

لم تكن إصابة نجم منتخب النشامى يزن النعيمات مجرد خبر رياضي عابر، بل تحولت إلى حالة إنسانية عامة، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، وحرّكت مشاعر جماهيرية واسعة تجاوزت حدود الأردن، لتشمل الشارع العربي بأكمله. فغياب يزن عن نصف نهائي كأس العرب، وتأكد ابتعاده لفترة طويلة بعد إصابته بقطع في الرباط الصليبي، إضافة إلى غيابه المؤلم عن كأس العالم في أمريكا، شكّل صدمة موجعة لعشّاق الكرة، وحزنًا مضاعفًا لكونه أحد الأعمدة الأساسية في تشكيلة النشامى.
منذ اللحظة الأولى لخروجه مصابًا من مباراة الأردن والعراق في ربع النهائي، مكبرًا وحامدًا، تغيّر المشهد. فرحة التأهل اختلطت بدمعة حزن، والابتسامات تراجعت أمام واقع قاسٍ: النجم الذي طالما حمل الحلم الأردني على كتفيه، سيغيب في أهم المواعيد.

تفاعل غير مسبوق.. “يزن ليس وحده”
عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحولت الصفحات إلى مساحات دعم ومحبة. آلاف الرسائل، الصور، المقاطع، والدعوات الصادقة بالشفاء، حملت وسم يزن النعيمات، في مشهد عكس مكانته الكبيرة في قلوب الجماهير. لم يكن التعاطف أردنيًا فقط، بل عربيًا خالصًا، من جماهير تابعت مسيرته وأحبت أسلوبه، وتقدّر قيمته الفنية والإنسانية.
الجماهير رأت في يزن أكثر من لاعب؛ رأت فيه روحًا مقاتلة، ووجهًا مشرفًا، وشخصية وطنية لا تساوم على القميص ولا تتأخر عن الواجب. ولهذا جاء الحزن عميقًا، لأن الغياب ليس فنيًا فقط، بل معنويًا أيضًا.
قائد حتى وهو مصاب “بالروح.. الكأس ما بروح”
ورغم الألم، أثبت يزن النعيمات أن القيادة لا تُقاس بعدد الدقائق في الملعب، بل بالحضور والتأثير. ففي لقطة ستبقى خالدة، ظهر يزن بين شوطي مباراة الأردن والعراق داخل غرفة الملابس، واقفًا رغم الإصابة، محفزًا زملاءه بكلمات صادقة خرجت من القلب.
كلمات بسيطة، لكنها حملت طاقة هائلة، وأكدت أن النشامى لا يلعبون من أجل مباراة، بل من أجل وطن وجماهير تنتظر الفرح.
مشهد إنساني يتجاوز المنافسة
التأثر لم يقتصر على الجانب الأردني، بل امتد إلى لاعبي منتخب أسود الرافدين، حيث خيّم الحزن والتعاطف على وجوههم عقب إصابة يزن، في مشهدٍ إنساني راقٍ أكد أن كرة القدم، رغم شراسة المنافسة، تبقى لغة أخوّة قبل كل شيء.
وفي هذا السياق، لاقى مقال المهندس خالد الفوزان تفاعلًا واسعًا، حين كتب كلمات لامست الوجدان:
“ليس أردنيًا.. ويبكي لأجل الشعار والوطن.. انت فاهم ايش يعني مدرب مش أردني يبكي لأجل بلد مش بلده؟!”
كلمات اختصرت حجم الألم، وعبّرت عن فرحة منقوصة، لأن إصابة يزن لم تكن خسارة فرد، بل وجع جماعي.
رمز رياضي ووطني
منذ كأس العرب السابقة، مرورًا بتصفيات كأس العالم، وبطولة آسيا، وصولًا إلى المباريات الأخيرة، نجح يزن النعيمات في تقديم نفسه لاعبًا بشخصية خاصة، تجمع بين الموهبة، والالتزام، والروح القتالية. وبعد إصابته، لم يتراجع حضوره، بل ازداد، ليصبح رمزًا رياضيًا ووطنيًا يحظى بحب واحترام الجماهير.
والتأكيد هنا واجب: هذا الحديث لا ينتقص من قيمة بقية لاعبي المنتخب، ولا من عطائهم الكبير، بل يعكس مكانة يزن ودوره المؤثر، ويفسر حجم التعاطف الذي حظي به.
دعاء واحد وحلم مؤجل
“ألف سلامة على يزن النعيمات… عودة قوية، وشفاء تام، وتحقيق حلم تمثيل الوطن في كأس العالم.”
قد يغيب يزن عن نصف النهائي، وقد يبتعد عن الملاعب لأشهر، لكن حضوره باقٍ في القلوب، وكلماته ستبقى وقودًا لزملائه، وروحه سترافق النشامى في كل خطوة. في زمن الإصابات، يظهر معدن الرجال… ويزن النعيمات، حتى وهو جريح، كان وما زال نجمًا في الميدان، وقائدًا في القلب، وحلمًا لا ينكسر.