أكد فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد النعمة أن العشر من ذي الحجة من المواسم الجليلة والأيام الفضيلة التي تتخللهما عبادات عظيمة وطاعات جليلة، وقد كان سلف هذه الأمة رحمهم الله من الصحابة والتابعين يجتهدون في هذه العشر في الأعمال الصالحة اجتهادا عظيما لا يكاد يُقدر عليه، وكانوا يعظمون هذه العشر تعظيما ظاهرا. وقال الشيخ عبدالله النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الشيوخ: من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أن جعل لهم من الأعمال الفاضلة والطاعات المتتالية والمواسم المباركة ما تقر به النفوس وتهنأ به الصدور ويتسابق فيه المتسابقون طمعا في ثواب الله ورحمته ورجاء لرضوانه وجنته وخوفا من عقابه وسخطه.
وبين الخطيب أن من المواسم الجليلة والأيام الفضيلة التي تتخللهما عبادات عظيمة وطاعات جليلة هي العشر من ذي الحجة، واعلموا رحمكم الله أنكم تستقبلون أيام عشر ذي الحجة المباركات التي أقسم الله تعالى بها في كتابه حين قال: والفجر وليالٍ عشر ، قال ابن كثير رحمه الله المراد بها عشر ذي الحجة، وقال سبحانه: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ، قال ابن عباس رضي الله عنه هي أيام العشر.
وأضاف: وعند البخاري من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما العمل في أيام أفضل منها في هذه، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ، وفي رواية لأحد قال: ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ، قال الحافظ بن كثير رحمه الله: وبالجملة فهذه العشر قد قيل إنها أفضل أيام السنة، كما نطق بذلك الحديث، وفضله كثير على فضل عشر رمضان الأخيرة، لأن هذه يشرع فيها ما يشرع في تلك من صيام وصدقة وغيرها، وتمتاز هذه العشر باختصاصها بأداء فرض الحج فيها، وقال الحافظ بن حجر رحمه الله: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره.
وبين الخطيب أن من الأعمال الفاضلة المشروعة في هذه العشر الأضاحي وهي سنة الخليلين أبي الأنبياء وخاتم المرسلين عليهما الصلاة والسلام، يكره للقادر عليها تركها وأفضلها أسمنها وأغلاها، ومن أراد أن يضحي فإن الواجب عليه أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره وبشرته في هذه العشر، حتى يضحي ويأكل من أضحيته، لما ثبت عند مسلم وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا ، وفي رواية للنسائي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي، وهذا الحكم خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه وعن غيره، أما الأولاد والنساء الذين يضحى عنهم فلا يلزمهم من ذلك شيء.
أعدوا لهذه الأيام العدة، واستقبلوها بالتوبة وعظموها كما عظمها الله تعالى، واقضوها في أنواع الطاعات واستباق الخيرات، وأحسنوا بها ختام هذا العام فلعل ذلك يمحو ما سبق فيه من الذنوب والآثام.
من جانبه بيّن فضيلة الشيخ محمد محمود المحمود أن العشر الأول من ذي الحجة أيام فاضلة مباركة، وقد قال أهل العلم: من فضل هذه الأيام أنها اجتمعت فيها أعمال أركان الإسلام الخمسة دون غيرها من الأيام ففيها ذكر الله والتوحيد وفيها كثرة الصلاة وفيها الصيام. وقال الشيخ محمد المحمود في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: الحمد لله رب العالمين شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وبارك وسلم تسليما كثيرا، عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى، يقول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
وأضاف الخطيب: فإن الله تبارك وتعالى يخلق ما يشاء ويختار لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، فضل الله تبارك وتعالى بعض الأمكنة على بعض وفضل بعض الأزمنة على بعض، وفضل مكة على غيرها من بقاع الأرض، وفضل المسجد الحرام على غيره من المساجد وفضل ليلة القدر على غيرها من الليالي وفضل أيام العشر الأول من ذي الحجة على غيرها من الأيام، هكذا أراد الله تبارك وتعالى لحكمة يعلمها كما أنه فاضل بين الناس، فجعل منهم الأنبياء وغيرهم لحكمة عظيمة يعلمها جل جلاله.
وأردف: العشر الأول من ذي الحجة أيام فاضلة مباركة، يوم وتدخل علينا هذه الأيام الفاضلة، ما لها عند الله تبارك وتعالى؟ ما هو فضل هذه الأيام على غيرها من أيام العام؟ فضل العشر الأول من ذي الحجة أن الله تبارك وتعالى أقسم بها في القرآن فقال عز وجل والفجر وليال عشر ، قال جمهور المفسرين الليالي العشر، هي الليالي أو الأيام الأول من ذي الحجة، والنكتة أنه ذكر الليالي بدون الأيام هي أن تعلم أن فضلها في النهار وفي الليل فكما أنك مأمور بأن تطيع الله في النهار في هذه الأيام وتكثر من طاعة الله لا تغفل عن الليل فإن فضله كفضل النهار في هذه الأيام، هذه الأيام هي الأيام المعلومات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه فقال: واذكروا اسم الله في أيام معلومات ، هذه الأيام المباركة هي أفضل أيام الدنيا، قال النبي عليه الصلاة والسلام: أفضل أيام الدنيا أيام العشر من ذي الحجة ، هذه الأيام المباركة فيها يوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة؟ يوم يغفر الله عز وجل فيه للخلق يوم يباهي الله عز وجل عباده فيقول لملائكته: انظروا لعبادي شعثا غبرا يرجون رحمتي، هذه الأيام العشر فيها يوم النحر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: من أفضل أيام الدنيا يوم النحر وأيام القر، أي ما بعد يوم النحر وهو يوم العيد، يوم عظيم مبارك، أيام العشر الأول من ذي الحجة عظيمة مباركة قال أهل العلم من فضل هذه الأيام أنها اجتمعت فيها أعمال أركان الإسلام الخمسة دون غيرها من الأيام ففيها ذكر الله والتوحيد وفيها كثرة الصلاة وفيها الصيام، يستحب وعلى رأسها يوم عرفة، وفيها الصدقات وكثرتها أفضل من غيرها، وفيها الحج، اجتمعت فيها أركان الإسلام الخمسة ولا تجتمع أركان الإسلام الخمسة في غيرها من الأيام.