الطاقة الدولية تتراجع عن سيناريو ذروة الطلب على النفط وتقترب من تقديرات أوبك

لوسيل

لوسيل - وكالات

عدّلت وكالة الطاقة الدولية نظرتها إزاء قرب بلوغ ذروة الطلب على النفط، بإعادة طرح سيناريو يُظهر استمرار نمو الاستهلاك العالمي حتى منتصف القرن.وفقا لوكالة بلومبرغ

فعلى الرغم من أن جميع السيناريوهات الثلاثة التي ركزت عليها الوكالة العام الماضي كانت تشير إلى استقرار الطلب على النفط أو تراجعه خلال هذا العقد، يعيد التقرير الجديد إدراج سيناريو السياسات الحالية (CPS) الذي يرتفع بموجبه الاستهلاك بنسبة 13% بحلول عام 2050. ويستند هذا السيناريو الذي يرجح مساراً تصاعدياً في الطلب إلى تباطؤ وتيرة انتشار المركبات الكهربائية.

وتُعدّ عودة سيناريو (CPS) بعد انقطاع دام خمس سنوات، أحدث إعادة تقييم لآفاق النفط طويلة الأجل من جانب الوكالة وقطاع الطاقة ككل. ويأتي ذلك في ظلّ إدارة أميركية داعمة للوقود الأحفوري وتوجّه سهامها نحو مصادر الطاقة المتجددة.

تُعدّ توقعات وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس مقراً لها والتي أُسست عقب صدمة النفط في عام 1973، مرجعاً عالمياً تعتمد عليه الحكومات وشركات الطاقة في رسم السياسات واتخاذ قرارات الاستثمار. وقد تحمل تحليلات الوكالة هذا العام رؤية واقعية لوفود الدول المشاركة في محادثات المناخ التي ترعاها الأمم المتحدة، والمعروفة باسم كوب 30 ، والمنعقدة هذا الأسبوع في البرازيل.

شكّل تقرير الأربعاء تحوّلاً جديداً في نبرة وكالة الطاقة الدولية التي كانت قالت في سبتمبر إن ثمة حاجة إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مشاريع جديدة للنفط والغاز، وذلك بعد أن تعرّضت سابقاً لانتقادات حادّة عندما اعتبرت أن مثل هذه الاستثمارات تتعارض مع أهداف المناخ، ما دفع مشرّعين جمهوريين إلى مهاجمة الوكالة والمطالبة بوقف تمويلها.

سيناريو آخر يتوقع بلوغ ذروة النفط في 2030

وينسجم التوقع الأخير للوكالة مع توجّه أوسع في قطاع الطاقة، إذ تخلت شركة بي بي في سبتمبر عن توقعها بشأن بلوغ ذروة استهلاك النفط هذا العام.

إلى جانب سيناريو السياسات الحالية (CPS)، يواصل التقرير تضمين سيناريو السياسات المعلنة (STEPS) الذي يفترض وصول الطلب على النفط إلى ذروته بحلول عام 2030، من دون ترجيح أي من المسارين على الآخر.

وقال المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول، في مقابلة عبر الهاتف من من مقر الوكالة في باريس: كهربة قطاع النقل هي أحد العوامل الأساسية التي ستحدّد مسار الطلب المستقبلي على النفط... وكل ذلك سيتوقّف على السياسات الحكومية .

المركبات الكهربائية تحدد مسار الطلب على النفط

بموجب سيناريو السياسات الحالية ، يرتفع الاستهلاك العالمي للنفط من نحو 100 مليون برميل يومياً إلى 113 مليون برميل بحلول عام 2050، فيما تستقر حصة السيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات عالمياً بعد عام 2035. أما في سيناريو السياسات المُعلنة ، فيُتوقع أن تتضاعف حصة مبيعات السيارات الكهربائية بحلول عام 2030، وتتجاوز 50% بعد خمس سنوات.

كذلك، يتوقع سيناريو السياسات الحالية ، ضعف وتيرة نمو مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، ومسار أقوى في لطلب على الغاز الطبيعي.

ومن الطبيعي أن يترتّب على كل من هذين المسارين نتائج مختلفة لأسواق وأسعار النفط العالمية. ففي سيناريو السياسات الحالية ، يرتفع الطلب بما يكفي لامتصاص فائض المعروض من النفط والغاز الطبيعي المسال بشكل أسرع ، ما يدفع الأسعار إلى نحو 90 دولاراً للبرميل بحلول عام 2035. وسيستلزم تلبية هذا الطلب تنفيذ مشاريع جديدة بطاقة إنتاجية تصل إلى نحو 25 مليون برميل يومياً، إلى جانب الاستعانة بإمدادات من منتجين يخضعون حالياً للعقوبات.

تحذيرات من احترار مناخي مدمر

يشكّل سيناريو الطلب على النفط والغاز دليلاً إضافياً على أن مسار الوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول منتصف القرن سيكون أكثر تعقيداً مما كان متوقعاً، مع كل ما يترتب عن ذلك على البيئة.

ففي إطار سيناريو السياسات الحالية ، يُتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العالمية إلى ما يقارب 3 درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية بحلول نهاية القرن، مقارنة بنحو 2.5 درجة مئوية في السيناريو البديل. ويمثّل كلا المسارين مستوى من الاحترار المناخي يُعدّه العلماء بالغ الخطورة والتدمير.

ذروة نفط مؤجّلة

يتماشى سيناريو السياسات الحالية بشكل أكبر مع وجهة نظر منظمة أوبك، بقيادة المملكة العربية السعودية، والتي تتوقع استمرار توسع الطلب على النفط حتى عام 2050. وانتقد الأمين العام لمنظمة أوبك، هيثم الغيص، وكالة الطاقة الدولية مراراً، قائلاً إن الوكالة تروّج لـ خطابٍ معادٍ للنفط .

حتى في سيناريو السياسات المُعلنة ، الذي يُعدّ أكثر تحفظاً، باتت الوكالة تتوقع أن تبلغ ذروة الطلب على النفط قرابة عام 2030 ، بدلاً من قبل نهاية هذا العقد كما جاء في تحليل العام الماضي. كما رفعت تقديراتها لمتوسط الاستهلاك في عام 2050 إلى 96.9 مليون برميل يومياً، مقابل 93.1 مليون برميل في التوقعات السابقة.

بغض النظر عن السيناريو الذي سيثبت صحته في نهاية المطاف، سيظل على العالم التعامل مع مجموعة معقدة من المخاطر، تشمل العقوبات المفروضة على النفط، والغموض المحيط بإمدادات الغاز الطبيعي الروسي، وخطر الهجمات السيبرانية على البُنى التحتية للكهرباء، بحسب بيرول.

وقال إن أمن الطاقة العالمي يواجه اليوم طيفاً غير مسبوق من التهديدات لم نشهد مثيلاً له من قبل .