موسم الندوات يناقش «المعمار في ثقافتنا»

alarab
اقتصاد 15 مارس 2023 , 12:30ص
الدوحة - العرب

بحضور سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة أقيمت مساء أمس الثلاثاء ندوة «المعمار في ثقافتنا» ضمن موسم الندوات، والتي حاضر فيها المهندس المعماري الدكتور المصري عبدالواحد الوكيل، وقدمها الإعلامي والفنان أحمد عبد الله، الذي قال في مستهل تقديمه للندوة إن الندوة تشكل نافذة كبيرة على «فن المعمار» لاستكشاف الأثر المتبادل بين الثقافة باعتبارها حاملة لروح الشعوب والمعمار باعتباره تجليا إبداعيا عن تلك الروح. 
واعتبر أحمد عبدالله أن المعمار يمثل انعكاسا لثقافة أي مجتمع، وهو ما يجعل منه بشكل ما نوعا من التعبير عن متطلبات أي مجتمع وما يشهده من تغيير وتطور، وأضاف إن الندوة تسعى لتوضيح العلاقة الإشكالية بين ثقافتنا العربية الإسلامية وتراثنا المعماري الأصيل النابع من عمقنا الثقافي وتنوعنا الحضاري، من خلال مناقشة بعض المحاور مثل العمارة في ثقافتنا العربية والإسلامية كجزء من هويتنا، والمؤثرات الثقافية والفنية التي تأسست عليها العمارة العربية بالإضافة إلى آفاق تطور العمارة الإسلامية، زيادة على طرح فرضية الحديث عن «عمارة خليجية» أو فن عمارة حديث حامل لخاصيات فنية واضحة وقوانين معرفية راسخة. 

صوت رائد 
ويعد المهندس المعماري المصري الدكتور عبدالواحد الوكيل، أحد الأصوات الرائدة في العمارة الإسلامية المعاصرة، وهو معماري معروف على الصعيد العالمي بتصميمه لمركز جامعة أكسفورد للدراسات الإسلامية وصاحب تجربة مميزة وبصمة ليس على الحجر فقط بل علميا وعمليا، حصل عبدالواحد الوكيل على جائزة Richard H Driehaus لعام 2009 التي تديرها كلية الهندسة المعمارية بجامعة نوتردام. وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، قام ببناء المساجد والمباني العامة والمساكن الخاصة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، منتصراً للطراز المعماري الإسلامي في تصميماته.
واستهل الدكتور الوكيل محاضرته بالحديث عن الأشكال الثابتة في كل الحضارات، وأنها موجودة عادة في العقل الباطني للإنسان.
واعتبر أن المصريين القدماء كانوا مميزين في الرمزيات، وإبرازها عبر الهيروغليفية، بالاضافة إلى تميزهم في البساطة في إنجاز المباني، حيث أنجزوها في أشكال دائرية، كما استعمل الشيء ذاته كما الإنجليز.
 ولفت إلى أن البساطة كانت موجودة في كل الحضارات القديمة، إلى أن حدثت الكارثة بالنسبة للمدن القائمة حاليا، بتغيير شامل في أشكالها.
وتحدث الوكيل عن مواصفات البناء المعماري الحديث وامتزاجه بالتراث المعماري. كما تحدث عن طراز المدن القديمة والتي بنيت عكس المدن الجديدة والتي اصبحت مكتظة دون فراغات، وإن وجدت هذه الفراغات، فإنه يتم استثمارها في تنظيمها كمواقف للسيارات.
وأشار المهندس الدكتور الوكيل إلى اختفاء المناطق المخصصة للمشي بالمجمعات السكنية وقال إن ذلك يشوه المنظر العام للمدينة كما أن دخول السيارات للمجمعات السكنية أثر سلبا على منظرها وعلى هوية المعمار العربي الإسلامي، وضرب مثالا عن المدينة المنورة والأحياء القديمة فيها وقال إنه كان في زيارته لها في فترة السبعينيات يتمشى في تلك الأحياء إلى أن وصل إلى خار ج المدينة دون أن يشعر واصفا جمالية تلك الأحياء والمباني، وقال إن دعوته إلى أن نعود إلى التصاميم القديمة لأحيائنا جعلت البعض يتهمه بالرجعية في أفكاره، معتقدين أن ذلك غير ممكن التحقيق في زمننا هذا، لكنه فند ذلك التصور بوصفه لمدينة وول ديزني التي طبق فيها أمرين من الحضارة الإسلامية وهي الأمان والنظافة، مشيرا إلى أن هذه المدينة التي يقصدها آلاف الأشخاص يوميا لا تسير فيها السيارات، وفي موضوع آخر تحدث عن زيارته إلى مدينة روما لتقييم مسجد المدينة، ولفت انتباهه أنه لا شيء يعلو فوق قبة الفاتيكان وقارن ذلك بالحال في بعض العواصم الإسلامية، وقارن بين المدن الجديدة والقديمة في بعض العواصم العربية وانتقد البنايات الطويلة التي تأخذ كل واحدة منها شكلا ولونا مختلفا، معتبرا أن جمالية المعمار الإسلامي كانت تظهر في توحيد التصاميم والألوان وقال إن العربية القديمة كانت تتميز بسقف واحد بفتوحات، بالإضافة إلى حدائق وبساتين تشكل فسحة للسكان. 

الحضارات الكونية
وأوضح د. الوكيل أن هناك رموزا في الفن تتبع الحضارات الكونية عموما وعن طابع المدينة الإسلامية قال إنه كان عبارة عن قباب ومآذن لكنه تغير في الزمن الحالي وأصبحت السيارات معوقة للحركة ومقيدة للإنسان وبالتالي فان نجاح المدينة ينبع في ضرورة أن تكون لها شخصية وبها ما يجذب مع أهمية صنع هوية تميز البناء كما انه من الضروري أن يتم العمل عبر سيكولوجية الألوان وطول البناء وخامته، مؤكدا أن الأمر يستلزم كذلك الاعتماد على مهندسين يمتلكون القدرة على التفرقة بين المعمار الفارغ من الثقافة والمعمار الذي يعبر عن شخصية البلد الذي يحتوي هذا البناء او ذاك، وقال إن عودة المدينة العربية بجمالها القديم يستلزم الرجوع إلى ثقافتنا الأصلية، مع الالتزام بقوانين الهندسة، كما شدد على أهمية تواجد التناغم. مشيرا إلى وجود ثوابت ومتغيرات ومن هنا علينا الالتزام بتلك الثوابت التي لا يمكن العمل بدونها، أما المتغيرات فهي الخاضعة للتقدم التكنولوجي، إلا أن التغيرات لا يجب أن تكون صادمة ولكنها يجب تأتي بانسيابية وتتواءم مع تطورات العصر كما انه لا يجب أن نسمح للتكنولوجيا بالنيل من الحضارة ولكن عليها أن تكملها.
وابرز د. الوكيل أهمية تواجد الحرف التي لا يجب أن تنهيها الميكنة، مشيرا إلى أن كثيرا من المتخصصين في مجال الهندسة اكدوا على مر العقود السابقة انه لا يمكن أن تنال الماكينات من جماليات الحرفيين وسيظل الناس متعلقين بالفنون التي يبدعونها، وقال انه على الرغم من ان الصناعات اليابانية قضت على الكثير من الحرف اليدوية نجد أنها هي نفسها قد عادت بتلك الحرف واصبحنا في بلادنا ندرك أهميتها وبالتالي لابد أن ندرك انه لا شيء يمكن أن ينال من الطبيعة.
وقال انه عند تصميم المدن لابد من مراعاة ان تكون للمدينة شخصية وهوية وتفاصيل جذابة في تصميمها،
مشيرا إلى أن المكان له سيكولوجيا والأشكال لها سيكولوجيا وان الرسومات الهندسية لها تأثير على الإنسان، وعلى سبيل المثال كلما كانت الأسقف منخفضة يكون تأثيرها سلبيا على الإنسان، وقال إن العمارة هي ثقافة ولا تدرس كهندسة، وان تصميم البيوت القديمة فيها ما يسمى السرداب والمشربيات والحوش.