اكد عدد من الخبراء والمختصين على محورية الدور الكبير الذي تلعبه قطر في تحول الطاقة الذي يشهده العالم في الفترة الحالية، واتجاه العديد من دوله إلى التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خاصة تلك التي تعتمد على الفحم الحجري وغيرها من مصادر الطاقة الملوثة، مبرزين دور قطر في هذا الصدد بانضمامها في عام 2022 لمبادرة استهداف الانبعاثات الصفرية (الحياد الكربوني)، وهي إحدى مبادرات قطاع الطاقة الهادفة للوصول إلى ما يقارب انبعاثات صفرية من غاز الميثان في أصول النفط والغاز بحلول عام 2030.
وأضافوا في تصريحات لـ لوسيل بان قضايا البيئة والاستدامة تعد على قائمة الأولويات الرئيسية لقطر ضمن رؤيتها الوطنية 2030، وفي إستراتيجياتها التنموية، للحفاظ على استعمال الموارد بطريقة تضمن وجودها للأجيال القادمة، ويتضمن ذلك استعمال مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل استهلاك المياه والطاقة، وتحسين كفاءة الطاقة في العمليات الصناعية، والتركيز على تحقيق التوازن بين احتياجات البشر والحفاظ على البيئة، وهو ما يعزز توجهات الاقتصاد الأخضر.
التقرير التالي يستعرض آراء بعض الخبراء حول الدور الذي تلعبه قطر والخطوات الهائلة والمتسارعة نحو إرساء اقتصاد أخضر لمواكبة المتغيرات العالمية.

وفي هذا السياق، أكد مؤسس ورئيس برنامج أصدقاء البيئة الدكتور سيف بن علي الحجري، محورية الدور الذي تلعبه قطر في تحول الطاقة الذي يشهده العالم في الفترة الحالية، واتجاه العديد من دوله إلى التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خاصة تلك التي تعتمد على الفحم الحجري وغيرها من مصادر الطاقة الملوثة، مبرزا في هذا الصدد انضمام دولة قطر في عام 2022 لمبادرة استهداف الانبعاثات الصفرية (الحياد الكربوني)، وهي إحدى مبادرات قطاع الطاقة الهادفة للوصول إلى ما يقارب انبعاثات صفرية من غاز الميثان في أصول النفط والغاز بحلول عام 2030.
وأضاف قائلا إن دولة قطر لديها الإمكانات لقيادة دفة تحول المنطقة نحو الطاقة النظيفة، واشار الى أن الابتكارات في مجالات الطاقة النظيفة وأمثالها تخدم غرضا مهما وهو تسريع تحول الطاقة، وهو ما أمر تجسد في رؤية قطر الوطنية 2030، والتي تضع التنمية البيئية كإحدى ركائزها الرئيسية الأربع. واكد د. الحجري بان قطر تعتبر لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة العالمي، وتضطلع بدور رئيسي في التطور المتسارع بقطاع الطاقة المتجددة. ويؤهلها طقسها المشمس ومساحات أراضيها الواسعة لتطوير مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية أو أنظمة الطاقة الشمسية الموزعة الأصغر حجماً.
ويمكن لقطر قيادة دفة تحول المنطقة نحو الطاقة النظيفة خلال السنوات القادمة، وهو أمر تجسد في رؤية قطر الوطنية 2030، والتي تضع التنمية البيئية كإحدى ركائزها الرئيسية الأربع.
وأستطرد قائلا إن قطر أولت في الفترة الأخيرة قطاع الطاقات المتجددة مزيداً من الاهتمام لتوسيع القاعدة الاقتصادية منوها، إلى أهمية تدشين مشروع محطتي في منطقتي مسيعيد ورأس لفان للطاقة الشمسية، بقدرة إجمالية تبلغ 875 ميغاواط منوها بان القدرة الإنتاجية لمشاريع الطاقة الشمسية التابعة لقطر للطاقة ستبلغ حوالي 4 آلاف ميغاواط بحلول عام 2030 وهو ما يشكل حوالي 30 بالمائة من إجمالي القدرة الإنتاجية للطاقة الكهربائية في قطر بالإضافة الي محطة الخرسعة الكبرى للطاقة الشمسية التي دشنت في أكتوبر 2022 الذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 800 ميغاواط بما يعادل 10 بالمائة من ذروة الطلب على الكهرباء في قطر، وتبلغ تكلفته الإجمالية 1.7 مليار ريال
واعتبر د. سيف الحجري أن زيادة إنتاج دولة قطر من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن حاليا إلى 142 مليون طن في عام 2030 تأتي استجابة للحاجة المتزايدة لمصادر طاقة أنظف تقلل من الاحتباس الحراري، قائلا: يعد الغاز الطبيعي المسال حاليا أنظف مصدر من مصادر الطاقة الأحفورية وهو الرافعة الأساسية في عملية الانتقال، مع ملاحظة أن الاستثمارات الكبيرة الموجودة حاليا في مجال الطاقات البديلة لا تلبي الطلب المتزايد على الطاقة وتحتاج لوقت أطول .
وأشار د. الحجري إلى أن دولة قطر أنشأت مراكز بحثية تركز على تطوير التقنيات الخضراء وتحسين كفاءة الطاقة في عمليات البتروكيماويات، وتقف واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا (QSTP) في طليعة هذه المبادرات، لتعزيز التعاون بين الأوساط الأكاديمية والصناعية، حيث أدى تبني التقنيات الفعالة في استخدام الطاقة إلى زيادة بنسبة 15 بالمائة في كفاءة الطاقة عبر المنشآت البتروكيماوية الرئيسية في قطر، ولا تقتصر هذه التحسينات على خفض التكاليف التشغيلية فحسب، بل تعزز أيضا الأداء البيئي للقطاع.
مؤكداً أن دولة قطر تتجه الآن إلى الطاقات المتجددة من خلال بعض المبادرات والمشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها حالياً، وإلزامها بتحقيق التنمية المستدامة اتساقاً مع رؤية قطر 2030.. موضحا أن اتفاقية مؤتمر تغير المناخ شجعت جميع الدول وحثتهم على الانتقال إلى الطاقات المتجددة وذلك حفاظا على البيئة، كما أن هناك اتجاهات كبيرة على الصعيد العالمي، من جانب الشعوب والحكومات في الحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، والطاقة الشمسية بدورها توفر وسيلة فعالة للقيام بذلك، لأن الطاقة الشمسية مستدامة وتحافظ على البيئة.
ومن جانبه قال الدكتور حازم الرحاحلة مدير وحدة الدراسات الاقتصادية للأبحاث ودراسات السياسات مما لا شك فيه، أن ما تقوم به دولة قطر في ميدان الاستدامة البيئية لا يعكس فقط التزاما وطنيا، بل يعكس أيضا وعيا متقدّما بديناميات التغير المناخي باعتباره تهديدا متنامياً لا تقتصر أثاره على دولة
بحد ذاتها، بل هو تهديد ممتد يشمل كافة الشعوب والدول. واكد د. الرحاحلة بان النهج الذي تتبناه قطر، لا سيما من خلال استراتيجيتها البيئية الطموحة (2024 2030) التي جاءت تحت شعار معاً نحو بيئة مستدامة لمستقبل أفضل ، يُمثّل تحوّلا نوعيا في فهم المسؤولية البيئية كقضية عابرة للحدود، تتطلب من الدول المُصدّرة والمُتضرّرة من الانبعاثات الضارة، على حد سواء، أن تتحرك ضمن إطار جماعي من الالتزامات والمبادرات واستطرد الرحاحلة قائلا: اللافت في تجربة قطر هو أنها قد وضعت لنفسها هدفا طموحا يتمثّل في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25% بحلول عام 2030، وهو معدل يتجاوز متوسط معدلات الخفض التي تلتزم بها دول أخرى وتتجاوز معدلات الخفض التي شهدها العالم على مدار السنوات الأخيرة الماضية. وبطبيعة الحال، هذا لا يعكس فقط جدّية الدولة في حماية بيئتها ومواردها الطبيعية، بل يعكس أيضا إدراكها لدورها كعضو فاعل ومسؤول في المجتمع الدولي، يسهم في تقليص الأضرار البيئية التي تمس البشرية جمعاء. مؤكدا بان ما تفعله قطر اليوم يضعها في موقع متقدم بين الدول الساعية إلى تحقيق التوازن بين التنمية والاستدامة، ويؤهلها لأن تكون نموذجا يُحتذى به في تفعيل الدور المحلي لخدمة المصالح البيئية العالمية.
تعكس المبادرات والمشاريع التي نفذتها دولة قطر في مجال الاستدامة والحلول الصديقة للبيئة إجمالا، مضيها بخطى حثيثة على طريق التحول إلى مركز استثنائي في المنطقة لنموذج الاقتصاد الأخضر، تماشيا مع التزاماتها الدولية ومع المنظور الذي حددته رؤيتها الوطنية 2030 لتحقيق التوازن المستدام بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحفاظ على البيئة.
كما تندرج ضمن جهود قطر لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25 بالمائة بحلول عام 2030، وتركيزها على الاستثمارات المستدامة والخضراء، حيث تعتزم طرح أكثر من 75 مليار دولار في شكل فرص للاستثمار المستدام بحلول عام 2030، بما يعكس التزامها نحو الاستدامة البيئية.
وفي القلب من هذا المسعى، تبرز جهود قطاع الطاقة القطري في التعامل مع أزمة الطاقة الثلاثية المتمثلة في أمن الإمدادات، والقدرة على تحمل التكاليف والاستدامة، من خلال تزويد العالم بطاقة أنظف يحتاجها لانتقال مسؤول إلى طاقة منخفضة الكربون.
سبقَ إصدار دولة قطر للسندات الخضراء إستراتيجيات ومبادرات أخرى عديدة، شملت قطاع الطاقة بوصفه إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، إذ أطلقت قطر للطاقة إستراتيجيتها المحدثة للاستدامة، الهادفة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لالتقاط أكثر من 11 مليون طن سنويا من ثاني أكسيد الكربون في قطر بحلول عام 2035.
وتتضمن الإستراتيجية خفض المزيد من انبعاثات الكربون في منشآت الغاز المسال في قطر بنسبة 35%، وفي منشآت التنقيب والإنتاج بنسبة 25%، بزيادة قدرها 10% مقارنة بالأهداف السابقة المحددة بنسبة 25% و15%على التوالي.
وتعزز الإستراتيجية الجديدة التزام قطر بتزويد غاز طبيعي أنظف بمسؤولية وعلى نطاق واسع لتسهيل الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون.
وأطلقت قطر للطاقة في عام 2022، استراتيجيتها المحدثة للاستدامة الهادفة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)، لالتقاط أكثر من 11 مليون طن سنويا من ثاني أكسيد الكربون في قطر بحلول عام 2035، بالإضافة إلى خفض المزيد من كميات الكربون في منشآت الغاز الطبيعي المسال بالدولة بنسبة 35 بالمائة، وفي منشآت التنقيب والإنتاج بنسبة 25 بالمائة، ومتابعة جهودها لتحقيق أهداف توليد أكثر من 5 جيجاواط من الطاقة الشمسية، ووقف الحرق الروتيني للغاز، والحد من انبعاثات غاز الميثان المتسربة على طول سلسلة صناعة الغاز وغيرها.
ومن هذه المبادرات، إطلاق المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء / كهرماء/ ، واستراتيجية قطر الوطنية للطاقة المتجددة الهادفة إلى زيادة توليد الطاقة المتجددة على نطاق المحطات المركزية بحوالي 4 جيجاواط بحلول عام 2030، وتوصي أيضا باعتماد تكنولوجيا التوليد الموزع للطاقة الشمسية بقدرة تصل لنحو 200 ميجاواط بحلول العام نفسه، الأمر الذي يقلل الضغط على البنية التحتية للشبكة المركزية ويعزز استدامة الطاقة.
وسيسهم إطلاق الاستراتيجية من الناحية البيئية في خفض بنسبة 10 بالمائة من إجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون السنوية في قطر من قطاع الطاقة، فضلا عن خفض كثافة ثاني أكسيد الكربون السنوية بنسبة 27 بالمائة لكل وحدة من الكهرباء المنتجة، في حين يتوقع من الناحية الاقتصادية أن يؤدي مزيج الطاقة الموصى به في الاستراتيجية إلى خفض متوسط تكلفة توليد الكهرباء بنسبة 15 بالمائة في عام 2030 بسبب التكاليف التنافسية لحلول التقنيات المتجددة.
تُواصل قطر للطاقة، في إطار إستراتيجيتها المحدّثة للاستدامة، متابعة جهودها لتحقيق أهداف توليد أكثر من 5 غيغاواط من الطاقة الشمسية، ووقف الحرق الاعتيادي للغاز والحدّ من انبعاثات غاز الميثان المتسربة على طول سلسلة صناعة الغاز.
وفي 18 أكتوبر (2022)، افتتحت قطر محطة الخرسعة للطاقة الشمسية، لتكون أول محطة تنتج طاقة نظيفة في البلاد، في إطار برنامج تنفّذه نحو تقليل الانبعاثات وتحقيق الأهداف المستدامة للدولة.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمحطة الخرسعة للطاقة الشمسية في قطر، 800 ميغاواط، وتمتد على مساحة تبلغ أكثر من 10 كيلومترات مربعة، وتضم نحو 1.8 مليون لوح شمسي.
وفي 2022، وقّعت شركة قطر للطاقة للحلول المتجددة مع شركة سامسونغ سي آند تي الكورية الجنوبية، عقود تنفيذ مشروع محطتين ضخمتين للطاقة الشمسية الكهروضوئية، بتكلفة استثمارية 2.3 مليار ريال قطري (631.69 مليون دولار).
وتُقام المحطة الأولى بقدرة 417 في مدينة مسيعيد الصناعية، والثانية بقدرة 458 ميغاواط في مدينة رأس لفان الصناعية، وتبلغ مساحة الأرض المخصصة للمحطتين 10 كيلومترات مربعة، وبقدرة توليد إجمالية تبلغ 875 ميغاواط.
وفي ابريل 2025 افتتحت قطر مشروعين آخرين للطاقة الشمسية في مدينتي مسيعيد، ورأس لفان الصناعيتين بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 875 ميغاواط.
يبرز اهتمام الدوحة بالاقتصاد الأخضر في قطر من خلال جهودها في ترسيخ ثقافة الاستدامة والحفاظ على البيئة بالعمل على زيادة عملية إعادة التدوير وتقليل استعمال الموارد الطبيعية وانبعاثات الكربون والحفاظ على التنوع البيولوجي، ما يسهم في تقليل التأثيرات السلبية بالمناخ، وتحقيق التوازن بين احتياجات البشر والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.
ووصلت وزارة البلدية إلى مراحل متقدمة في عملية إعادة التدوير ومعالجة النفايات والاستفادة منها، من حيث إشرافها على مصنع معالجة النفايات الصلبة ومحطات الترحيل التابعة له والمطامير الصحية للنفايات وإعادة تدويرها، طبقًا للمواصفات والمعايير العالمية، بالإضافة إلى وضع الخطط والإستراتيجيات اللازمة لمعالجة النفايات الصلبة بما يكفل الحفاظ على الصحة والسلامة العامة.
وتمكنت قطر من إعادة تدوير جميع النفايات المتولدة من فعاليات بطولة كأس العالم قطر 2022، من خلال تحقيق معدل فرز وتدوير بنسبة 100%، وهي المرة الأولى التي تتحقق فيها هذه النسبة في تاريخ بطولات كأس العالم السابقة.
تشير الإحصاءات إلى أن نسبة المياه العادمة التي عولجت في محطات المياه العادمة بلغت 99.8% في العام 2022.
كما بلغ استعمال المياه العادمة المعالجة في الري الزراعي العام الماضي 76.13 مليون متر مكعب سنويًا، في حين بلغت المياه المعالجة المستعملة في ريّ المسطحات الخضراء 113.34 مليون متر مكعب سنويًا، وبلغت الكمية المستعمَلة في حقن الخزانات الجوفية نحو 50.60 مليون متر مكعب سنويًا.
وفقًا لإحصاءات المجلس الوطني للتخطيط، ارتفع إجمالي عدد المشروعات الجديدة الخاضعة لتقييم تأثيرها بالبيئة من 2428 مشروعًا في عام 2021 إلى 2676 مشروعًا في عام 2022، وهو ما يعكس تزايد الاهتمام بالبيئة بالتوازي مع حركة التطور التنموية.
وشملت المشروعات الخاضعة للتقييم خلال العام الماضي، 572 مشروعًا كبيرًا و1433 من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى 671 مشروعًا صناعيًا.
تشكّل البيئة مسألة حيوية بالنسبة لتوجهات قطر ونظرتها للنمو الاقتصادي، إذ تعنى الرؤية الوطنية لدولة قطر 2030 بتحقيق الاستدامة في مجالات البيئة والاقتصاد والمجتمع. وركّزت قطر خلال احتضانها إكسبو 2023 الدوحة على هذه الأبعاد الثلاثة من خلال شعاره المتضمن للاستثمار في التقنيات الزراعية المبتكرة كركيزة اقتصادية، وترسيخ الارتباط بين الإنسان والطبيعة لزيادة الوعي بصفتها ركيزة اجتماعية، وتحويل الأراضي الجافة والقاحلة إلى مناطق زراعية وغابات بصفتها ركيزة بيئية.
وتُبرز المشروعات النموذجية والمدن المستدامة، مثل مدينة لوسيل ومشيرب قلب الدوحة وجزيرة اللؤلؤة، جهود دولة قطر في هذا المجال، بصفتها نموذجًا للمدن المستدامة، إذ ضخّت قطر استثمارات ضخمة في تلك المدن والمناطق لتوفير بنية تحتية خضراء، وتقنيات ذكية للتحكم في استهلاك الطاقة.
وفي هذا السياق، تدمج لوسيل التقنيات الذكية مع المباني الموفرة للطاقة وحلول النقل الذكية بسلاسة فائقة، بينما تدمج مشيرب قلب الدوحة البنية التحتية الذكية في نسيجها لإنشاء مراكز حضرية متفوقة في الاتصال وصديقة للبيئة.
وبحسب بيانات المجلس الوطني للتخطيط القطري فإن إجمالي عدد المشاريع الجديدة الخاضعة لتقييم تأثيرها على البيئة، ارتفعت من 2428 مشروعا عام 2021 إلى 2676 مشروعا في 2022، وهو ما يعكس تزايد الاهتمام بالبيئة والاستدامة بالتوازي مع حركة التطور التنموية، وشملت المشاريع الخاضعة للتقييم في العام الماضي، 572 مشروعا كبيرا، و1433 من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، و671 مشروعا صناعيا.
واشارت البيانات إلى أن نسبة المياه العادمة التي تمت معالجتها في محطات المياه العادمة بلغت 99.8 بالمائة عام 2022، حيث استخدمت المياه المعالجة في الري الزراعي بنسبة بلغت 76.13 مليون متر مكعب في السنة، وفي ري المسطحات الخضراء 113.34 مليون متر مكعب في السنة، وفي حقن الخزانات الجوفية بنحو 50.60 مليون متر مكعب في السنة.
وقال التقرير إن كل هذه الجهود تعكس عمل دولة قطر الجاد على وضع نفسها في طليعة الدول التي تحقق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، بما يسهم في تحقيق رؤيتها الوطنية 2030، وريادتها في التحول نحو الاستدامة والاقتصاد الأخضر، وتخفيض معدلات الكربون، للحفاظ على بيئة مستدامة، تضمن استمرار زخم نمو الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.
يذكر أن (رؤية قطر الوطنية 2030) كانت قد حددت عند إطلاقها في العام 2008 حزمة خطوات يتعين تحقيقها، أبرزها: اعتماد تدابير لخفض الانبعاثات في القطاعات الرئيسية، كالنفط والغاز والطاقة والمياه والنقل والبناء والتشييد والصناعة، وتطوير شبكة تنقل تسرع التحول نحو وسائل النقل العامة والمستدامة، وتخصيص مناطق للموائل الطبيعية وحماية النظام البيئي وإحيائه.
كما حددت خطوات أخرى يتعين تحقيقها وهي: ضمان إمدادات مياه موثوقة ومستدامة لحماية موارد المياه على المدى البعيد، مع الحفاظ على جودة جميع مصادر المياه، وتعزيز ممارسات ترشيد استهلاك المياه، واعتماد المبادئ الدائرية في العمليات الصناعية، وتشجيع تطوير واعتماد ممارسات مستدامة وفعالة في استخدام الموارد، ودعم الممارسات الزراعية المبتكرة التي تركز على الزراعة المستدامة ذات الإنتاجية العالية، وتنفيذ متطلبات تشييد المباني الخضراء.