

الخلف: تعزز دور القطاع الخاص في التصنيع والإنتاج
آل تواه: تحريك السوق المحلي وخلق فرص استثمارية واعدة
أكدت قطاعات الأعمال وخبراء الاقتصاد والمال أن الموازنة الجديدة تدعم التنمية والنهضة الشاملة التي تشهدها قطر في جميع المجالات في الوقت الحالي.
وشددوا على التزام الدولة باستمرار العمل على زيادة الإيرادات غير النفطية، من خلال إقامة صناعات جديدة وتشجيع الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويؤكد السيد احمد الخلف رجل الاعمال على دعم الدولة للقطاع الخاص في الموازنة الجديدة، من خلال تخصيص الشراكة مع القطاع العام، والزام الهيئات الحكومية التي تنفذ المشاريع بإتاحة الفرص للقطاع الخاص، للمشاركة في عمليات التنفيذ، حيث تحدد الدولة نسبة من الإنتاج المحلي للمكونات التي تدخل في تنفيذ هذه المشاريع، مما يمثل فرصا حقيقية للقطاع الخاص.
يضيف أن الموازنة تضمنت الانفاق على القطاعات الرئيسية من الصحة والتعليم والبنية التحتية، وزيادة المخصصات لمشاريع هذه القطاعات، مما يساهم في دعم دور القطاع الخاص في التنمية، باعتبار أن القطاع الخاص يشارك مشاركة رئيسية في تنفيذ هذه المشاريع، كما ستؤدي هذه المشاريع إلى زيادة عمليات البنوك في السوق المحلي، حيث سيتم إتاحة التمويلات اللازمة للقطاع الخاص لتنفيذ المشاريع.
ويضيف أن تأكيد الدولة على استمرار تنفيذ المشاريع الكبرى بمشاركة القطاع الخاص يؤكد السياسة الاقتصادية الناجحة التي تطبقها الدولة حالياً، كما يبرهن على اهتمام الدولة بمشاريع البنية التحتية، خاصة أن هذه المشاريع تخدم كافة القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية، وليس هناك دولة تحقق التنمية دون بنية تحتية قوية تساعد في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ويوضح الخلف أن مشاريع البنية من الأولويات الأساسية للدولة وجميع أجهزة.. فدور الدولة هو إقامة هذه المشاريع، وتجديد وتحديث القائم منها، بما يتناسب مع النهضة الحالية، والمراقب لدور الدولة خلال السنوات الماضية يرى الاهتمام بتأسيس البنية التحتية لدورها الحيوي في التنمية بجميع قطاعاتها، لذلك فإن دور القطاع الخاص مهم جداً خلال الفترة القادمة، ويكمل دور الدولة التنموي.
ويضيف أن الدولة تعمل على تطوير الموازنة، لتكون هناك متابعة لعمليات التنفيذ يضمن التطبيق الجيد، وتحقيقها لأهدافها المتنوعة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو النقدية أو الخدمية.
ويوضح أنه بعد التطورات الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت الموازنة أداة من أدوات التوجيه الاقتصادي والمالي والاجتماعي، بحيث تشمل مشاريع البنية التحتية ومشاريع القطاع الخاص ومشاريع الخدمات، إضافة إلى المشاريع المخصصة للمواطنين، وأهمها الأراضي وتوصيل البنية التحتية لها.
بدوره أكد سعد آل تواه الهاجري رجل الأعمال أن الموازنة للعام المقبل 2026 جاءت متميزة، واستجابت لتطلعات القطاع الخاص المحلي من عدة جوانب سيكون لها الأثر الأكبر في نموه وزيادة مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي، لافتا إلى أن الموازنة الجديدة راعت الجوانب الكفيلة بتنمية القطاع الخاص المحلي سواء بطرح مشاريع جديدة أمام القطاع الخاص المحلي.
ولفت الهاجري إلى أن تخصيص مبلغ 62.8 مليار ريال للمصروفات الرأسمالية للمشروعات الرئيسية من إجمالي مصروفات الموازنة العامة سيساعد في تحريك السوق المحلي وخلق فرص استثمارية واعدة أمام القطاع المحلي، مشيرا إلى استكمال مشاريع البنية التحتية.
وأكد أن القطاع الخاص استطاع خلال الفترة الماضية تحقيق قفزات عديدة لاسيما في إنشاء وتأسيس المصانع المحلية وزيادة الإنتاجية بما يلبي حاجة السوق المحلي، لافتا إلى أن القطاع الخاص سيعمل على تنفيذ المشاريع الكبرى والوصول بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد معرفي الذي يضمن تنوع مصادر الدخل.

محمد الصادي: التزام بالاستقرار الوظيفي وكفاءة الجهاز الحكومي
قال الخبير المالي محمد الصادي: في إعلانها عن موازنة الدولة للعام 2026، تواصل دولة قطر ترسيخ نهج الاستدامة المالية والانضباط المالي، مع الحفاظ على زخم النمو الاقتصادي ودعم الأولويات التنموية طويلة الأمد، في ظل بيئة إقليمية وعالمية تتسم بتقلبات الأسواق وتحديات الاقتصاد الكلي.
وأضاف: وتأتي الموازنة في سياق مؤشرات اقتصادية إيجابية سجلها الاقتصاد القطري خلال عام 2025، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنحو 2.9%، مدعوماً بارتفاع واضح في الناتج المحلي غير الهيدروكربوني بنسبة 4.4%، وهو ما يعكس نجاح سياسات التنويع الاقتصادي وتقليص الاعتماد على قطاع الطاقة. كما حافظت معدلات التضخم على مستويات منخفضة عند 0.7%، ما يؤكد متانة السياسات النقدية واستقرار الأسعار.
وتابع الصادي: وعلى صعيد المالية العامة، تبرز الموازنة استمرار الالتزام بضبط الإنفاق وتعزيز الاستدامة، مع تسجيل فائض في الحساب الجاري بنسبة 10.8% من الناتج المحلي، واحتواء مستوى الدين العام عند حدود آمنة بلغت 40.6% من الناتج المحلي الإجمالي. كما شهد ميزان المدفوعات وفراً بنحو 1.4%، بما يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني ويمنح الدولة مرونة أكبر في مواجهة الصدمات الخارجية.
أما هيكل الإنفاق في موازنة 2026، فأوضح الصادي فيمكن قراءته باعتباره موقفًا ماليًا واعيًا أكثر من كونه مجرد أرقام. فاختيار الدولة توجيه نحو 69.5 مليار ريال للرواتب والأجور يعكس التزامًا واضحًا بالاستقرار الوظيفي والمحافظة على كفاءة الجهاز الحكومي، في وقت تعاني فيه العديد من الاقتصادات من ضغوط على سوق العمل. وفي المقابل، فإن رفع المصروفات الجارية إلى 81.5 مليار ريال يشير إلى حرص الحكومة على استمرار جودة الخدمات العامة وعدم تحميل المجتمع كلفة التقشف.
الأهم من ذلك- يضيف الخبير المالي- أن تخصيص 62.8 مليار ريال للمصروفات الرأسمالية الكبرى يحمل دلالة إستراتيجية، إذ يؤكد أن الدولة لا تزال ترى في الاستثمار طويل الأجل - خاصة في البنية التحتية والمشروعات الكبرى- ركيزة أساسية للنمو المستدام، لا بندًا يمكن التنازل عنه عند أول اختبار مالي. ويُحسب للموازنة أنها لم تنجرف إلى توسع إنفاقي غير محسوب، بل قدّمت نموذجًا عمليًا للتوازن بين الإنفاق المسؤول والاستثمار الذكي.
د. خالد محمود: ترسيخ التعليم كأحد أعمدة التنمية الوطنية
قال د. خالد وليد محمود الباحث والمتخصص في السياسة السيبرانية إن الموازنة العامة لعام 2026 تكشف عن استمرار قطر في ترسيخ التعليم كأحد أعمدة التنمية الوطنية وركائز بناء الإنسان، وهو ما يتضح من تخصيص 21.8 مليار ريال لهذا القطاع الحيوي، بما يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى تستثمر في العنصر البشري قبل أي شيء آخر. فالتعليم، كما تؤكد التجارب الدولية، هو الأساس الذي تُبنى عليه الاقتصادات المعرفية القادرة على المنافسة والابتكار، وهو المحرك الرئيسي لإنتاج الكفاءات الوطنية المؤهلة لقيادة المستقبل.
ويبرز في تفاصيل الموازنة توجه واضح نحو توسيع وتحديث البنية التحتية التعليمية، من خلال خطة تشمل إنشاء عدد من المدارس الجديدة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان وتعزيز جودة التجربة التعليمية، إلى جانب تجديد وتطوير سبع مدارس قائمة بهدف رفع كفاءتها وإدخال معايير حديثة تتناسب مع متطلبات التعليم المعاصر. ولا يقف الاهتمام عند التعليم الأساسي، بل يمتد إلى التعليم العالي والعلوم الصحية عبر تخصيص مبانٍ جديدة لكل من كلية طب الأسنان وكلية التمريض، وهو ما يعكس إدراكًا متناميًا بأهمية تعزيز قدرات الدولة في مجالات الرعاية الصحية والتخصصات الطبية الدقيقة.
كما تتضمن الموازنة مشاريع صيانة وتطوير منشآت تعليمية قائمة، بما يضمن بيئة تعليمية حديثة ومحفّزة، قادرة على دعم الابتكار والبحث العلمي، وموائمة للتطورات السريعة التي يشهدها قطاع التعليم عالميًا. ويشير هذا التوجه إلى رؤية شاملة لا تقتصر على إنشاء مبانٍ جديدة، بل تركز على جودة البنية التحتية، وتطوير التجهيزات، وتحسين بيئة التعلم داخل الفصول، بما ينعكس مباشرة على أداء الطلبة ونوعية مخرجات النظام التعليمي.