قطر تؤمن مخزونها الاستراتيجي من القمح والدقيق
حوارات
11 أبريل 2012 , 12:00ص
الدوحة - محمد الفاتح أحمد
قال السيد طارق محمد الرئيس التنفيذي لشركة زاد القابضة: إن دولة قطر في الوقت الراهن لا تعتزم الدخول في عمليات الشراء الموحد لأهم السلع الغذائية الاستراتيجية، خاصة مخزون القمح، مشيراً إلى أن الفكرة المطروحة تناسب دولا أخرى في المنطقة ذات كثافة سكانية عالية. وأوضح في تصريح خاص لـ «العرب» عبر الهاتف أمس أن قطر قد تبنت استراتيجية طويلة الأجل لتأمين كميات وافرة من السلع الأساسية بما فيها القمح، لكنه أشار إلى أن هذا المنحى لا يعني اعتراض الدولة على الفكرة الخليجية، وربما قد تكون جزءا منها في المستقبل. ولفت إلى أن حجم الاستهلاك ومعدلات النمو السكاني قد رتبت لها الدولة أولويات منفصلة لسد أي زيادة محتملة في هذا الشأن. وأشار إلى أن الدولة تركز على بناء مخزونات استراتيجية لمقابلة احتياجات النمو السكاني والتوسعات الجديدة في مجال التجارة والاستثمار، والتي تشهد تقدماً كبيراً في مختلف المجالات.
وكانت ندوة الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد دعت مؤخراً بتفعيل عمليات الشراء الموحد لأهم السلع الغذائية الاستراتيجية، وإنشاء شركة خليجية مشتركة للاستثمار في المجال الزراعي، وتوفير التسهيلات الائتمانية والتمويل للمستثمرين الخليجيين، وبناء مخزون استراتيجي للأغذية في دول المجلس، ووضع خطط وإيجاد آليات لإدارة المخزون الغذائي.
بناء مخزون استراتيجي في أكثر من موقع
وتتجه دول التعاون الخليجي نحو تطبيق سياسة الشراء الموحد لـ8 سلع غذائية أساسية منها «الأرز، القمح، الزيت، السكر» للتصدي لأية أزمات محتملة كتلك التي ضربت العالم منتصف عام 2008، وطالت تأثيراتها دول المنطقة، كما تعمل على إعداد خطة متكاملة لأي طارئ يتعلق بـ «الأمن الغذائي».
ووضعت تلك التوجهات، في ختام تجمع خليجي حدد واقع الأزمة الغذائية في دول المنطقة الخليجية، إضافة إلى توصيات ببناء مخزون استراتيجي في أكثر من موقع، في إطار استراتيجية لتحقيق «الأمن الغذائي» لدول المنطقة.
وطالب المجتمعون خلال حديث في ندوة الأمن الغذائي بضرورة أن تكون مواقع المخزون بمنأى عن أية تأثيرات محتمل أن تصدر من المفاعلات النووية الإيرانية وقيام الدول الخليجية بالعمل على تسهيل انتقال السلع الغذائية فيما بينها بكل يسر وسهولة أثناء الطوارئ.
وتم الاتفاق على الرفع بمقترح لقادة دول مجلس التعاون في قمة مسقط المقبلة المقرر عقدها في ديسمبر المقبل، لتطبيق سياسة الشراء الموحد لـ8 سلع أساسية غذائية، وهي بحسب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية «الأرز، القمح، الزيت، السكر، الذرة، الحليب، حليب الأطفال، واللحوم».
وتستورد الدول الخليجية احتياجاتها الغذائية من الأسواق الخارجية، ما دفع إلى البحث عن اتفاقيات مقننة مع عدد من الدول لضمان توفير وتنويع المصادر التي تستورد منها دول المجلس احتياجاتها الغذائية وذلك بعد قيام عدد من الدول بإيقاف تصدير بعض السلع الأساسية إبان أزمة الغذاء العالمي.
وكان اقتصاديون قد طرحوا فكرة بناء مخزون استراتيجي، وتحديد آليات معينة لطريقة إدارتها مع الأخذ بالاعتبار ظروف السلع المخزنة وكيفية التخلص منها في حال عدم ملاءمتها للاستهلاك الآدمي.
دول الخليج بحاجة إلى
استيراد نحو %90 من احتياجاتها الغذائية
وفي سياق ذلك تم التأكيد على ضرورة تعزيز الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني مع التركيز على هذه المنتجات مع الأخذ بالاعتبار الموارد الموجودة في دول المجلس، وبالأخص موارد المياه التي أكد المزروعي أنها تأتي مقدما عن الأمن الغذائي.
وحذر تقرير اقتصادي حديث حول الصناعات الغذائية في دول مجلس التعاون الخليجي، من أن دول المجلس بحاجة إلى استيراد نحو %90 من احتياجاتها الغذائية بسبب نقص المياه وقلة الأراضي الصالحة للزراعة، ما يجعل من الأمن الغذائي قضية مهمة للغاية للمنطقة.
وتوقع تقرير صدر عن شركة ألبن كابيتال- الشرق الأوسط المحدودة، أن يزداد إجمالي استهلاك المواد الغذائية في دول المجلس بوتيرة أسرع مما كان عليه خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب ارتفاع مستويات الدخل، فضلا عن النمو السكاني السريع في المنطقة، مقدرا أن يرتفع نصيب الفرد من الاستهلاك الغذائي في المنطقة بمعدل سنوي مركب نسبته %2.1 خلال الفترة الممتدة من عام 2011 إلى 2015 ليصل إلى 51 مليون طن متري، مقارنة بمعدل ارتفاع الاستهلاك الغذائي الفردي خلال عامي 2007 و2010 الذي بلغت نسبته %0.9.
استقرار في أسعار القمح
وفي رده على سؤال «العرب» بشأن كيفية مواجهة شركة «زاد» القابضة لشراء كميات إضافية من القمح لزيادة المخزون الاستراتيجي للدولة إلى 100 ألف طن بدلاً من 60 ألف، قال السيد طارق محمد: إن وفرة المخزون العالمي من القمح الجيد قد أسهمت في إيجاد مناخ صحي من الاستقرار الواضح على مؤشر الأسعار في الوقت الراهن، ما يعني عودة الحركة التصحيحية بشأن الأسعار إلى وضعها الطبيعي خلال المرحلة المقبلة، بحكم الكميات الوافرة من الإنتاج الجديدة المتوقعة أن تغزو الأسواق في يونيو المقبل، خاصة من قارة أستراليا. وجدد السيد طارق محمد الرئيس التنفيذي لـ «زاد» القابضة القول: إن الشركة، تؤكد جاهزيتها رفع مخزون القمح ليغطي احتياجات سنة كاملة، بدلاً من 6 أشهر. وأكد السيد طارق أن الجهات المختصة في الدولة تعكف على إجازة هذه التوصية قريباً.
ولفت إلى أن «زاد» تعتزم من جانبها رفع كميات المخزون الاستراتيجي الاحتياطي تحسباً لأي طارئ قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالمياً. وقال إن مشروع التوسعة في الشركة ينفذ، وإن طاقة الإنتاج تناهز أو تفوق على الأرجح 600 طن يوميا من الطحين.
غالبية المستورد من القمح يأتي من أستراليا
وأوضح في حواره مع «العرب» أن شركة «زاد» تقوم باستيراد غالبية كميات القمح من أستراليا، بسبب استقرار سعر القمح، إضافة إلى الجودة العالية وضمان الوفرة. وشدد على أن الشركة تسعى لطرح عدد من المبادرات الاستراتيجية التي ترمي إلى زيادة مستوى الأداء للشركة وتحسينه، من أجل الاستغلال الأمثل في المستقبل. وشدد السيد طارق محمد في حديثه على أن الشركة تقوم بتوفير الطحين للمخابز بحكم كونه سلعة استراتيجيه رغم التقلبات العالمية في أسعاره، وهي تحرص على توفير مخزون استراتيجي منه يكفي لتغطية الاستهلاك لمدة عام كامل. وأضاف أن المخزون الاستراتيجي للشركة يسمح بمواجهة التقلبات في الأسواق، منوهاً في هذا الصدد بأن «زاد» لا تحتكر السوق وتملك محفظة استثمارية برأسمال مشجع، تركز على الاستثمار في مجال الأغذية والدواجن وغيرها.
مشروع الدواجن في «زاد».. حلم على الورق
وبشأن انطلاق مشروع الدواجن الذي كشفت عنه الشركة منذ عامين تقريباً، قال السيد طارق محمد إن بدء العمل في هذا المشروع الحيوي المهم، مرهون بالحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية في الدولة. وأكد أنه حال تم التصديق على بعض التصاريح الخاصة بالاستثمار في قطاع الدواجن في الدولة، ستقوم الشركة على الفور بتفاصيل بدء تنفيذه. وتوقع الرئيس التنفيذي لشركة «زاد» القابضة الموافقة على مشروع الدواجن في أي وقت، مؤكداً في الوقت ذاته جاهزية الشركة لإنجاح هذا المشروع.
وأشار في حديثه إلى «العرب» إلى أن السوق المحلية لا تزال بحاجة لتوفير منتجها الخاص في هذا المضمار، منوهاً بأن نمو حجم الاستهلاك اليومي مشجع لدخول منافسين جدد لإنشاء مزارع جديدة لإنتاج اللحوم الداجنة في الدولة، نتيجة لتنامي الاستهلاك في قطر، باعتبارها إحدى الوجهات الاقتصادية المهمة التي تشهد سلسلة مشاريع عملاقة وتستقطب الشركات العالمية الكبرى التي تدخل في تنفيذ مشاريع متعلقة بالبنية التحتية والتوسعات الاقتصادية الأخرى لتلبية احتياجات المناسبات العالمية التي تستضيفها قطر خلال السنوات المقبلة.
والعمل جارٍ على تنفيذ مشروع رفع الطاقة الإنتاجية للمطاحن حسب الخطة الزمنية الموضوعة، كما تهدف الشركة إلى إيجاد مصادر جديدة للدخل وتحقيق زيادة مستدامة في قيمة الأسهم من خلال تطوير استراتيجيات عملية والتخصيص الأمثل للموارد الإدارية والحث على الابتكار من خلال إنشاء أنظمة أكثر مرونة، وقياسية، وفعالة من حيث التكلفة، ويمكن تقييمها بصورة موضوعية ومستقلة. كما أن الشركة تقوم حاليا بتقييم عدد من عمليات الدمج والاستحواذ ودراسة مجموعة من المقترحات والمشاريع الجديدة المطروحة للتنفيذ داخل دولة قطر في مجال صناعة المواد الاستهلاكية.
تراجع محسوس لأسعار
القمح العالمية
هذا، وقد سجلت أسعار القمح تراجعا محسوسا، حسب تقديرات المجلس العالمي للحبوب؛ حيث فقدت الأسعار ما معدله 60 دولارا للطن في سوق أميركا الشمالية وأوروبا.
وتكشف أرقام الهيئة الدولية أن معدل سعر القمح بالسوق الأميركية بلغ العام المنصرم 355 دولارا للطن، بينما قدر بالنسبة لمؤشر النفط الفرنسي «روان» ما قيمته 357 دولارا للطن. وتراجعت الأسعار في 28 مارس الماضي إلى 288 دولارا في السوق الأميركية، و293 دولارا في الفرنسية، ليتواصل التراجع إلى 283 دولارا للطن، و287 دولارا للطن في 29 مارس. وفي ذات السياق، شهدت أسعار الشحن والنقل انخفاضا كذلك؛ حيث كانت تقدر ما بين 28 دولارا للطن بالنسبة للقمح الأميركي الموجه لأوروبا، و59 دولارا للطن لذلك الموجه إلى اليابان أو 43 دولارا للقمح البرازيلي الموجه لأوروبا؛، حيث أضحى يقدر بـ21 و51 و36 دولارا على التوالي، رغم تسجيل زيادة معتبرة في سعر النفط.
من جانب آخر، كشف تقرير المنظمة الدولية عن تحسن توقعات الإنتاج العالمي بـ11 مليون طن على الأقل؛ حيث يبلغ حاليا بالنسبة للمحصول الجديد 1841 مليون طن، مقابل 1830 مليون طن في التوقع السابق.
أما الاستهلاك العالمي، فإنه سجل زيادة بـ5 ملايين طن، من 1831 مليون طن إلى 1836 مليون طن، يضاف إليه المخزون الدولي البالغ 378 مليون طن مقابل 369 مليون طن في التقدير السابق.
وتصل حصة أكبر المنتجين والمصدرين من مجموع التجارة 131 مليون طن في التوقع الجديد، مقابل 130 مليون طن في التوقع السابق، وتضم مجموعة الدول التي تسيطر على سوق القمح، كلا من: الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين وأستراليا وروسيا وكازاخستان وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي. وأكد السيد طارق محمد أن الحكومة لا تزال تدعم طحين القمح والخبز لمدة عام كامل، قائلاً إنه يشكل حصانة قوية ضد أية ارتفاعات محتملة في الأسعار خلال المرحلة المقبلة. وكان تجار أوروبيون قد ذكروا نهاية مارس الماضي أن شركة «زاد» القابضة في قطر قد طرحت مناقصة لشراء 20 ألف طن من القمح عالي البروتين، وتقدم العروض في موعد أقصاه 18 أبريل الحالي.
وقد واجهت غالبية دول الخليج عندما قفزت أسعار الغذاء العالمية في عام 2008 وهو ما جعل تكلفة وارداتها ترتفع. ومنذ ذلك الحين سعت إلى استئجار وشراء أراضٍ زراعية في بلدان نامية لتعزيز الأمن الغذائي، وتدعم الحكومة الشركة عبر تعويضات مالية فصلية.