باتت الصومال مرشحة وبقوة لأن تتصدر المشهد الإنساني العالمي لعام 2017، بسبب استمرار تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية للبلاد وبوادر أزمة جفاف تلوح في الأفق وسط نداءات دولية بضرورة إنقاذ 5 ملايين صومالي من مصير لا تتمناه معظم المؤسسات العاملة في مجالي الإغاثة والتمويل. ويشير أحدث تقارير (مكتب الأمم المتحدة - أوتشا) إلى أن أكثر من 60% من سكان الصومال يحتاجون إلى تدخل إنساني عاجل معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة ممن يعانون من سوء التغذية الحاد جراء الجفاف الشديد، وتدهور الخدمات الأساسية وزيادة حركة النزوح داخل البلاد.
ويرى التقرير الأممي أن تدهور الأوضاع الأمنية في اليمن ضاعف من آلام الصومال بسبب موجة الهجرة العكسية الطوعية للصوماليين إلى موطنهم الأصلي.. ويقدر عددهم بنحو 30 ألف مواطن ومثلهم تقريبًا عادوا طواعية من كينيا، يضاف إليهم آلاف النازحين الذين يطالبون بحقهم في مياه وطعام وصرف صحي ومرافق صحية لائقة في مناطق تعاني من نقص التمويل.
ويشير تقرير (أوتشا) الخاص بالاحتياجات الأساسية للصومال في عام 2017، إلى أن الأوضاع الإنسانية السيئة والمرشحة لمزيد من التدهور خلال العام الجديد أفرزت تحديات اجتماعية جمة منها على سبيل المثال الزواج القسري للقاصرات، وانتهاكات حقوق الإنسان والتمييز والعنف ضد المرأة بشتى ألوانه مثل الاغتصاب والاعتداء الجنسي.
وذكر التقرير أن الاحتياجات الإنسانية المتضاعفة لا تزال تقف حجر عثرة أمام تحقيق الاستقرار الكامل بالبلاد، إذ ما زالت المؤشرات الاجتماعية الأساسية للصومال من بين أدنى المعدلات في العالم ويحتاج 40% من سكانها البالغ نحو 12.3 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة.
ويحذر التقرير من الآثار الصحية والاجتماعية التي قد تترتب على الجفاف في الصومال وعلى رأسها زيادة خطر الإصابة بمرض الكوليرا - حيث بدأ الانتشار بالفعل في بعض المناطق - وكذلك تعرض ما يربو عن 35 ألف طفل للتسرب من التعليم نظرًا لاضطرار ذويهم إلى النزوح بحثا عن الكلأ والمياه.
ووفقا للبنك الدولي،فإن متوسط دخل الفرد في الصومال يبلغ حوالي 435 دولارا سنويًا مما يجعلها واحدة من أفقر دول العالم وتواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بإمكانية تنفيذ خطة الاستجابة العاجلة 2016- 2018.
وقد أطلقت الأمم المتحدة نداء إنسانيا في إطار خطة الاستجابة الخاصة بالوضع في الصومال حتى نهاية عام 2017 بهدف جمع تمويل دولي يقدر بحوالي 846 مليون دولار تخصص لتقديم مساعدات عاجلة لنحو 3.9 مليون شخص من خلال ثلاثة مسارات أساسية هي: توفير الحد الأدنى من السبل للبقاء على قيد الحياة، وتوفير الخدمات الأساسية لبناء القدرة على التكيف، وتعزيز حماية الفئات الضعيفة.
وفي أول رد فعل دولي حيال تفشي وباء الكوليرا في الصومال،فمن المنتظر أن يتم توفير مليون جرعة من اللقاح الفموي لأول مرة للمصابين داخل الصومال قبل نهاية يناير الجاري استجابة لطلب الحكومة الاتحادية في البلاد من الشركاء بالأمم المتحدة لوقف المرض، وإنقاذ الأطفال الذين يتعرضون له يوميا جراء تهالك شبكات المياه والصرف الصحي.
ويوجد نحو 3 ملايين طفل في سن الدراسة لم تتح لهم فرصة الالتحاق بمدارس نظامية، وتبلغ نسبة من انتظموا في التعليم الأساسي من أبناء المخيمات والقرى حوالي 17% فقط في ظل عجز في التمويل الحكومي لمراكز التعليم الموجودة خارج الكتل الحضرية بما يجعلها مهددة بالإغلاق.
وبشكل عام فإن 45% من سكان الصومال ليس لديهم إمدادات لمياه الشرب النظيفة، وأن 37% من السكان لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي.