أصبح التنين الصيني هو أسوأ الكوابيس التي قد يعاني منها المستثمرون في أسواق المال العالمية، فقد باتت البيانات الاقتصادية الصينية بمثابة فيروس يفتك بالأسهم العالمية في كل مرة تخرج بيانات مخيبة للآمال، حيث لا يكاد يكتب أو يتناقش الاقتصاديون في الآونة الأخيرة بدون ذكر الصين من قريب أو من بعيد.
وبالطبع مكانة الصين الاقتصادية في العالم، تفرض هذا الوضع فهي صاحبة الناتج المحلي الذي يبلغ نحو 10,3 تريليونات دولار 11% من الناتج الإجمالي العالمي، ويتوقع أن يصعد إلى 40% من ناتج العالم بحلول 2040، كما تمثل على مستوى التجارة العالمية حوالي 10% من حركة التجارة وأكبر مستورد للسلع الأساسية نفط وغاز ومعادن ، والأولى عالميا فيما يخص الاستثمارات الأجنبية، كل هذه الأسباب تدل لماذا بيانات الصين حساسة بالنسبة للأسواق العالمية والاقتصاد العالمي بوجه عام.
وبعد أن أعلنت الصين عن خفض توقعاتها للنمو الاقتصادي للعام الحالي وقدرت عجز الميزانية بأقل من التوقعات، تزايدت الشكوك بالأسواق حول حقيقة الأرقام التي تكشف عنها الصين، والتي يرى محللون أنها قد تكون أكثر قتامة مما هو معلن ما يشكل صداعا جديدا للاقتصاد العالمي الهش.
وكشف رئيس الوزراء الصيني لي كبيانج مطلع هذا الأسبوع عن أن حكومته تستهدف نموا ما بين 6.5 و7% لعام 2016 مع عجز في الميزانية عند 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالرغم من أن العجز يظل عند السقف المقبول دوليا في الاقتصادات الكبيرة، إلا أنه أكبر بكثير من أي عجز شهدته الميزانية الصينية في ثلاثة عقود.
وتنتظر الأسواق العالمية والآسيوية بشكل خاص بداية تداولات هذا الأسبوع، حيث يتوقع أن تؤثر هذه البيانات على التعاملات بشكل قوي، في الوقت الذي يقدر المراقبون والمحللون الاقتصاديون أن الأرقام الصينية الرسمية ليست دوما دقيقة، وفيما يتعلق بالعجز يشيرون إلى أنه قد يكون أكبر من ذلك، حيث إن هناك مشروعات كثيرة يتم تمويلها من قنوات خارج الميزانية الرسمية.
وبعد بيانات، السبت، التي كانت مخيبة بشكل كبير عمل المسؤولون الصينيون على محاولة طمأنة الأسواق في وقت يتوقع أن تصدم الأسهم العالمية بهذه البيانات وخاصة بعد أن أصدرت وكالة موديز العالمية قرارا بتخفيض تصنيف الصين الائتماني من مستقر إلى سلبي، حيث خرج يي قانج نائب محافظ البنك المركزي الصيني، أمس الأحد، قائلا إن بلاده ستبقي على اليوان مستقرا بشكل أساسي مقابل سلة عملات وإنه لا أساس لاستمرار خفض قيمة العملة، هذا التصريح قد يضيف بعضا من الثقة التي تزعزعت بعد آخر خفض للعملة الصينية بعد انتهاء اجتماعات مجموعة العشرين .
أضاف المسؤول أن الصين ستحافظ على احتياطيات النقد الأجنبي عند مستويات ملائمة.
مسؤول آخر خرج أمس ليقول إن اقتصاد البلاد لا يتجه صوب تباطؤ حاد وإنه لا يثقل كاهل الاقتصاد العالمي الذي يهدد بدوره النمو الصيني بسبب الضبابية وعدم الاستقرار.
وقال شو شاو شي -مدير اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح من المؤكد أن الصين لن تشهد تباطؤا حادا.. توقعات التباطؤ الحاد هذه لن تسفر عن شيء، ويبقى السؤال هل تسهم هذه التصريحات في دفع الأسواق نحو الاستقرار؟.. هذا ما ستجيب عنه تداولات هذا الأسبوع .