زينة عريضة مديرة المتحف العربي للفن الحديث في حوار لـ «العرب»: مشروع رقمي ضخم لإتاحة المجموعة الفنية عبر الإنترنت

alarab
المزيد 03 سبتمبر 2025 , 01:25ص
محمد عابد

إطلاق منصة «متحف إنسيكلوبيديا» كمرجع موثق للفنانين العرب.. قريباً
الفن القطري حاضر في المجموعة المتحفية والمعارض بشكل دائم 
عودة الاعتبار للفنان العربي في زمن الإقصاء 
«متحف» يحتفي بـ 15 عاماً من صناعة الذاكرة العربية 
من المقاومة إلى الجمال: الفن الفلسطيني في قلب المتحف

 

كشفت السيدة  زينة عريضة مديرة «متحف» المتحف العربي للفن الحديث أن المتحف يعمل على مشروع رقمي ضخم بالتعاون مع متاحف قطر، يتضمن إتاحة المجموعة الفنية عبر الإنترنت، وكذلك إطلاق منصة «متحف إنسيكلوبيديا» كمرجع موثق للفنانين العرب.
وقالت في حوار خاص لـ «العرب» بمناسبة مرور 15 عاما على تأسيس المتحف والذي افتتح في أكتوبر 2010، إن المتحف يسعى لكتابة تاريخ الفن العربي وإيصاله إلى العالم، منوهة بأنه سوف يتم الاحتفاء بمرور 15 عاما على التأسيس، كما سيتم تطوير المتحف على كافة المستويات. وقالت إن المتحف بعد مرور 15 عامًا على تأسيسه يقف شامخا ليس فقط لتاريخه الزاخر بالمبادرات والمعارض والبرامج، بل في الدور الحيوي الذي ساهم فيه عبر التأريخ لحركة الفن في العالم العربي عالميا.
وأكدت أن «متحف» يطمح إلى تعزيز دوره في دعم الفنانين العرب وتوثيق مسارات الفن العربي الحديث والمعاصر، في ظل التحديات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تمر بها المنطقة وأن هناك معرضا خاصا لفنانين منعت أعمالهم من العرض عالميا أو عربيا لأسباب سياسية. كما توقفت السيدة  زينة عريضة في هذا الحوار عند احتفالية مرور 15 عامًا على التأسيس وتسرد خريطة الفعاليات والمشروعات المقبلة التي تعكس التزام المؤسسة تجاه الثقافة العربية المعاصرة.. فإلى التفاصيل: 

◆ بمناسبة مرور 15 عامًا على تأسيس المتحف العربي للفن الحديث.. ما أبرز التوجهات والقضايا التي ستركزون عليها في العام الجديد؟
¶ هذا سؤال في محله تمامًا، لأنه يدفعنا للتفكير بما أنجزناه خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وبما نطمح إلى تقديمه مستقبلًا.. فحين تأسس المتحف، كان هناك سبب وضرورة حقيقية لوجوده: أن يكون حاضنًا لأهم مجموعة من الفن العربي الحديث والمعاصر في العالم وقد تطورت المجموعة خلال هذه السنوات وقد لعب المتحف دورا مهما في دعم الفنانين المعاصرين، وهو ما يحتم علينا المزيد من الدعم للفنانين الذين يعانون في العالم العربي، وأن يكون الدعم ليس من خلال المعارض فقط بل عبر الإنتاج الفني وتطوير مشروع للإقامة الفنية، الذي سيتيح للفنانين العرب استوديوهات داخل المتحف لإنتاج أعمالهم، حيث نريد الانتقال من كوننا مساحة عرض، إلى ورشة إبداع حي. عبر الاستفادة من المباني الموجودة حاليا والتي تستخدم في تخزين المجموعات الفنية.

◆ ما أبرز التحديات التي تواجهونها أثناء إعداد المعارض؟ وكيف تتغلبون عليها؟
¶ طبيعة التحديات هي التي تواجهنا في العمل اليومي فأحيانًا نواجه مشاكل تتعلق بالوقت أو الموارد، كما أن ترميم بعض الأعمال يتطلب جهدًا ووقتًا فعلى الرغم من وجود فريق عمل فعال يهتم بالترميم والحفاظ على الأعمال الأصلية، ولكن أحيانا لا يسعفنا الوقت الكافي لذلك مع معارض معينة. 

◆ حدثينا أكثر عن دوركم في الحفاظ على الكنوز الموجودة بـ «متحف» 
¶ لدينا مسؤولية كبيرة تجاه الحفاظ على «كنوز» المجموعة، خاصة وأن المتحف انطلق أساسًا من مجموعة الشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني التي جمعت خلال ثلاثين عامًا تقريبا. فهذا الهدف مهم للمتحف وهو ما يجعلنا لا نكتفي بالعرض فقط، بل يساهم في كتابة تاريخ الفن العربي، ونوصله للعالم، كما يضع أسماء الفنانين العرب على خريطة العالم ومن هنا نساعد كثير من المتاحف حول العالم في عرض مجموعاتنا المتميزة.
هذا العام نطلق مشروعًا رقميًا ضخمًا مع متاحف قطر، يتضمن إتاحة المجموعة الفنية عبر الإنترنت، وإطلاق منصة في آخر العام باسم “متحف إنسيكلوبيديا”، كمرجع موثق للفنانين العرب..

◆ كيف تسعون لتحقيق التكامل بين المعارض المختلفة من حيث الموضوعات والأسلوب والفنانين؟
¶ أشعر أن الأهم من كثرة المعارض هو النوعية والتنوع ولذلك نحرص على ألا تكون المعارض جزرًا منفصلة، بل تنفتح على بعضها وعلى الجمهور، حيث نرغب باستمرار في زيادة الجمهور وتنوعه وبالتالي لابد من التنوع في المعارض ولذا هناك بعض المعارض فردية، وبعضها تجريبية أو تاريخية، وهذا التنويع مقصود لإبقاء المتحف حيًا ومفتوحًا لكل شرائح الجمهور.

◆ إلى أي مدى نجح المتحف في الوصول إلى الجمهور المحلي؟
¶ النجاح جيد، لكن الطموح أكبر. الجمهور القطري أصبح أكثر تفاعلًا واعتزازًا بما يقدمه المتحف، ولذا نحرص على التواصل مع الجمهور عبر مختلف الوسائل والوسائط الإعلامية وعبر منصاتنا الرقمية، ومع التطور الذي تشهده الدولة حاليا أصبح هناك جماهير تأتي خصيصا لزيارة المتاحف ولذلك أعتقد أن الجمهور القطري فخور بما تحققه متاحف قطر، فضلا عن عرض أعمال الفنانين القطريين.

◆ هذا يدعونا للتساؤل عن الاهتمام بتمثيل الفنانين القطريين في مجموعات متحف وكذلك المعارض الفنية؟ 
¶ نهتم بتمثيل الفنانين القطريين بشكل دائم، مؤخرا قدمنا معرضًا للفنانة الراحلة وفاء الحمد في ثلاث قاعات وتعتبر من أهم الفنانات القطريات، وهو أول معرض فردي لها رغم تأثيرها الكبير.

◆ وما حصة الفن القطري والفنانين القطريين في مجموعة المتحف؟
¶ المجموعة بدأت أصلًا بالفن القطري، وأعمال جاسم زيني، وفرج دهام، ويوسف أحمد، وعلي حسن، حسن الملا وغيرهم حاضرة بقوة، حيث بدأ الشيخ حسن بجمع مقتنياته من أعمال الفنانين القطريين، ونستمر في دعمه رغم محدودية عدد المعارض سنويًا، وخصصنا مساحة للمعارض الصغيرة للفنانين الشباب القطريين كحل بديل لمواجهة قلة المعارض الكبرى خلال الموسم.

◆ هل تسعون لأن يكون المتحف مساحة اجتماعية أيضًا؟
¶ بكل تأكيد.. نريد أن يكون المتحف مكانًا للتفكير، والتفاعل، والتلاقي ليس فقط لمشاهدة أعمال فنية، بل للقاء الفنانين والنقاش مع المجتمع، نسعى أن يدخل المتحف في روتين الحياة اليومية للناس وأن يكون معاصرا لكل شيء.

◆ هل بدأتم تنفيذ فعاليات الذكرى الخامسة عشرة؟
¶ نعم، بدأنا بالفعل بثلاثة معارض كبرى هي معرض “أطيافنا/‏‏أطيافكم” بالتعاون مع مؤسسة الدوحة للأفلام، والتي تحتفل أيضا بمرور خمسة عشر عاما على تأسيسها، وكذلك معرض وفاء الحمد، ومعرض أنتي من روحي قريبة.
أما في خريف هذا العام فسوف نعيد تنظيم أول معرض قدمه «متحف» عند الافتتاح، وضم حينئذ أعمالا لـ 23 فنانا عربيا.
◆ ما المشاريع القادمة ضمن احتفال الـ 15 سنة؟ 
¶ نعمل على معرض جماعي لـ 15 فنانًا عربيا تعرّضوا للإقصاء لأسباب سياسية، مثل الفنانة الفلسطينية سامية حلبي، فبسبب منشوراتها وهي الفنانة الرائدة والتي تبلغ حوالي 80 عاما، على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالحرب بين إسرائيل وغزة تم إلغاء أول «معرض استعادي» أمريكي لسامية حلبي العام الماضي في جامعة إنديانا. وهذا المعرض نرى أن من واجبنا منحهم منصة، ودعم أعمالهم التي مُنعت أو لم تُعرض من قبل.
ولأن المتحف هو “بيت” الفنانين العرب نريدهم أن يشعروا بالأمان والدعم، وكأنهم في منزلهم. كما سنعيد عرض أعمال لفنانين شاركوا في المعرض الأول عام 2010، مثل خليل رباح، وليد رعد، جمانة منّاع، غريب طوقان، ايميلي جاسر، ياسمين عيد صباغ، وآخرين.

◆ هل من مشاريع موازية للمعرض؟
¶ سوف نعيد تنظيم معرض المجموعة الدائمة ليروي قصص الفنانين، والأعمال، والسياق السياسي. نعرض مثلًا أعمالًا شاركت في أول بينالي بالعراق عام 1957، أو أعمالًا أُنتجت خلال الأزمات كحرب الخليج الأولى.

◆ هل تشمل هذه الرؤية توثيقًا أرشيفيًا لتاريخ المتحف؟
¶ بالتأكيد، نحن نعمل على ذلك كجزء من رؤيتنا. نروي قصة تأسيس المتحف من مجموعة الشيخ حسن، ودوره في دعم الفنانين حتى في أحلك الأوقات. وكذلك إظهار دور كل من كان له دور في تاريخ المتحف.

◆ كيف يعبّر المتحف عن الفن الفلسطيني؟
¶ لدينا مجموعة غنية من أعمال الفنانين الفلسطينيين. لا نقدمه كاستثناء، بل كجزء أصيل من السردية الفنية العربية، وقد عرضنا مؤخرًا أعمالًا عديدة ضمن معرض خاص، والفن الفلسطيني حاضر دائمًا في رؤيتنا.

◆ هل هناك مشروعات فنية جديدة متميزة؟
¶ نعمل مع الفنان اللبناني الفرنسي طارق عطوي على مشروع تركيبي صوتي تفاعلي، يربط الموسيقى بالفن المعاصر. سيُعرض للمرة الأولى في المتحف بأداء حي، وهو مشروع طموح جدًا.

تمثيل متوازن 
◆ كيف تُعبّر مقتنيات المتحف عن الفن العربي من مختلف أرجاء الوطن العربي؟
¶ لدينا تمثيل قوي من مصر، العراق، المغرب، لبنان، وفلسطين. لكن هناك فجوات، مثل الجزائر والسودان، ونعمل على ردم هذه الفجوات سواء بالمعارض أو الاقتناء..

◆ هل لدى المتحف إستراتيجية لتقديم فنون من مناطق غير ممثلة بشكل كاف؟
¶ نعم نعمل على ذلك وقد نظمنا معرضًا للفنانة الجزائرية باية محي الدين رغم محدودية مقتنياتنا لها، وسنواصل العمل على تعزيز التمثيل، مثل السودان، عبر المعارض والعلاقات المجتمعية.

◆ وماذا عن المعايير التي يعتمد عليها المتحف في اختيار اللوحات الفنية التي تعكس مدارس الفن العربي المختلفة؟
¶ بالطبع هناك معايير فنية، سواء في جمع المقتنيات أو تضمينها في معارض خاصة بالمتحف حيث تتم دراسة الفنان وتأثيره في هذا المجال وكيف يؤثر على غيره سواء في التعليم الأكاديمي أو الفني فمثلا فنان مثل يوسف أحمد أعماله لها تأثير في تاريخ الفن في قطر فالاختيار يكون من هذا المنطلق كما أن المعارض تكون فرصة لدراسة الأعمال.

◆ نصيحتك لزائر المتحف؟
¶ أن يزور أكثر من مرة، فبعض المعارض تحتاج إلى وقت لاستيعابها. المتحف تجربة لا تُختصر بزيارة عابرة، بل حالة ذهنية وروحية.