

افتتحت مكتبة قطر الوطنية، اليوم، المعرض الفني الجديد "التراث برؤية فنية: إبداعات فنانين قطريين"، وذلك برعاية وحضور سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية، وجمع من الفنانين والمهتمين.
ويشارك في المعرض، وهو الأول من نوعه، سبعة فنانين قطريين، ويهدف إلى مد جسور التواصل بين ذاكرة الماضي وإبداع الحاضر، ويحتفي بتلاقي الثقافة والإبداع والتراث في أعمال فنية استلهمها الفنانون من تاريخ قطر وكنوز المكتبة التراثية في مكتبة قطر الوطنية.
ويكتسب المعرض، الذي يستمر حتى نهاية أبريل المقبل، أهمية استثنائية إذ يجسد نهجاً جديداً في تعامل المكتبة مع مجموعاتها التراثية، وكيفية استلهام سبعة فنانين قطريين أعمالاً إبداعية من نفائس مكتبتها التراثية من الخرائط والمخطوطات والصور الفوتوغرافية القديمة.
وقال سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية/قنا/، إن تنظيم المكتبة للمعرض، يتزامن مع احتفالات اليوم الوطني للدولة "والذي يذكرنا بجهود الأجداد في بناء الوطن، وإرساء قواعده الراسخة، ليظل قوياً، فضلاً عما تذكرنا به ذات المناسبة، من حداثة، يعكسها التطور الذي تشهده الدولة، وهو ما انعكس على ما تعيشه قطر حالياً من حيوية في تنظيمها للعديد من الفعاليات والبطولات الرياضية الكبرى، بكفاءة عالية".
وأضاف سعادته، أنه في ظل هذا الزخم، يأتي تنظيم المكتبة لهذا المعرض، انطلاقاً من رسالتها المجتمعية، عبر إسقاط الفنانين زيارتهم للمكتبة التراثية، والتي تعد دُرة مكتبة قطر الوطنية، في أعمال فنية، تعكس المصادر التاريخية التي تضمها المكتبة التراثية، ما أنتج الفنانون على إثره أعمالا متميزة، تربط بين الماضي والحاضر، لافتاً إلى استمرار دور المكتبة في تحفيز الفنانين لإنتاج أعمال فنية أخرى متميزة.
أما السيدة هوسم تان، المدير التنفيذي لمكتبة قطر الوطنية، فقالت إن المعرض يبرز قدرة الفنانين القطريين على محاورة الماضي واستلهامه لفتح آفاق جديدة لحوارات ثقافية ثرية في المجتمع، لافتة إلى حرص المكتبة الدائم على الحفاظ على التراث، من خلال مثل هذه الأعمال الفنية.
وبدورها، وصفت السيدة عائشة حسن الأنصاري، رئيس قسم المجموعات التراثية في مكتبة قطر الوطنية، في تصريحات مماثلة لـ/قنا/، المعرض بأنه علامة فارقة في جهود المكتبة لمد الجسور بين التراث والثقافة، والتعبير الإبداعي، كما يؤكد التزام المكتبة الراسخ بالحفاظ على التراث، وربطه بالمشهد الثقافي المعاصر، من خلال التعبير الفني الإبداعي، بجانب إبراز المصادر التاريخية في المكتبة التراثية، من خلال أعمال الفنانين القطريين.
وحول الرسالة التي تقدمها المكتبة من خلال هذا المعرض، أكدت أن المعرض يقدم رسالة للمجتمع في قطر لاكتشاف التراث، ومعايشة التاريخ، من منظور إبداعي فني معاصر، ما يؤدي بدوره إلى الإسهام في إثراء المنظومة الثقافية في الدولة، وتقديم رؤية بصرية جديدة، للمصادر التاريخية التي تضمها المكتبة التراثية، عبر الأعمال الفنية، التي يضمها المعرض، لافتة إلى أن المعرض يأتي ضمن سلسلة من المعارض التي تعتزم مكتبة قطر الوطنية، تنظيمها للاحتفاء بتاريخ وتراث قطر، ما يؤكد حرصها على مشاركة المجتمع المحلي، سواء من خلال المؤتمرات، أو الندوات، أو المعارض.
ومن جانبها، أكدت السيدة نوف خالد الهيدوس، أخصائي تسويق رقمي في إدارة العلاقات العامة والاتصال بمكتبة قطر الوطنية، في تصريحات مماثلة لـ /قنا/ أن الفنانين المشاركين بالمعرض، استلهموا أعمالهم من المقتنيات والمصادر المختلفة في المكتبة التراثية، والتي كانت رافداً لهم لإنتاج هذه الأعمال الفنية، مشيرة إلى أن أعمال المعرض دمجت الماضي بالحاضر، وبلغت عدد أعماله سبعة لوحات، بواقع عمل لكل فنان قطري.
ويقدم الفنانون المشاركون في معرض "التراث برؤية فنية: إبداعات فنانين قطريين"، سرداً بصرياً جديداً يعيد صياغة التاريخ بجماليات الفن البصري الحديث، حيث يقدم كل فنان منظوره الذي يطرح من خلاله تساؤلات فنية حول مفاهيم "المكان"، و"الهوية"، و"الاستمرارية"، وذلك باستلهام المواد النفيسة في المكتبة التراثية بأعمال إبداعية تدعو المجتمع في قطر لاستكشاف تراث الدولة وتاريخها بعيون فنية معاصرة.
ويبرز المعرض دور المكتبة كمنارة للاستكشاف المعرفي وساحة للتعاون متعدد التخصصات، يلتقي في رحابها تراث وتاريخ قطر بإبداع أبنائها لأشكال جديدة ومبتكرة من وسائل التعبير الفني.
ويحتفي المعرض بإبداعات نخبة من الفنانين القطريين هم: عبد الله المطاوعة، ومنى البدر، ومنيرة العبيدلي، وشريفة المناعي، وجابر حنزاب، والشيخ مبارك ناصر آل ثاني، وزينب الشيباني، ويقدم كل منهم رؤيته الإبداعية الفريدة التي تربط مقتنيات المكتبة التراثية بالمشهد الإبداعي المعاصر.
وفي هذا السياق، أكد فنانون مشاركون بالمعرض في تصريحات خاصة لـ قنا أنهم حرصوا على زيارة المكتبة التراثية في مكتبة قطر الوطنية، لإنتاج أعمالهم الفنية، والنهل مما تضمه من نفائس وكنوز، تم إسقاطها على أعمالهم، التي استحضروا فيها الماضي بكل عراقته، والحاضر بكل ما يشهده من تطور.
وأكدت الفنانة التشكيلية منى البدر، أن زيارتها للمكتبة التراثية كانت سبباً مباشراً في إلهامها لإنتاج عملها الفني، لما تضمه المكتبة من مخطوطات وكتب نادرة، ومصادر أخرى تاريخية، منها ما يتعلق بالتراث البحري، مشيرة إلى أنها بعد الاطلاع على كل هذه المقتنيات، أنجزت عملها "أصداء التراث"، ليعكس دور "النهام" خلال فترة الغوص والبحث عن اللؤلؤ، وكذلك خلال فترة الترفيه، والتي كان يتغنى فيها البحارة خلال هذه الرحلة الشاقة.
وبدورها، قالت الفنانة التشكيلية منيرة العبيدلي، إنها أطلقت على عملها الفني "صدى البحر- قطر: الماضي والحاضر"، واستوحته من عمق الصلة التي تربط قطر بالبحر، بوصفه مصدراً للرزق والذاكرة والهوية، لافتة إلى أن الصياد داخل اللوحة يرمز إلى التجربة الإنسانية والصبر والسعي نحو المعرفة بما يتجاوز المكسب المادي.
وقالت إن اللآلئ المضيئة التي تضمها اللوحة، تمثل الأفكار والحكمة والقيم الثقافية التي تُكتسب مع مرور الزمن، كما يتجلى فيها البحر، استحضاراً للماضي البحري في دولة قطر، بينما تشير المدينة البعيدة في خلفية العمل إلى النمو والحياة الحديثة في قطر، حيث تعبر كل هذه العناصر عن التوازن بين التراث والتقدم الذي يميز قطر اليوم.
أما الفنان التشكيلي عبدالله المطاوعة، فأكد أن شغفه بالثقافة والتراث القطري، كان وراء إنجاز عمله الفني، والذي استلهمه من قسم "قطر عبر الزمن"، في المكتبة التراثية، مؤكداً أن العمل يصور قصر الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، الذي شُيد في العقد الأول من القرن العشرين ليكون مسكناً شخصياً ومقراً للحكم، وتزين جدرانه نقوش بديعة من الجبس تبرز جماليات العمارة القطرية التقليدية.
وقال إن العمل يعكس حرص الدولة على صون هذه العمارة العريقة حتى اليوم، لافتاً إلى أن اللوحة تتشابك فيها رموزاً مستوحاة من متحف قطر الوطني، بما يخلق تناغماً بصرياً يربط الماضي بالحاضر، وتعبر عن تجذر الهوية الثقافية وتؤكد الالتزام الراسخ بصون التراث التاريخي.