

شهدت مختلف مناطق الفان زون في قطر خلال نسخة كأس العرب 2025 تحوّلاً إلى مساحات احتفالية متكاملة تجمع بين متابعة المباريات والأنشطة الثقافية والترفيهية، فتوزعت الفعاليات بين بوليفارد لوسيل والحي الثقافي كتارا وجزيرة اللؤلؤة وجزيرة جيوان وميناء الدوحة القديم ومشيرب قلب الدوحة وشاطئ ويست باي ومنطقة أسباير ومناطق أخرى، لتمنح الجماهير تجربة جماعية خارج الملاعب.
كل منطقة قدّمت «حزمة ترفيه» مخصّصة: شاشات عملاقة للبث المباشر، مسارح للعروض الحية، ركنا للأطفال يحتوي على ألعاب قابلة للنفخ ومساحات للسباقات والتحديات، ومنصات للأنشطة التفاعلية والألعاب الرقمية، إضافة إلى مناطق طعام ومأكولات شعبية ومطاعم مؤقتة للأسر والزوار. وجود صالات VIP ومنصّات طعام مميّزة تواكب الترقية السياحية كان متوافرًا في بعض الفان زون. هذه العناصر جعلت من كل منطقة مركز جذب للعائلات والمشجعين الذين لا يستطيعون التواجد داخل الملاعب.
إلى جانب الترفيه العام، ركّزت الفعاليات على الهوية والتراث العربي: ورش حرفية (صناعة الفخار، التطريز، صناعة العطور والبخور)، عروض موسيقية شعبية ورقصات تقليدية، معارض صور ومقتنيات تاريخية، ومعارض للسفن التقليدية (الدهو) في الواجهات البحرية، مما جعل الفان زون فضاءً لعرض ثراء التقاليد العربية أمام جمهور متنوّع محليًّا ودوليًّا. كما احتضنت بعض المواقع فعاليات مرافقة مثل استعراضات عسكرية وعروض ثقافية يومية.
الورش والبرامج التعليمية كانت جزءاً لا يتجزأ من الخريطة: تكيفت محتويات الورش لتشمل الأطفال والشباب من مواطنين وزوّار، مع تركيز على إحياء الحِرف التقليدية وتعريف الأجيال الجديدة بمعانٍ ثقافية (مثل قصص البحر، الصقارة، اللباس التقليدي، والموسيقى). هذه المبادرات ساعدت على تحويل حماس كرة القدم إلى فرصة تعليمية وثقافية تبرز روابط الشعوب العربية.
من جانب التنظيم والتجربة العامة، ثمّن الحضور سهولة الوصول إلى المواقع وتنوّع الخيارات بين المجانية والمدفوعة، كما لفتت الانتباه أجواء التآخي بين جماهير دول عربية مختلفة التي التقت في الفان زون لمشاهدة المباريات والاحتفال المشترك، ما عزز من دور الفعالية كمساحة «دبلوماسية شعبية» تروّج للتقارب والتبادل الثقافي. في ذات الوقت، أكدت الجهات المنظمة على معايير السلامة وجودة البث والخدمات لضمان تجربة مريحة للعائلات.
ختامًا، شكلت مناطق الفان زون في كأس العرب قطر 2025 نموذجًا عمليًا لكيفية دمج الرياضة مع الهوية الثقافية: منصات لمتابعة كرة القدم لكنها في الوقت نفسه منابر لعرض التراث، وتعزيز الروابط بين الدول العربية أمام جمهور متعدّد الجنسيات والأعمار. تغلّب التنظيم على التحديات اللوجستية ليبقى الأثر الأكبر هو صورة الاحتفال الجماعي بالثقافة والهوى الكروي العربي المشترك.