تواصل العلاقات بين قطر والمملكة المتحدة ازدهارها، مدفوعة بتطورات ملحوظة في مجالات الدفاع والتجارة والاستثمارات الاستراتيجية. وخلال زيارة رسمية حديثة إلى المملكة المتحدة، أعلن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، عن خطط لشراء 12 طائرة إضافية من طراز يوروفايتر تايفون (Eurofighter Typhoon).
تأتي هذه الخطوة استكمالاً لطلبية سابقة تشمل 24 طائرة، مما يعزز القدرات الدفاعية القطرية ويدعم صناعة الطيران البريطانية. ووفقاً لتقرير لفايننشال تايمز، من المتوقع أن يسهم هذا الاتفاق في استمرار عمليات الإنتاج في منشأة شركة بي إيه إي سيستمز في وارتون، لانكشاير، والتي أوشكت على إتمام الطلبية السابقة للطائرات القطرية.
التبادل التجاري: توازن اقتصادي وشراكة قوية
ولا تقتصر الشراكة القطرية-البريطانية على التعاون الدفاعي فحسب، بل تظهر أيضاً في علاقات اقتصادية متينة تقوم على توازن واضح في التبادل التجاري بين البلدين. فقد بلغ حجم الصادرات القطرية إلى المملكة المتحدة في عام 2023 حوالي 1.68 مليار دولار أمريكي وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية، حيث تصدر الوقود والمعادن قائمة الصادرات بقيمة 1.29 مليار دولار.
أما على صعيد الواردات، فقد استوردت قطر ما قيمته 1.02 مليار دولار من المملكة المتحدة خلال العام نفسه. وشملت الواردات الرئيسية الآلات التقنية بقيمة 304.01 مليون دولار، والمركبات غير السكك الحديدية بقيمة 82.17 مليون دولار، والمعدات الكهربائية والإلكترونية بقيمة 69.49 مليون دولار.
ووفقًا لهذه الأرقام، حققت قطر فائضًا في الميزان التجاري بقيمة 660 مليون دولار، مما يبرز نجاحها الاقتصادي كمورد رئيسي للطاقة للمملكة المتحدة، في حين توفر الأخيرة تقنيات ومنتجات صناعية متقدمة.
الحضور الاقتصادي للشركات البريطانية في قطر
كما تتعمق الشراكة الاقتصادية بين البلدين من خلال العديد من المشاريع المشتركة وحضور الشركات البريطانية في السوق القطرية. حيث تُقدر عدد الشركات البريطانية والمكاتب التمثيلية العاملة في قطر بحوالي 1134 شركة، وفقاً للبيانات الحكومية البريطانية. وتشمل هذه الشركات 993 شركة برأس مال مشترك بين قطر والمملكة المتحدة، مما يعكس التعاون الوثيق بين الجانبين في العديد من القطاعات. بالإضافة إلى ذلك، هناك مكتبان تمثيليان لشركات بريطانية، إلى جانب 104 شركات مملوكة بالكامل للجانب البريطاني، ما يبرز الثقة المتبادلة في بيئة الأعمال القطرية. كما سجلت 35 شركة بريطانية حضورها في مركز قطر للمال، مستفيدة من المزايا التنافسية التي يوفرها المركز للشركات الدولية.
الاستثمارات القطرية في المملكة المتحدة
في المقابل تُقدر استثمارات قطر في المملكة المتحدة بحوالي 40 مليار جنيه إسترليني، وتشمل قطاعات مثل الطاقة والبنوك والخدمات المالية والعقارات والطيران، ومن أبرز الاستثمارات القطرية ملكية حصص في كناري وارف (Canary Wharf) وبرج الشارد ومطار هيثرو . كما أعلنت قطر في مايو 2022 التزامها بضخ استثمارات تصل إلى 10 مليارات جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني، مع التركيز على التكنولوجيا والرعاية الصحية والبنية التحتية.
مسؤول حكومي بريطاني يشيد بالعلاقات الثنائية
وفي هذا الصدد فقد أشاد السيد جريج هاندز وزير الدولة البريطاني لسياسة التجارة في تصريح سابق بالعلاقات الاقتصادية الثانية بين قطر وبلاده ووصفها بأنها قوية وفريدة من نوعها ، بفضل الصداقة التاريخية بين البلدين والتكامل الاقتصادي فيما بينهما.
آفاق التعاون
ومع هذه الإنجازات والروابط المتينة التي تجمع بين قطر وبريطانيا في مجالات الدفاع والتجارة والاستثمار، تبرز آفاق التعاون المستقبلية كإحدى الركائز الأساسية لتعزيز هذه الشراكة الثنائية، حيث أنه بينما يسعى الطرفان إلى مواجهة التحديات العالمية المشتركة، مثل التحول إلى الطاقة المستدامة وتعزيز الأمن الغذائي، فإن فرص التعاون تظل مفتوحة لتحقيق المزيد من النمو والازدهار لكلا البلدين.