تنشط مؤسسات وجمعيات خيرية بشكل ملحوظ في الأسابيع التي تسبق شهر رمضان، سواء من خلال النشر في وسائل الإعلام أو تكثيف اتصالاتها مع الجهات الداعمة، فكان لافتا إعلان بعضها عن عشرات المشاريع التي تمولها، سواء كانت اجتماعية أو تعليمية أو صحية.
وتوقعت مؤسسة ويلث إكس المتخصصة في جمع المعلومات والتفاصيل حول أثرياء العالم في تقرير حصلت لوسيل على نسخة منه، 6.4% زيادة سنوية في حجم التبرعات الخيرية حول العالم لتصل إلى 665 مليار دولار مع نهاية 2016، فيما رصدت حجم ما تم التبرع به خلال 2015 بنحو 625 مليار دولار.
تلك الأموال الضخمة مؤشر قوي على أهمية الشركات غير الربحية، وفقا للخبير الاقتصادي المحامي غسان معمر الذي يعتقد أنها يمكن أن تساهم في دعم الناتج المحلي الإجمالي للدول التي تعمل بها، كونها تخضع لمزايا وإعفاءات من أشكال الرسوم والضرائب، بالإضافة لكونها تساعد على مأسسة المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص وضمان استدامتها.
وأظهرت بيانات صادرة عن المركز الدولي للأبحاث والدراسات مداد ومقره السعودية، أن هناك نحو 20 جمعية ومؤسسة خيرية تعمل في قطر، فيما أشار التقرير الصادر عن ويلث إكس والذي جاء بعنوان الأعمال الخيرية 2015 إلى أن مؤشر آرتون كابيتال و ويلث إكس للأعمال الخيرية، والذي يظهر حقائق ملموسة عن التوجهات التي تشهدها الأعمال الخيرية التي يقوم بها الأفراد أصحاب الملاءات المالية العالية، وصل إلى مستويات عالية جداً عند 234 نقطة وهو ما يمثل زيادة بنسبة 25% منذ إطلاقه عام 2004.
وتعمل تلك الجمعيات والمؤسسات تحت مظلة القانون رقم (15) لسنة 2014 بشأن تنظيم الأعمال الخيرية، إذ تنص المادة 27 على أنه يجوز للجمعية الخيرية، بعد موافقة الهيئة، وبما لا يتعارض مع أغراضها، استثمار الفائض من أموالها داخل الدولة بما يساعدها على تمويل أنشطتها ، ذلك القانون جاء مكملا لقرار إنشاء هيئة تنظيم الأعمال الخيرية في العام ذاته.
تلك المؤسسات لديها الآلاف من قصص النجاح وساهمت من خلال مشاريعها المطروحة في تحسين دخل بعض الأسر، وزيادة اعتمادها على ذاتها وتعزيز النظرة الإيجابية المجتمعية تجاه الأسرة المنتجة من خلال مشاريع تجارية بسيطة أو توفير أدوات لازمة بتكاليف منخفضة لإنجاز الأعمال، مثل ماكينات الخياطة وقوارب الصيد.
لفت معمر إلى ضرورة تطوير التشريعات في العالم العربي والمرتبطة بالأعمال الخيرية ليصار إلى تحويلها لشركات غير ربحية تتخذ شكل الشركة المساهمة الخصوصية لغايات تقديم خدمة أو نشاط اقتصادي أو اجتماعي من شأنه تحسين مستوى المواطنين في المجتمع، اجتماعياً أو صحياً أو مهنياً أو مادياً أو فنياً أو رياضياً أو ثقافياً أو تربوياً.
يذكر أن إجمالي تبرعات الأغنياء حول العالم للجمعيات الخيرية يبلغ 112 مليار دولار سنوياً، أي ما يساوي 18% من إجمالي التبرعات الخيرية، بينما كان الأكبر في التاريخ المعاصر عندما أعلن رجل الأعمال الأمريكي وارن إدوارد بافيت في يونيو 2006 تعهده بالتبرع بالجزء الأكبر من ثروته من خلال تخصيص 83% منها إلى مؤسسة بيل وميليندا جيتس فاونديشن الخيرية.
وبلغت قيمة هذا التبرع نحو 30.7 مليار دولار، لدعم الأبحاث الطبية ومساعدة الفقراء والمرضى، فضلاً عن تشجيع التعليم والتربية في البلدان الفقيرة.