فايننشيال تايمز
ما يصل إلى حوالي 51 في المائة من الألمان يستثمرون أموالهم في منتجات الادخار، و14.6 مليون مدخر لديهم ودائع محددة المدة. بيد أنه نظرا لأسعار الفائدة المنخفضة للغاية، يشعر هؤلاء بالقلق بشكل متزايد، بل إن المتقاعدين المُحافظين يبحثون عن بدائل. يقول كريستيان تيسين، المؤسس المشارك لشركة سافيدو: هذه فرصة كبيرة بالنسبة لنا ، إذ إن هذه الشركة تعد رمزا لثورة التكنولوجيا المالية في ألمانيا، فهي واحدة من مجموعة شركات نشأت في برلين وهامبورج وميونيخ تستخدم التكنولوجيا لإعادة تشكيل الخدمات المالية. وبعضها تجذب الاهتمام من المستثمرين الدوليين الذين كانوا، على مدى أعوام، يركّزون بشكل حصري على لندن، العاصمة الأوروبية للمالية الرقمية.
على أنه في الربع الثاني من هذا العام، وكما ذكرت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية، تلقى قطاع التكنولوجيا المالية في ألمانيا تمويلا من رأس المال المغامر أكثر مما تلقى هذا القطاع في المملكة المتحدة، وذلك وفقًا لشركة كيه بي أم جي وسي بي إنسايتس ، وهو التمويل الذي بلغ 186 مليون دولار تدفقت إلى الداخل، أي بنسبة 74 في المائة أكثر مما كانت في الأشهر الثلاثة السابقة وأكثر بكثير من مبلغ ال102 مليون دولار الذي دخل المملكة المتحدة في تلك الفترة.
وتتولى الشركات الناشئة الألمانية تشغيل سلسلة من مواضيع التكنولوجيا المالية، والتي تتراوح من مدفوعات الهاتف الخلوي إلى المستشارين الإلكترونيين، ومن إقراض النظير للنظير إلى الاستثمار الجماعي. والقاسم المشترك بين العديد من هذه الشركات هو الموهبة لديها لاستغلال إحباط المدخرين الألمان من العوائد البائسة التي تقدمها منتجات الادخار التقليدية في واحدة من أكبر الأسواق المصرفية في أوروبا. ويقول ستيفين هارتينج، مؤسس زينسباوشتاين ، وهي منصة رقمية للاستثمارات العقارية: الأمر أشبه بالجنون الآن، فالجميع يائسون ويسعون للخروج من فخ أسعار الفائدة المنخفضة. الناس منفتحون على نحو متزايد للبدائل .
بيد أن السؤال هو: كيف تقنع المدخرين المحافظين تقليديا والذين يخشون من أن يعهدوا بنقودهم للجيل الجديد من الأطفال النابغين الرقميين؟ ويقول رامين نيروماند، الشريك في فينليب ، وهي شركة إنشاء شركات التكنولوجيا المالية الرائدة في برلين، حيث انطلقت كل من سافيدو وزينسباوشتاين: أنت بحاجة إلى بناء الثقة وليس هناك طريقة أفضل للقيام بذلك إلامن خلال الشفافية. والإنترنت وجدت من أجل ذلك. كما أن الميزة الكبيرة لشركات مثل هذه هي أن العميل يعرف بالضبط ما هي العوائد التي سيحصل عليها .
ومع ذلك، فإن الثقة تعد سلعة هشة في قطاع جديد كهذا، ويمكن تقويضها بسهولة. ففي شهر يونيو، الماضي، ما لا يقل عن 400 عميل في بنك N26، وهو أحد المصارف على الإنترنت، أغلقوا حساباتهم دون تحذير بعد أن قاموا بعمليات سحب متكررة بشكل غير عادي من أجهزة الصراف الآلي، التي يتحمل المصرف رسوما مقابلها. وكان هذا الحادث كارثة علاقات عامة بالنسبة لبنك N26، لاسيَّما وأن المؤسسات المصرفية التقليدية يمكنها بالكاد إخفاء شماتتها.
إلى ذلك، يقول جورج فاهرنشون، رئيس جمعية بنوك الادخار الألمانية، إن المسألة تظهر كيف أن تطوير حلول مبتكرة على الإنترنت ل5000 شخص لديهم اهتمام خاص هو مجرد أمر واحد، وتوفير خدمات مصرفية مناسبة على المدى الطويل لخمسين مليون عميل هو أمر آخر . بيد أن شركات مثل سافيدو لا تدعي تقديم خدمات مصرفية كاملة، فهي أشبه بالوسيط المالي أكثر مما هي بنك تقليدي، من خلال مطابقة الزبائن مع البنوك في البلدان المحيطة. هناك خدمة مماثلة تقدمها الشركة الناشئة رايزين ، التي استثمر زبائنها الخمسة والأربعون ألفا نحو مليار يورو في 19 مصرفا أجنبيا من خلال موقع الشركة الإلكتروني.