محللون: مشاركة قطر في القمة الخليجية الـ46 تعكس التزامها الثابت بدعم مسيرة مجلس التعاون

alarab
محليات 03 ديسمبر 2025 , 07:03م
قنا

أكد محللون أن انعقاد القمة الخليجية السادسة والأربعين بمملكة البحرين يأتي في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، حيث تشهد منطقة الشرق الأوسط تصاعدا للأحداث والتطورات السياسية والأمنية، وفي ظل تحولات عالمية تعيد تشكيل موازين القوى والتحالفات.

وشددوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، على أن مشاركة دولة قطر في أعمال هذه القمة، تعكس التزامها الثابت بدعم مسيرة مجلس التعاون، وتعزيز التعاون الإقليمي لتحقيق الاستقرار والازدهار المشترك بين الدول الأعضاء.

وفي هذا الإطار، قال الدكتور سلطان بركات أستاذ السياسات العامة في جامعة حمد بن خليفة، "إن مشاركة دولة قطر، في القمة الخليجية السادسة والأربعين في مملكة البحرين ليست مجرد حضور بروتوكولي، بل رسالة واضحة مفادها أن قطر ملتزمة بتقوية البيت الخليجي وتعزيز تماسكه وترسيخ مفهوم الشراكة والمسؤولية المشتركة، مشددا على ما تعكسه هذه المشاركة السامية من ثوابت في السياسة القطرية القائمة على الدعم الراسخ لمسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية باعتباره الإطار الجامع لدول الخليج وشعوبها، والركيزة الأساسية لاستقرار المنطقة السياسي والاقتصادي والأمني، والإيمان بأهمية التشاور المباشر بين القادة، خصوصا في ظل التطورات المتسارعة إقليميا ودوليا.

ونبه بأن هذه القمة، تأتي في ظل تهديدات إقليمية متصاعدة وغير مسبوقة، بما في ذلك استمرار محاولة الإبادة والتهجير في غزة والتوترات بين الكيان الإسرائيلي وإيران وما سبق ذلك من حرب بينهما، محذرا من بدء مساس هذه التهديدات أمن واستقرار دول الخليج والمنطقة بصورة مباشرة وغير مباشرة.

ورأى أنه نتيجة ذلك فقد ازداد بوضوح أهمية التضامن والعمل الخليجي المشترك، لافتا إلى أن دول مجلس التعاون أظهرت وأكدت بوضوح أن أي تهديد لأمن إحداها يعد تهديدا لأمن الجميع، وهو ما عزز من مكانة مجلس التعاون كمنظومة دفاعية وسياسية موحدة، منوها بأن وحدة المصير والأمن المشترك لدول الخليج تجلت بالتضامن الخليجي الرسمي والشعبي بعد الهجوم الإسرائيلي الغاشم على الدوحة في التاسع من سبتمبر الماضي، والذي أثبت أنه لا دولة خليجية بمنأى عن التداعيات الأمنية للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، حتى لو كانت وسيطا.

وقال الدكتور بركات لـ"قنا" "إن ردود الفعل الخليجية حيال العدوان الإسرائيلي على قطر أظهرت بلا شك قوة التضامن الخليجي، وأعادت التأكيد على أن أي تهديد لدولة عضو في المجلس يعني تهديدا للجميع".

من جانبه، أكد المحلل السياسي الدكتور خالد وليد محمود، أن هذه القمة الخليجية تأتي في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، إذ يشهد الشرق الأوسط تصاعدا للأحداث والتطورات السياسية والأمنية الممتدة من قطاع غزة إلى الخليج، في ظل تحولات عالمية تعيد تشكيل موازين القوى والتحالفات، وتلقي بظلالها على أمن الطاقة واستقرار الاقتصاد العالمي.

وبين أن انعقاد القمة يكتسب أهمية استثنائية، فهي ليست اجتماعا دوريا بقدر ما هي محطة استراتيجية لإعادة ترتيب الأولويات الخليجية، وتأكيد قدرة دول مجلس التعاون على التحرك كمنظومة موحدة، تمتلك رؤية مشتركة في التعامل مع التحديات، لافتا إلى ما يحمله انعقادها في الوقت الراهن من رسالة واضحة مفادها بأن دول الخليج لا تزال قادرة على صياغة مواقف متماسكة، واستشراف المتغيرات، وإدارة الأزمات بروح جماعية تحفظ أمن المنطقة واستقرارها.

وأوضح أن جدول أعمال القمة يضم مجموعة من الملفات الحيوية التي تمس جوهر الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، وفي مقدمتها الوضع في غزة بتطوراته الإنسانية والسياسية، وضرورة دعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، واستعادة المسار السياسي، بجانب القضايا المرتبطة بالأمن الإقليمي، لاسيما ما يتعلق بالحفاظ على استقرار الخليج وحماية تدفقات الطاقة والطرق التجارية في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها المشهد الدولي.

وفي الجانب الاقتصادي، بين الدكتور محمود لـ"قنا" أن القمة ستبحث مستقبل أسواق الطاقة، وسياسات التنويع الاقتصادي، وفرص رفع كفاءة الاقتصادات الخليجية لمواجهة التقلبات العالمية، بجانب ملفات بارزة مطروحة أخرى تتعلق بمشاريع التكامل الخليجي مثل، استكمال السوق المشتركة، والاتحاد الجمركي، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، وتطوير البنية التحتية الرقمية، والتي تشكل رافعة أساسية لتعزيز المناعة الاقتصادية، وزيادة القدرة التنافسية لدول مجلس التعاون.

وقال "إن أهمية القمة لا تقتصر على معالجة القضايا الراهنة، بل تتجاوز ذلك إلى تعزيز العمل الخليجي والعربي المشترك، في لحظة تتطلب أعلى درجات التنسيق"، لافتا إلى أن القمة تتيح فرصا لتوحيد المواقف السياسية تجاه الأزمات الإقليمية، وكذلك منح الجهود الدبلوماسية الخليجية مزيدا من القوة والزخم، وتسهم في تعزيز التعاون الأمني لحماية استقرار المنطقة، وتطوير أدوات الاستجابة للتحديات العابرة للحدود مثل الأمن السيبراني وأمن الطاقة.

وأوضح الدكتور محمود أن القمة تسهم في دفع مشاريع التكامل وتحسين بيئة الاستثمار واستشراف فرص النمو المشترك، بما يرسخ نموذجا تنمويا مستداما وقادرا على مواجهة الأزمات، فضلا عن مساهمتها في تعزيز دور دول الخليج في دعم القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وإسناد الجهود الرامية إلى تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.

كما نوه بأن القمة الخليجية السادسة والأربعين تمثل محطة مفصلية لإعادة ضبط بوصلة العمل الخليجي، وترسيخ منظومة إقليمية أكثر تماسكا وقدرة على حماية المصالح المشتركة، وصناعة مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا لشعوب المنطقة.

من جهته، أكد الدكتور عبد الرحمن الشامي، أستاذ الإعلام بجامعة قطر لـ"قنا"، أن دولة قطر مشهود لها على المستوى العربي والدولي مساندتها لكل الجهود الرامية إلى تعزيز التضامن والتكامل على كافة المستويات العربية والدولية، بما يعزز الأمن، ويشيع التفاهم، ويساعد في تحقيق السلم العربي والدولي، قائلا في هذا السياق: "إن ما يشهد لها بذلك جهود الوساطة التي تنشط فيها على كافة المستويات"، فما بالنا إذا تعلق الأمر بمنظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تمثل الحاضنة الطبيعية للبلدان التي تنضوي تحت مظلة هذه المنظومة".
وشدد على أن قطر دولة فاعلة في تعزيز اللحمة الخليجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتولي ذلك اهتماما خاصا، وتبذل جهودها العديدة على هذا الصعيد، لافتا إلى أن من ذلك استضافتها للقاءات واجتماعات خليجية على كافة المستويات الرسمية والشعبية، فضلا عن القمم الخليجية الدورية أو الاستثنائية.
ولفت إلى إدراك دولة قطر للتحديات التي تواجهها المنطقة، وأنه لا مجال لمواجهتها إلا من خلال العمل المشترك على كافة المستويات، وأنه من هذا المنطلق يأتي اهتمامها بالعمل على صعيد منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مبينا أن ذلك يتمثل من خلال تقديم المبادرات العديدة، وتوحيد الجهود المختلفة، وتنسيق التوجهات الرامية لمواجهة هذه التحديات.
واعتبر مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أنجح المنظمات على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أثبت وجوده رغم الأزمات العديدة التي مرت بها المنطقة، واستطاع الصمود والنجاح أمام كثير من التحديات التي تواجه مسيرة أي عمل خليجي وحتى عربي، مرجعا ذلك إلى عمق الروابط التي تجمع بين الدول المنضوية تحت مظلته.
كما أشار إلى أن هناك أواصر اجتماعية وثقافية ومصالح مشتركة تجمع بين مواطني دول مجلس التعاون، وأن هذه العوامل وغيرها مجتمعة تمثل السياج الذي مكن هذا المجلس من الاستمرار في مواجهة التحديات، لكنه رأى أن الرافعة الحقيقية لهذا المجلس، والقاطرة الدافعة لعمله هو القيادة الحكيمة التي تقف وراءه، ورؤيتها الثاقبة لأهمية وجوده، واستمرار عمله رغم كل التحديات والصعوبات التي تواجه أي عمل مشترك.
ويجمع هؤلاء المحللون على أن مشاركة دولة قطر في دورات المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية "القمم الخليجية" تؤكد حرص الدولة قيادة وشعبا على تعزيز وتفعيل العمل الخليجي المشترك، ودعم مسيرة المجلس منذ تأسيسه عام 1981، لتحقيق تطلعات الشعوب الخليجية في الاستقرار والتنمية والازدهار، والأمن والسلام في المنطقة عموما، وهو ما يعد ترجمة حقيقية قولا وفعلا لمواقف قطر الداعمة دوما لأشقائها في دول مجلس التعاون وأمتها العربية، التي أكد عليها دستورها الدائم ومبادئ سياستها الخارجية ورؤيتها الوطنية، وبالأخص في هذا التوقيت الذي يشهد فيه العالم تكتلات وحالات استقطاب حادة، وحروبا وصراعات ومتغيرات عديدة ومتسارعة، وما يترتب عليها من تداعيات إقليمية ودولية بالغة الدقة والحساسية.