أكد السيد معتز موسى رئيس مجلس الوزراء السوداني وزير المالية والتخطيط الاقتصادي أنه جار حاليا تنفيذ اجراءات حاسمة لتجاوز الأزمة الاقتصادية العابرة التي تمر بها البلاد، وسد كافة الفجوات التي نجمت عنها أزمات شح السيولة والوقود والنقود خلال الفترة الماضية، عبر اعتماد سياسات ناجعة ترفع المعاناة عن المواطنين، وتوفر الاستجابة اللازمة لكافة المطلوبات ومعالجة الاختلالات بصورة مستدامة.
وكشف موسى، في تصريحات بثتها وسائل إعلام سودانية أمس، أنه اعتبارا من بداية شهر يناير الجاري سيشهد الوضع استقرارا واضح المعالم باعتماد برامج الميزانية الجديدة، مشيرا إلى أن الاقتصاد قادر على مواجهة العقبات الراهنة بفضل ما يمتلكه من ثروات تتكاثف الجهود لاستغلالها بالصورة المثلى التي بامكانها تحقيق الاستقرار المنشود.
في ذات الوقت تواصلت الاحتجاجات في بعض المدن السودانية وفي مقدمتها مدن العاصمة الخرطوم امس الجمعة، ويرى خبراء أن الاحتجاجات الدامية التي اندلعت في أنحاء السودان في الأسابيع الأخيرة تشكل أكبر تهديد يواجه الرئيس عمر البشير الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد منذ توليه السلطة في انقلاب في 1989.
وقدّرت منظمة العفو الدولية عدد ضحايا الاحتجاجات بـ 37 قتيلا، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى فتح تحقيق في مقتل المتظاهرين.
اريك ريفز من جامعة هارفرد والمتابع للسياسة والاقتصاد في السودان منذ عشرين عاما قال هذه التظاهرات والغضب الذي أدى إليها هي أقوى من أي تظاهرات أخرى شهدناها في السنوات الأخيرة .
ويقوم عناصر الجهاز بشكل متكرر باعتقال قادة المعارضة والنشطاء والصحافيين الذين يعبرون عن آراء مناهضة للنظام.
تولى البشير السلطة في ذروة حرب أهلية بين الشمال والجنوب لم تنته سوى في العام 2005. وانفصل جنوب السودان الغني بالنفط في 2011 ليصبح أحدث دولة في العالم.
كما قتل مئات الآلاف وشرد الملايين في نزاعات منفصلة بين القوات السودانية ومتمردين في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
يقول محللون أن هذه النزاعات والفشل في تعزيز قطاع الزراعة في البلد الذي كان يُعرف بأنه منتج كبير للقمح، قد أضرا كثيرا بالاقتصاد السوداني، رغم رفع واشنطن العقوبات المفروضة على البلاد في 2017.
وأدى انفصال الجنوب الذي يمتلك ثلاثة أرباع مخزونات النفط السوداني، إلى نقص حاد في العملات الأجنبية في الخرطوم.
وارتفعت نسبة التضخم إلى 70 % بينما عانت العاصمة وغيرها من المدن من نقص الخبز والوقود.
وقال ريفز الاقتصاد في حالة انهيار منذ نحو عقد لكن النظام يحافظ على السلطة فقط من خلال ميزانيات وطنية مخصصة بشكل كبير لنفقات الجيش وأجهزة الأمن . واضاف أعتقد أن الغضب الذي نشهده لن يتلاشى .
وبدأت الاحتجاجات في البلدات والمدن البعيدة التي تركت تعاني من نقص حاد في القمح والطحين بعد توجيه تلك الإمدادات إلى الخرطوم. لكن رغم محاولات تخزين هذه السلع في العاصمة، امتدت الاحتجاجات إليها.
قال خالد التجاني رئيس تحرير صحيفة إيلاف الاقتصادية الأسبوعية إن الحكومة والحزب الحاكم فوجئوا عندما اندلعت الاحتجاجات خارج الخرطوم . وأضاف أن ذلك كشف لحزب المؤتمر القومي الحاكم حجم عزلته .
رأى التجاني أن هذه الاحتجاجات تشكل أكبر تحد يواجهه البشير.
وأضاف كان الرئيس البشير على وشك الحصول على تعديلات دستورية تتيح له الترشح للرئاسة مرة أخرى في 2020، ولكن أصبح عليه الآن إعادة النظر في الأمر .
ومع أنه من غير المرجح أن يجري تغيير في النظام في المستقبل القريب، رأى دبلوماسي أوروبي إن البشير سيكون الآن تحت ضغط دائم.
وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن العامل الحاسم سيكون موقف أجهزة الأمن وخصوصا الجيش . وأضاف إذا استمر القمع بهذه القسوة، فلن يسمح الجيش بذلك، وهذا هو السبب في أن حركة الاحتجاجات الحالية خطيرة .