 
                            
توقع التحليل الاقتصادي لمجموعة بنك قطر الوطني QNB، أن يتباطأ النمو في المملكة المتحدة من 1.8 في المائة هذا العام /2016/ إلى 0.7 في المائة في عام 2017.
وقال التحليل الأسبوعي الصادر اليوم، إن الهبوط الذي طرأ مؤخرا على قيمة الجنيه الاسترليني الذي تراجع إلى أدنى مستوى له في 30 عاما مقابل الدولار الأمريكي، أعاد إلى دائرة الأضواء مرة أخرى الآثار السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي على الاقتصاد البريطاني.
وعزا الانتعاش الذي شهده اقتصاد المملكة المتحدة خلال فصل الصيف إلى التفاؤل بشأن إمكانية خروج بريطانيا بشكل ناعم وسلس من الاتحاد الأوربي، منبها إلى أن أداء الاقتصاد البريطاني قد يغير وجهته الآن نتيجة للموقف المتشدد من قبل الحكومة التي تصر على التمسك بالحد من الهجرة حتى لو أدى ذلك إلى التضحية بالوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة.
ولفت إلى أن بيانات النشاط الاقتصادي في المملكة المتحدة ارتفعت بعد انخفاض حاد عقب التصويت لصالح الخروج مباشرة، كما تحسنت ثقة المستهلكين في شهر سبتمبر بعد أن كانت قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ نهاية عام 2013 في شهر يوليو.
وقال إن استطلاعات مؤشر مديري المشتريات أشارت إلى انتعاش قطاعات التصنيع والخدمات والبناء في سبتمبر على النقيض من التراجعات واسعة النطاق التي تم تسجيلها في يوليو، كما تم رفع تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الثاني من 0.6 في المائة إلى 0.7 في المائة.
ورأى أن من المحتمل أن يكون مرد ذلك الانتعاش هو وجود توقعات بإمكانية الرجوع عن قرار الخروج من الاتحاد أو تلطيف تنفيذ القرار ليكون خروجا ناعما، مبينا أن مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي كانت دائما قضية مفاضلة بين الاقتصاد (الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة) والخيارات السياسية (السيطرة على الهجرة إلى المملكة المتحدة).
وأوضح أن النسخة الناعمة من الخروج تفضل الاقتصاد على السياسة، حيث إنها تسمح بحرية حركة الأشخاص مقابل الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة وهي لذلك لا تمثل تغييرا جذريا في وضع بريطانيا عما كان عليه قبل الاستفتاء، ومن ثم فليس من المستغرب أن تظهر البيانات انتعاشا في النشاط الاقتصادي عندما كان ذلك يبدو هو الخيار الأرجح.
واعتبر التحليل الاقتصادي لمجموعة بنك قطر الوطني /كيو إن بي/، أنه زاد أيضا من احتمالات خروج بريطانيا بشكل ناعم من الاتحاد حقيقة أن الحكومة لم تكن تبدو في عجلة من أمرها لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة (إشارة بدء المفاوضات الرسمية للخروج).
وأضاف أن التصريحات الأخيرة للمسؤولين البريطانيين أثارت احتمال خروج قاس للمملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي، إذ قالت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية إنه سيتم تنفيذ المادة 50 قبل نهاية شهر مارس 2017، كما نفت بشكل صريح إمكانية اتباع النموذجين النرويجي والسويسري كقاعدة للعلاقة المستقبلية مع الاتحاد الاوروبي، مؤكدة أن مسألة الهجرة هي خط أحمر بالنسبة لحكومتها.
ورأى أن الحكومة تبدو مصرة على التحكم في الهجرة حتى لو كلفها ذلك خسارة حق الوصول للسوق الموحدة. وردا على ذلك أعاد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي التأكيد على موقفهم بأن الوصول الكامل للسوق الموحدة لا يمكن أن يتم إلا مقابل الحريات الأربع: حرية تنقل السلع والخدمات ورؤوس الأموال وبشكل رئيسي، الأشخاص. ولا يبدو الاتحاد الاوروبي مستعدا لقبول أي استثناءات.
ولفت إلى أن التصريحات المتبادلة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي قد تكون نوعا من التكتيك التفاوضي، لكن الخطر المتزايد الذي يتمثل في الخروج غير السلس لبريطانيا من الاتحاد الأوربي قد يؤثر سلبا على الاقتصاد ففقدان بريطانيا لإمكانية الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة سيلحق ضررا بالغا بصادرات المملكة المتحدة نظرا لأن الاتحاد الأوروبي يمثل أكبر وجهة للصادرات البريطانية، كما يمكن للشكوك بشأن مستقبل العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أن تقلص الاستثمار أكثر.
ونبه إلى أن استطلاعات بنك إنجلترا بشأن نوايا الاستثمار تشير إلى حدوث تراجع حاد في فصل الصيف، على الرغم من الاستقرار الكلي للبيانات، كما أن الشركات التي تقدم الخدمات المالية في المملكة المتحدة معرضة أيضا لخطر فقدان حقوقها للعمل في الاتحاد الأوروبي، وقد تقرر هذه الشركات الخروج من لندن وهو ما سيشكل ضربة قوية للاقتصاد البريطاني، حيث إن الخدمات المالية تمثل 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة.
وأشار في جانب السياسة النقدية، إلى أن بنك إنجلترا يواجه معضلة أخرى فمن ناحية، يفترض أن يؤدي تراجع توقعات النمو إلى تخفيف السياسة النقدية من أجل تحفيز الاقتصاد ولكن من شأن تخفيف السياسة النقدية أن يؤدي إلى تخفيض قيمة الجنيه الإسترليني أكثر، الأمر الذي سيزيد من حدة التضخم في المستقبل.