دعوات للاستفادة من خبراتهم لخدمة الوطن.. ما الطريقة المثلى لإعادة دمج المتقاعدين في سوق العمل؟

alarab
تحقيقات 10 مارس 2023 , 12:25ص
يوسف بوزية

بعد أن ناقش مجلس الشورى مؤخرا ملف المتقاعدين والاستفادة من خبراتهم في سوق العمل، طالب عدد من المواطنين بإعادة توظيف هذه الشريحة من أبناء الوطن، وإتاحة الفرصة للراغبين منهم للالتحاق بوظائف مرة أخرى وإعداد برامج تنموية للموظفين المؤهلين لمعرفة تطلعاتهم لما بعد التقاعد وتوجيههم بمشاركة كافة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكدوا لـ «العرب» ضرورة وضع آلية متكاملة لتأهيل وتوظيف المتقاعدين عبر إنشاء قاعدة بيانات تشمل كافة المتقاعدين والوظائف التي كانوا يشغلونها وإمكاناتهم ومهاراتهم السابقة، فضلاً عن رصد الوظائف الشاغرة بالهيئات الحكومية والقطاع الخاص، ووضع خطة لتأهيل تلك الكوادر وإلحاقهم بالوظائف المناسبة.
ونوهوا بأن قطر مليئة بالكفاءات المهنية والكوادر الوطنية التي ما زالت قادرة على العطاء، مشيرين إلى أن توظيف المتقاعدين يخفف من معاناتهم النفسية والمادية لاسيَّما أن كثيراً منهم قد أحيل للتقاعد وهم في ذروة العطاء.
وأوضحوا أن المتقاعد بعد ترك الوظيفة العامة لا يحصل إلا على الراتب الأساسي فقط والعلاوة الاجتماعية، ويفقد جزءاً كبيراً من الراتب والذي كان يشمل البدلات والحوافز ما يجعله عرضة للأزمات المالية خاصة مع ارتفاع مستوى المعيشة عاما بعد عام.

د. محمد الكبيسي: ربط المعاش التقاعدي بالتضخم

قال الأكاديمي والكاتب الدكتور محمد بن علي الكبيسي، إن الهدف الذي أنشئت من أجله الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية هو «تأمين الحياة الكريمة لأصحاب المعاش والمستحقين عنهم»، مشيرا إلى ان المواد القانونية التي كانت تعطي الهيئة الصلاحية والقوة ألغيت بالمرسوم بقانون رقم (18) لسنة 2009 بشأن إلغاء بعض القوانين، معتبرا أن الهيئة تم تجريدها حتى من اقتراح زيادة المعاشات، كما جُردت من إمكانية منح معاشات استثنائية، أو زيادة كل أو بعض المعاشات المستحقة، وبه أصبحت الهيئة فقط مشرفاً على صندوق تلقي الاشتراكات، ومشرفاً على دفع المعاشات الشهرية.
وأكد أن إشكاليات التقاعد سواء الخاصة بالقانون أو المتقاعدين أنفسهم تمثل خطراً يجب مواجهته سريعاً لضمان حياة كريمة للمتقاعدين، حفاظاً على النسيج المجتمعي. ونوه بربط المعاش التقاعدي في بعض البلدان بالتضخم حتى لا يخسر في القيمة الشرائية لراتبه الشهري و»لقد أحسنت الأردن عندما وجهت مؤسسة الضمان الاجتماعي لربط رواتب المتقاعدين بالتضخم، إن هذا القرار يعتبر منصفاً لأنه كفل للمتقاعدين زيادة سنوية على المعاش تغطي ما قد يطرأ من زيادة على أسعار السلع والخدمات».

مطلوب بيئة مناسبة للاستفادة منهم

أكد عدد من المغردين ضرورة إيجاد البيئة المناسبة للاستفادة من المتقاعدين في سوق العمل وضمان استمرار مساهمتهم في مسيرة التنمية، مشيرين إلى أن الكثير منهم يتّقد بالنشاط والحيوية وهم بذلك على استعداد للعطاء والإسهام بفاعلية في دعم مسيرة التنمية الوطنية كما يضمن لهم حياة كريمة.
وقال خالد عمران القبيسي @qubaisikh ان ملف المتقاعدين من القضايا الرئيسية القديمة والتي لم تحل حتى الآن وينقسم إلى:
1- ضمان العيش الكريم للمتقاعد 
2- الاستفادة من خبرات المتقاعدين
مشيرا إلى أن رؤية قطر 2030 تهدف الى ضمان العيش الكريم للمواطن، والمتقاعد يمثل شريحة كبيرة ومهمة في المجتمع حيث إنه أمضى شبابه وقوته في خدمة البلد.
متسائلا لماذا لا تتم الاستفادة من خبرات المتقاعدين المتراكمة وأيضا لا ننسى أن لدينا ظاهرة التقاعد المبكر؟.
بينما دعت مريم المسلماني@Mk_almuslamani الى ضرورة توطين الخبرات من خلال قانون ولجان مختصة وظيفتها النظر في نواقص الدوائر الحكومية ومقارنتها بالوظائف المطلوبة من خبرات أجنبية، تحت مسمى (مستشار) وقالت ان البلد فيه عدد من الكفاءات من المتقاعدين ومن تم الاستغناء عن خدماته تحت مسمى مستشار.
وقال محمد فهد القحطاني @mohdwaves ان من المعوقات لخطط التنمية لدينا قلة الموارد البشرية القطرية، لهذا كان من الأفضل اعتبار سن الستين سن تقاعد اختياري للمواطن وأن يكون الاستمرار بعد الستين في العمل خيارا للموظف لا يشترط فيه موافقة الإدارة وإنما لها فقط مطالبته بتقرير طبي يثبت صلاحيته لتلك الوظيفة على وجه التحديد.
واضاف: بدون تشريعات ملزمة للجهات الحكومية بتوطين الخبرات القطرية ومنحها الأولوية على غيرها من الخبرات الخارجية والاستفادة من إمكانيات المتقاعدين، كأنك يابو زيد ما غزيت، مشيرا إلى أن مجلس الشورى هو سلطة تشريعية بيدها سن هذه التشريعات التي تخدم المواطن المتقاعد وتفتح أمامه ابواب خدمة الوطن من جديد.

الخبرات الوطنية بديل لـ «الأجنبية»

حظى موضوع المتقاعدين وضرورة الاستفادة من خبراتهم باهتمام مجلس الشورى، حيث استعرضت إحدى الجلسات مؤخرا طلب مناقشة عامة الذي تقدم به عدد من أصحاب السعادة الأعضاء، بشأن الاستفادة من المتقاعدين في سوق العمل، مؤكدين ان هذا الموضوع يلامس شريحة مهمة في المجتمع، أسهمت بشكل بارز في سوق العمل وما زالت تمتلك الطاقة للإسهام في جهود التنمية، وأشاروا الى أن تلك الطاقة إذا ما اقترنت بالخبرة المتراكمة، فإنها بلا شك ستشكل موردًا مهمًا لرفد سوق العمل بالخبرات والطاقات المناسبة.
وأكد أصحاب السعادة أعضاء المجلس، على ما توليه القيادة الرشيدة من اهتمام بالعنصر البشري كإحدى ركائز التنمية، وهو ما ينص عليه دستور البلاد، وما تجسد في رؤية قطر الوطنية 2030 ضمن الركيزة الأولى المتعلقة بالتنمية البشرية.
وأشاروا إلى ضرورة إيجاد البيئة المناسبة والداعمة للاستفادة من المتقاعدين في سوق العمل، على اعتبار أنهم عنصر بشري مهم، أسهم بشكل بارز في مسيرة التنمية، وما زال الكثير منهم يتّقد بالنشاط والحيوية، وهم بذلك على استعداد للعطاء والإسهام بفاعلية في دعم مسيرة التنمية الوطنية.
ونوهوا بضرورة الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى المتقاعدين، والذين عملوا في وظائف ومهن مختلفة ومنوعة، جعلت منهم كفاءات وأكسبتهم معارف يمكن الاستفادة منها، منبهين إلى مغبة ضياع تلك المقدرات وإغفال دور المتقاعدين، مما يؤثر عليهم نفسيًا ومعنويًا. 
وشددوا على ضرورة توطين الخبرات والاستفادة مما يمتلكه المتقاعدون من إمكانات، منبهين إلى ضرورة تجنب الاستعانة بالخبرات الخارجية حال وجود خبرات وطنية قادرة على القيام بالواجبات المطلوبة للإسهام في سوق العمل، ولتحقيق ذلك، أشاروا إلى ضرورة حصر أعداد المتقاعدين وتصنيف خبراتهم والمجالات التي يمكنهم الإسهام فيها، والعمل على تأسيس قاعدة بيانات تشمل كافة المعلومات اللازمة للاستفادة من تلك الخبرات.
وبيّنوا أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى دعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدة وظائف ومناصب استشارية، وتحقيق الاستفادة القصوى من الكادر الوطني المؤهل بما يعود بالخير على الوطن، ويسهم في تحفيز وتشجيع المتقاعد للقيام بدوره تجاه وطنه ومجتمعه.
يذكر أن المقترحات التي تقدم بها مجلس الشورى السابق تم الأخذ بها وتنفيذها على أرض الواقع، مع إصدار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله» لقانوني التأمينات الاجتماعية والتقاعد العسكري في العام الماضي، في حين سعى اعضاء المجلس الحالي إلى متابعة التطورات في هذا الملف، وتحسين واقع المتقاعدين وفق المستجدات بما يحقق تطلعاتهم وآمالهم.

خالد فخرو: توطين الكفاءات في الجهات الحكومية

دعا السيد خالد فخرو إلى توطين الخبرات في الجهات الحكومية، مشيرا إلى وجود العديد من الوزارات والمؤسسات في الدولة التي تضم أعدادا كبيرة من الأجانب الذين يعملون كخبراء أو مستشارين في حين يمكن لتلك الوزارات والمؤسسات أن تستخدم المتقاعدين القطريين وان تستغني عن هؤلاء، مقترحا عدم توظيف أي اجنبي للعمل كخبير إلا إذا كان لا يوجد قطري في تخصصه.
وأشار إلى أن المتقاعدين هم خبرات متراكمة وهم ثروة مجتمعية، منوها بضرورة الاستفادة من المتقاعد في العمل كاستشاري، أو مدرب أو كخبير او في مجال التخطيط الاستراتيجي او في تدريب الكوادر الوطنية الشابة او في مشاريع الدولة المختلفة.
وقال إنه فضلا عن استفادة الوطن من خبرات المتقاعد القطري، فإن هناك استفادة مادية سوف تعود على هذا المتقاعد والاهم من ذلك هو الاستقرار النفسي والاجتماعي الذي سوف يتمتع به في حياته، داعيا إلى تشكيل لجنة تضم عددا من الجهات، من بينها وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية وهيئة التقاعد وإعداد قائمة بأسماء المتقاعدين والمجالات التي يمكن أن تستفيد الدولة منهم فيها.
وأشار إلى ضرورة أن يتضمن قانون التقاعد زيادة سنوية على المعاش، تواكب معدل التضخم السنوي، تغطي ما يطرأ من زيادة على أسعار السلع والخدمات، مع ضرورة وجود برنامج خصومات خاص بالمتقاعدين، أسوة بالدول الغربية، يشمل مختلف الخدمات بما فيها السلع والنقل والتأمين الصحي.

عيسى النصر: قاعدة بيانات تشمل المهارات والتخصصات والرغبات

دعا السيد عيسى النصر إلى إيجاد كيان مستقل مثل جمعية او رابطة لديها قاعدة بيانات قائمة بالمتقاعدين تصنف فيها خبراتهم وتخصصاتهم ومهاراتهم ورغباتهم والمجالات يمكن ان يستأنفوا خدماتهم فيها، أسوة بالعديد من الدول الأجنبية، سواء في مجال التدريب او الاستشارات او غيرهما من المجالات.
وأشار إلى أن المتقاعدين العسكريين على سبيل المثال هم خير من يضبط النظام في المدارس او في المجمعات او في المستشفيات او ما شابه ذلك، مشيرا إلى أن هيئات التقاعد في بعض الدول المجاورة توجد بصفحاتها الإلكترونية الرئيسية «ايقونات» بمسميات مختلفة وانه من الممكن ان يتم وضع «ايقونة» مماثلة على الصفحة الالكترونية الخاصة بهيئة التقاعد بحيث يمكن لأي متقاعد لديه الرغبة في العمل ان يقوم بتحميل سيرته الذاتية عليها، وأوضح ان المتقاعد القطري لديه الخبرة في مجالات عديدة سواء في المجالات الطبية او الهندسية او المحاماة او غيرها من المجالات بعد هذه المسيرة الطويلة، مشددا على ضرورة تقطير هذه الوظائف.
كما نوه بضرورة الاستفادة من المتقاعدين القطريين في الشركات المساهمة، مشيرا الى ان هناك الكثير من تلك الشركات، الموظفون العاملون بها غير قطريين ودعا إلى ضرورة إعداد دراسة متكاملة بالقضية وان يتم إعداد قاعدة بيانات بأسماء وأعداد الراغبين في العمل.

جاسم فخرو: أدعو المتقاعدين للانضمام إلينا

يمثل «بيت الحكمة» betelhekma.com مبادرة وطنية لتوظيف خبرات وكفاءات المتقاعدين الذين تمرسوا في الأعمال والوظائف بما يخدم الوطن ويرفد مسيرة التنمية الوطنية. 
وفي هذا السياق، يقول السيد جاسم فخرو الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب إن فكرة بيت الحكمة انبثقت من منتدى الأعمال والاستثمار حيث برزت الحاجة الماسة لاستثمار الثروة الوطنية من الكفاءات وحملة الشهادات العليا والخبرات العريقة في مختلف التخصصات.
 أضاف فخرو: إن الخبرات الوطنية من المتقاعدين وأصحاب الكفاءات تستطيع أن تساهم في مسيرة التنمية الوطنية وتقديم البديل الأفضل كونهم من رحم المجتمع.
 وتعمل بيت الحكمة في أربعة مجالات وتخصصات هي: الدراسات والأبحاث وتشمل دراسات الجدوى للمشاريع والأعمال ودراسات لتحسين بيئة العمل ودراسات للأسواق ودراسات متخصصة. الاستشارات وتشمل: الاستشارات المالية والإدارية والتقنية والصناعية والتعليمية واستشارات إعادة الهيكلة وتطوير منظومة الجودة. الندوات والمؤتمرات وتشمل تنظيم المؤتمرات الدولية والإقليمية والندوات المتخصصة. التدريب ويشمل تدريب الخبراء المنتسبين لبيت الحكمة وتدريب موظفي الإدارات الخدمية على التعامل مع الجمهور وتدريب المديرين على التعامل مع الملفات وفقا للأولويات.
ووجه فخرو الدعوة لجميع الكفاءات والخبرات من المتقاعدين القطريين للانضمام إلى بيت الحكمة واعتمادهم كخبراء في الشركة حيث يتم توفير فرص العمل وفقا للعقود التي تبرمها الشركة مع القطاعين العام والخاص.
وأعرب فخرو عن تطلع بيت الحكمة لتفاعل الوزارات والمؤسسات ودعم جهودها لأداء دورها الوطني وقال: إن نجاحنا في استثمار الخبرات وتوفير الفرص المناسبة يرتبط بلا شك بتجاوب الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة وتعاونها مع بيت الحكمة في مجال عقود الاستشارات الإدارية والدراسات المتخصصة والدورات التدريبية.
الجدير ذكره أن بيت الحكمة أول مبادرة لاستثمار خبرات المتقاعدين في القطاعين العام والخاص.