتي تحت شعار: "تذكر، ساند، اعمل" تذكيرا بالأشخاص الذين قتلوا أو أصيبوا بجروح خطيرة على الطرق، وحثا على دعم ومساندة الجهود المحلية والدولية لخفض أعداد الضحايا، ومساندة أهاليهم وذويهم، والعمل على أن يكون لدولة قطر دور ريادي محلي وعالمي في مجال السلامة على الطرق.
وأكد أن أهداف هذا الشعار لن تتحقق إلا بالاستجابة القانونية وتعزيز الإجراءات المساندة بالأدلة لمنع ووقف المزيد من الوفيات والإصابات الناجمة عن تلك الحوادث، وتضافر جهود جميع الوزارات والمؤسسات الوطنية للعمل وفق أهداف موحدة وخطط مشتركة لتحقيق أهداف السلامة المرورية.
بدوره، أكد العقيد ناصر درمان الهاجري مساعد مدير عام المرور أن وضع أهداف طموحة من أجل الحد من الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق يشكل أكبر تحد يواجه الدول والمجتمعات في جهودها الرامية إلى تحقيق السلامة على الطرق.
ولفت إلى أن الدول التي قامت بتطبيق إجراءات لتحسين مستوى السلامة على الطرق حققت تقدما كبيرا ونجاحا ملحوظا في خفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن تلك الحوادث التي تعد السبب الأول للوفيات في العالم، الأمر الذي يهدد موارد الدول الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح أن مخاطر هذه الحوادث دفع بالأمم المتحدة إلى اعتماد عمل دولي جماعي يهدف إلى الحد من خطورة الوضع والمتمثل في عقد العمل من أجل السلامة على الطرق (2011-2020) والذي يدعو الدول إلى تطبيق تدابير وإجراءات محددة لجعل الطرق أكثر أمنا وسلامة.
وأضاف أن التقرير الثالث لمنظمة الصحة العالمية أظهر وجود فجوات في تطبيق إجراءات العقد مما حدا بالمنظمة إلى دعوة الدول إلى بذل المزيد من الجهود وحشد الطاقات لتحقيق الأهداف التي يدعو إليها العقد والهادفة إلى خفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق".
ولفت مساعد مدير عام المرور إلى ملايين القتلى والجرحى في العالم وأغلبهم من الشباب نتيجة لحوادث الطرق وما تسببه من مآس ومعاناة لعائلاتهم وأصدقائهم ومجتمعاتهم والهدر الكبير للموارد الاقتصادية.. منوها بالجهود التي يبذلها رجال الشرطة والدفاع المدني والخدمات الإسعافية والطبية وغيرها من الجهات المعنية لمنع وقوع الحوادث والتقليل من الأضرار الناجمة عنها.
وأضاف العقيد الهاجري أن الأمم المتحدة دعت الدول إلى تبني أهداف التنمية المستدامة التي احتوت على موضوع السلامة المرورية وتحسين شبكات الطرق والنقل، والتأكيد على أهمية تحقيق الأهداف المطلوبة للحد من الحوادث المرورية والمتمثلة في التعليم والتوعية وتعزيز الخدمات الإسعافية وسلامة المركبات وإشراك المجتمع في جهود تحسين السلامة على الطرق.
بدوره، لفت سعادة الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني مدير إدارة الصحة العامة بوزارة الصحة العامة إلى دور القطاع الصحي في خفض أعداد الوفيات.. وقال "من المهم التأكيد على أن للخدمات الصحية وتطورها الأثر البالغ لمواجهة هذه المشكلة وخاصة للناجين من الحوادث ممن تعرضوا لإصابات وجروح تتراوح ما بين البسيطة والمتوسطة والبليغة".
وأكد في هذا السياق دور وزارة الصحة العامة واهتمامها بأن يكون لخدمات الإسعاف الفوري في دولة قطر دور رائد يتمتع بالكفاءة العالية في الاستجابة لما بعد الحادث.. مشيرا إلى أن زمن الاستجابة الهاتفية للحوادث بلغ أقل من 5 ثوان، بينما وصل زمن وصول سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث أقل من 8 دقائق داخل مدينة الدوحة وأقل من 10 دقائق خارجها.
كما لفت إلى نوعية الخدمات المقدمة في موقع الحادث وأثناء نقل المصابين إلى المستشفى، ناهيك عن تحسين نوعية سيارات الإسعاف وتدريب العاملين فيها وفي أقسام الطوارئ وفق المعايير الدولية والتنسيق المتميز مع أقسام جراحة الحوادث والإصابات والطوارئ بما يجعل حصول المصاب على الخدمات انسيابيا وميسرا وبدون زمن انتظار مع الالتزام بإجراء التقييم الدوري للخدمات المقدمة والحصول على الاعتماد الدولي لها.
وشدد على أهمية التوعية بمخاطر الحوادث المرورية وضرورة الالتزام بالقواعد والأنظمة على الطرق.. وقال "إن على الجميع في هذا اليوم أن يتذكر مخاطر تجاوز حدود السرعة المقررة وأن تخفيض السرعة بمقدار 1 كم/ساعة يقلل عدد الحوادث بنسبة 2 بالمئة".
ودعا سعادة الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني لمواصلة العمل في البنى التحتية وتحسينها وتوفير المزيد من التقنيات الحديثة للسلامة على الطرق وتطوير مراقبة وإدارة السرعة، وكذلك تحسين معايير تولي قيادة السيارات والدراجات، وتحديد معايير سلامتها ومراجعة وتطوير قوانين المرور باستمرار وتطوير الوعي المجتمعي، والتطوير المستمر للخدمات الإسعافية والعلاجية والتأهيلية والرعاية المنزلية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين كافة الشركاء لتحقيق الأهداف المشتركة في المجال المروري.
ونوه بأهمية إحياء هذا اليوم العالمي للتذكير بضحايا الحوادث المرورية، وبحث سبل الحد من حوادث الطرق "حتى لا نفقد المزيد من أبنائنا بسببها ولنوضح للمجتمع الأعباء الصحية والنفسية والاقتصادية المترتبة على هذه الحوادث".
وقال "إن حوادث الطرق تخطف سنويا حياة مليون و350 ألف شخص في العالم، وتعد السبب الأول للوفيات بين الشباب دون 30 عاما، ونصفهم من المشاة وراكبي الدراجات والدراجات النارية، كما تتسبب حوادث الطرق في إصابات مختلفة لما يقرب من 50 مليون شخص ومن بين هذه الإصابات ما يتسبب في العجز المستمر".
وأكد مدير إدارة الصحة العامة، أن في هذه الوقفة، وكل حسب اختصاصه، نستشرف المستقبل الذي نريده آمنا لمستخدمي الطريق كافة ونبحث عن الوسائل الكفيلة للحد من آثار هذه الحوادث على حياتنا ومجتمعنا يوميا.
من جانبه، قال العميد محمد عبدالله المالكي أمين سر وعضو اللجنة الوطنية للسلامة المرورية، إن دولة قطر أدركت مبكرا خطورة حوادث الطرق على مقوماتها الاجتماعية والاقتصادية فبادرت بإنشاء اللجنة الوطنية للسلامة المرورية كمؤسسة رائدة في رسم السياسات المرورية بما يحقق السلامة على الطرق والمحافظة على أرواح المجتمع وممتلكاته ومقومات الدولة الاجتماعية والاقتصادية الضروريتين لتقدمها وضمان تطورها.
وأضاف أن اللجنة أولت موضوع السلامة المرورية منذ تشكيلها أولوية قصوى في عملها حيث قامت بإعداد أول استراتيجية وطنية للسلامة المرورية وهي استراتيجية طموحة تهدف إلى خفض معدل الوفيات من 13 حالة وفاة لكل مائة ألف إلى 6 حالات وفاة لكل مائة ألف بحلول عام 2022.
وأكد أن دولة قطر الآن قد حققت هذا الهدف وتجاوزته "إذ بلغ معدل انخفاض الوفيات (4.4 حالة وفاة لكل مائة ألف) في عام 2019 مقارنة بمعدل الوفيات لكل مائة ألف نسمة في عام 2013 الذي دشنت فيه دولة قطر استراتيجيتها للسلامة المرورية والذي كان المعدل فيه قد بلغ 9.3 لكل مائة ألف نسمة".
وأوضح أن هذه الأرقام تشير إلى مدى التقدم الكبير الذي تحرزه دولة قطر في تحقيق السلامة على الطرق.. وقال "ما كان لهذه النتيجة أن تتحقق لولا وجود جهات تعمل على التخطيط وأخرى تضطلع بمسؤولية التنفيذ على أكمل وجه".
وأكد العميد المالكي أن لدى الدولة إرادة وعزيمة قوية لتحتل مكانة متقدمة بين الدول في مجال سلامة الطرق.. داعيا كافة الجهات المعنية بالأمر والمسؤولة عن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية إلى العمل كفريق عمل موحد من أجل تحقيق الأهداف والغايات التي يسعى الجميع لبلوغها.
من جانبه أكد الدكتور الشيخ حسن آل ثاني استشاري أول رئيس قسم جراحة إصابات الحوادث بمركز حمد لإصابات الحوادث بمؤسسة حمد الطبية أن قطر شهدت تطورا مذهلا في طب الحوادث.. مشددا على أهمية الوقاية من الحوادث من خلال الالتزام التام بالقواعد والأنظمة المرورية.
وفي كلمة المنظمات المجتمعية، قال السيد طالب عفيفة عضو مجلس إدارة الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة "إن إحياء ذكرى حوادث المرور على الطرقات يهدف إلى توعية وإرشاد كل الأطراف المعنية إلى ضرورة الحد من نزيف الأرواح على الطرقات كل يوم".. مستعرضا جهود الجمعية في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة والتوعية المستمرة بالقضايا المرورية في برامجها السنوية.